أطفال سورية: ملايين المحتاجين وانخراط قسري في سوق العمل

أطفال سورية: ملايين المحتاجين وانخراط قسري في سوق العمل

منذ انفجار الأزمة في البلاد قبل 11 عاماً، طالت آثارها الكارثية المجتمع كله، وبطبيعة الحال، كان الأطفال هم الشريحة الأكثر ضعفاً وهشاشة. حيث خلّفت الأزمة وتداعياتها ملايين الأطفال المحتاجين الذين يضطرون إلى الانخراط قسرياً في سوق العمل لسد جزء من الفجوة الهائلة بين الأجور والحد الأدنى لتكاليف الغذاء والمعيشة، بينما تعيش الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال في بيئات وظروف غير مواتية تهدد بتأثيرات اجتماعية سلبية قد تمتد إلى جيلين بالحد الأدنى.

في هذا الصدد، نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، تقريراً جديداً في آذار/2022، بيّنت فيه جزءاً من الأرقام المرتبطة بمعيشة الأطفال السوريين داخل البلاد وخارجها، بما في ذلك أعداد الأطفال المحتاجين عموماً، ونسبة الأطفال من عموم السوريين النازحين واللاجئين في دول الجوار، وكذلك الأضرار المباشرة التي لحقت بالأطفال جسدياً ونفسياً، وكذلك الواقع التعليمي والغذائي المرتبط بهؤلاء الأطفال.

من 8 مليون إلى أكثر من 12.3 طفل محتاج

وفق تقديرات اليونيسف، ارتفعت أعداد الأطفال السوريين الذي يحتاجون إلى مساعدة من 8 ملايين طفل في عام 2019، إلى 12.3 مليون طفل في 2022، ما يعني أن قرابة 4.3 مليون طفل سوري إضافي (53.7%) قد باتوا بحاجة إلى مساعدة خلال ثلاث سنوات.
ومن أصل 12.3 مليون طفل يحتاجون إلى المساعدة في 2022، يوجد حوالي 6.5 مليون طفل داخل سورية، بينما يتوزع 5.8 مليون طفل على دول الجوار (تركيا، العراق، الأردن، لبنان، بالإضافة لمصر). ما يعني أن عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة داخل البلاد قد فاق عدد من هم خارجها.


1063a


6 ملايين طفل نازحين داخلياً وخارجياً

من الظواهر الملفتة في عام 2021 هي ارتفاع أعداد الأطفال النازحين داخلياً وخارجياً بشكلٍ غير مسبوق. ففي عام 2020، كان هنالك ما يقارب 5.1 مليون طفل سوري نازح، منهم 2.6 مليون طفل نازح داخل سورية، و2.5 مليون في دول الجوار. أما في عام 2021، فقد ارتفع العدد الإجمالي للأطفال النازحين إلى 6 ملايين، موزعين بين 3.2 مليون طفل نازح داخل البلاد، وحوالي 2.8 مليون طفل في دول الجوار.
ومن أصل 3.2 مليون طفل نازح داخل البلاد، يوجد ما يقارب 2.8 منهم في محافظة إدلب. أما الأطفال النازحين في دول الجوار فهم موزعون على النحو التالي: 1.68 مليون طفل في تركيا، و476 ألف طفل في لبنان، و364 ألف طفل في الأردن، و125 ألف طفل في مصر، و117 ألف طفل في العراق.

من المدرسة إلى سوق العمل الجائر

أجبرت ظروف الأزمة الغالبية العظمى من العائلات السورية النازحة على تبني آليات تكيّف وتأقلم ضارة، مثل إرسال الأطفال إلى العمل بدل من إرسالهم إلى المدرسة للتعلم، بينما يواجه عدد غير معلوم من الأطفال خطر الزواج المبكر والقسري في بعض الحالات.
وفي هذا الصدد، أفادت 17% من الأسر السورية النازحة داخلياً عن وجود طفل واحد أو أكثر في العائلة تركوا المدرسة والتحقوا بسوق العمل لتأمين احتياجات الأسرة، وهؤلاء الأطفال معرضين بطبيعة الحال إلى استغلال مضاعف في السوق، حيث يضطرون لبيع قوة عملهم بأبخس الأثمان والعمل في ظروف غير إنسانية سواء لجهة عدد ساعات العمل أو طبيعة العمل الذي يتطلب في كثير من الأحيان جهداً عضلياً فائقاً سيترك آثاراً على صحة هؤلاء الأطفال على المدى الطويل.


10632b


أبناء الأزمة: 6 ملايين طفل منذ 2011

هنالك اليوم حوالي 6 ملايين طفل سوري ولدوا منذ انفجار الأزمة في البلاد عام 2011، منهم 4.8 مليون طفل موجود داخل سورية وأكثر من مليون طفل ولدوا خارج البلاد.
وهؤلاء يتشكّل وعيهم تحت الضغط المتواصل الناجم عن سنوات الأزمة، بكل ما يعنيه ذلك من آثار اجتماعية سلبية بعيدة المدى. وبهذا المعنى، أفاد ثلث العائلات السورية التي تم استطلاع آراؤها عن وجود مشاكل نفسية ملموسة لدى أطفالها.

الصحة والتغذية: أمثلة واضحة على الأزمة

بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 20% من الأطفال دون الخمس سنوات داخل البلاد من سوء تغذية حاد، ذلك في ظل ما لا يقل عن 12 مليون مواطن سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي (54% من السكان). بينما تشير البيانات أن 89% من العائلات اللاجئة الموجودة في الأردن لا تستطيع تأمين احتياجاتها الغذائية الضرورية الأساسية.
وعلى الصعيد الصحي لا يقل الوضع سوءاً بالنسبة للأطفال، حيث لا يعمل داخل البلاد سوى نصف مراكز الرعاية الصحية بكامل طاقتها، وذلك في ظل غياب بيانات واضحة حول الوضع الصحي للأطفال الموجودين داخل البلاد، الذين تتأزم أوضاعهم الصحية إلى حد عانى فيه طفل من أصل كل 4 أطفال من التقزم في بعض المناطق.
وفوق ذلك، تؤكد خطة الأمم المتحدة الإقليمية للاجئين وتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات أن طفل من كل 5 أطفال لاجئين (في الأردن ولبنان فقط) يعانون من إعاقات جسدية مباشرة.


10632c


التعليم: تراجع شامل على كافة المستويات

يوجد اليوم، في الحد الأدنى، 3.6 مليون طفل سوري لا يجلسون على مقاعد الدراسة لا داخل سورية ولا خارجها. حيث هنالك ما لا يقل عن 2.45 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة (داخل سورية)، 60% منهم ذكور و40% إناث، وهنالك 15% من الأطفال الذين هم في عمر الدراسة وموجودين داخل سورية يعانون من إعاقات جسدية. بينما هنالك 1 من كل 3 مدارس لا تصلح للاستخدام إما لأنها دُمرت أو تضررت أو يتم استخدامها لإيواء عائلات نازحة أو حتى استخدامها للأغراض العسكرية.
أما في دول الجوار، فالوضع ليس أفضل إطلاقاً، حيث تشير التقديرات إلى أن هنالك 750 ألف طفل سوري لاجئ خارج مقاعد الدراسة. وهو الرقم الذي يعني أن ثلث الأطفال السوريين اللاجئين في دول الجوار هم خارج مقاعد الدراسة فعلياً.

 

(النسخة الانكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1063
آخر تعديل على الجمعة, 15 نيسان/أبريل 2022 12:41