تغير عادات الاستهلاك

تغير عادات الاستهلاك

تغيرت عادات الاستهلاك لدى السوريين، وبات الاستهلاك الغذائي الهاجس الأساسي، والذي تمثل بزيادة إقبال السوريين على شراء كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية (خبز، زيت، سمون، حبوب، سكر)، وغاب عن الأذهان بشكل شبه كامل الإنفاق الثانوي لغياب النشاطات التي تتطلب إنفاقه، وهذا الإقبال ترافق مع شبه شلل في الحركة الاقتصادية، وارتفعت حالة الركود لضعف القدرة الشرائية عموماً، 

وهو عامل موضوعي ناتج عن ضعف الرواتب والأجور، والآخر يتمثل بخوف السوريين من المستقبل الغامض، والعمل على مبدأ «خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود»، وهو ما يفعله السوريون اليوم، فالخوف ضارب أطنابه.. فعلى سبيل المثال، نجد في بعض الأوقات طوابير طالبي الرغيف، والتي أعاد للذاكرة ما يحكى عن مشاهد الثمانينات وطوابيرها، ليتدافع الناس بعدها لتأمين أكبر الكميات المتاحة من مادة الخبز، لأن الأزمة -وحسب اعتقادهم- وقعت، والشاطر «ينفد بجلدو»، ليتبين فيما بعد أنها أزمة  مفتعلة، كغيرها من الأزمات التي يسعى البعض لافتعالها..

الاحتجاجات بدأت تؤثر سلبيا في الاقتصاد السوري، هذا ما لا يمكن إنكاره أو تجاهله، ولكن التأثير لا يزال ضمن الأطر الضيقة والمٌسيطر عليها، وهذه الأمثلة حول تأثر الاقتصاد بالاحتجاجات ليس الوحيد، فاقتصاد الظل تفاقمت مظاهره، وباتت أرصفة المدن والشوارع مرتعاً وساحة مشرعنة لأصحاب البسطات، حيث تضاعف عددها ونسبتها بأكثر من 100% في الأسابيع القليلة الماضية، وربما بات مطلوباً أن نكتب على أرصفتنا: «ممنوع مرور الموطنين»!! لأن لا مجال لذلك.. كما تعطلت التجارة الخارجية، وتجمدت النشاطات الإنتاجية، وتضررت عملية تسويق العديد من المحاصيل الزراعية في بعض المدن لإغلاق بعضها، وخوف البعض من تسويق إنتاجه إلى المدن في هذه الظروف الأمنية..

إذاً، فالمشهد الاقتصادي في سورية اليوم معقد، ومشكلاته متشعبة، وبالتالي، فإن هذه المشاكل المتشعبة تتطلب حلاً مركباً، وليس تقليدياً، لأن نتائجه ستكون سلبية بالتأكيد، أو في أحسن الأحوال غير ناجعة، فقبل أن تقع الفأس بالرأس، وتتحول المقدمات إلى نتائج، علينا أن نستفيق، ونسعى لحلحلة مشكلاتنا الآنية قبل أن تدخل مرحلة تعقيد، يصعب عندها حلها، وترتفع تكلفتها؟!