الاستثمار في الأزمة على حساب الوطن والاقتصاد الوطني
يتجاهل الكثيرون أو يتناسون ذكر الاقتصاد بدلالاته ومعانيه، وبما يشكله من عمق لأي حراك شعبي قائم، فالتركيز يقتصر على السياسي مطالب وتداعيات، بينما يغيب الاقتصاد بكل تجلياته..
يتجاهل الكثيرون أو يتناسون ذكر الاقتصاد بدلالاته ومعانيه، وبما يشكله من عمق لأي حراك شعبي قائم، فالتركيز يقتصر على السياسي مطالب وتداعيات، بينما يغيب الاقتصاد بكل تجلياته..
حذرت قاسيون طوال سنوات من مغبة الانقياد وراء السياسات الليبرالية، ووضعتها في خانة واحدة مع الضغوط الخارجية الساعية لاقتلاع سورية من صلب المشروع المقاوم للمخطط الرأسمالي العالمي في المنطقة، وهذا ما أثبتت الأيام صحته مبرهنة على أن أهم أدوات التفتيت الداخلي التي ارتكزت إليها القوى المعادية هي ضرب الوضع الاقتصادي- الاجتماعي السوري بتطبيق السياسات الليبرالية على الأرض وتسريع تطبيقها لزيادة الاحتقان وفتح الباب أمام إمكانيات الاختراق تمهيداً للضربة الخارجية..
تغيرت عادات الاستهلاك لدى السوريين، وبات الاستهلاك الغذائي الهاجس الأساسي، والذي تمثل بزيادة إقبال السوريين على شراء كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية (خبز، زيت، سمون، حبوب، سكر)، وغاب عن الأذهان بشكل شبه كامل الإنفاق الثانوي لغياب النشاطات التي تتطلب إنفاقه، وهذا الإقبال ترافق مع شبه شلل في الحركة الاقتصادية، وارتفعت حالة الركود لضعف القدرة الشرائية عموماً،
عقدت جمعية العلوم الاقتصادية ندوتها الأسبوعية الثالثة عشرة بتاريخ 3/5/2011 تحت عنوان «التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية»، وتصدى خلالها المحاضر الأستاذ ربيع نصر لتعرية مفهوم الفقر واضعاً مفاهيم بديلة له..
انتشرت خلال العقود الأخيرة ثقافة الفساد والانتهازية التي ولدت ونمت في كل مفاصل الدولة في ظل حماية المنصب أو المسؤولية، وأصبحنا نرى الكثير من الانتهازيين والمنتفعين من الأزمات وأثريائها وراكبي الأمواج الذين يتاجرون بالحاجات الأساسية الملحة للمواطن السوري، لتحقيق أسرع وأكبر الأرباح إرضاء لطمعهم وجشعهم تحت الظروف الاستثنائية، حتى لو كان ذلك على حساب أمن الوطن والمواطن، وعلى حساب الناتج الاقتصادي الوطني، وهناك من يساعد هؤلاء الفاسدين المتاجرين بخيرات الوطن، ويغطي عليهم ويشاركهم أرباحهم، ضارباً عرض الحائط بالمصلحة الوطنية العليا.
دكتور قدري، هل حميت المستهلك منذ تسلمك هذه الوزارة؟ أم أنك لم تبدأ بعد؟
قدرت إحصاءات عام 2009 حول متوسط إنفاق الأسرة السورية الشهري على المواد الغذائية وغير الغذائية مقدار: 30000 ليرة للأسرة المكونة من خمسة أشخاص. (متوسط تعداد الأسرة في سورية).
ليس غريباً أن يحاول أي شخص أن يخفف من أثقاله إذا أتعبته الحياة بمشاقها. ولكن الحكومة يجب أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، لا أن تتهرب منها، وهذا يتطلب منها أن تنظر إلى الأمور نظرة واقعية وبحسٍ وطني عالٍ. فمعالجة الواقع يجب أن تنطلق من الواقع نفسه وهذه قضية هامة، والمهم ألا تصغي الحكومة أو اللجان الوصائية إلى نصائح من هم أعداء الوطن من بيوتات المال الغربية (صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو غيرها من المؤسسات المالية العالمية) لأن أي متابع يحاول دراسة تجارب البلدان التي اتبعت «نصائح» هذه المنظمات، ولاسيما نصيحة تجميد الأجور وفصل الدور الاقتصادي للدولة عن دورها الاجتماعي يجد بأنها قد أدت إلى:
من المفيد لفت النظر إلى إطروحة تضليلية تحاول أن تضع مجموع عملية الإصلاح على «السكة الغلط»، وهي تدعي أن السير في طريق الإصلاح الاقتصادي بمعناه الليبرالي الذي يتجاوب مع مصالح قوى السوق والسوء سيفضي إلى ديمقراطية سياسية، والواضح أن قوى السوق العالمية تحاول في ظل العولمة المتوحشة فرض شروطها الاقتصادية على العالم بأجمعه، وهذه القوى لها امتداداتها المحلية التي تسعى ليس فقط للهيمنة الاقتصادية، وإنما أيضاً من خلالها إلى الهيمنة السياسية، وهي حين لا تستطيع الوصول إلى أهدافها السياسية مباشرة، تضغط بكل قواها اقتصادياً كي تمهد السبيل لأهدافها النهائية.
لم يتغير بين معارضةٍ اقتصاديةٍ فصيحةٍ لحكومتي العطري المتعاقبتين ولسياسات نائبه الاقتصادي عبد الله الدردري، وبين وصوله مجلس الشعب ثم الحكومة الحالية كنائبٍ لرئيسها للشؤون الاقتصادية ووزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، وكلَّ مرة يحمـل الحـوار في الاقتصــاد الكلـي مـع د. قدري جميل قيمةً مضافة فهو النصير الدائم لقطاعات الإنتاج الحقيقي، والداعي إلى البحث عن المزايا المطلقة في الاقتصاد السوري، والمتفائل ببلوغ نسبة عائدية تصل 50%، يريد أن يزيد مساحة الكعكة ويريد تقسيمها بشكلٍ عادل، ثم يطمئن القطاع الخاص بأن الانعطاف مع بوصلته لن يكون إلا للأمام، فلا عودة إلى الخلف وإن عادت وزارة التجارة الداخلية.