عرض العناصر حسب علامة : الفقر في سورية

الشتاء ما بين قسوة البرد وصمود الأرواح!

ها هي برودة الطقس تجد طريقها إلى حياة المواطن المفقر مجدداً، ليس فقط عبر انخفاض درجات الحرارة، بل عبر كل تفاصيل يومه المحفوفة بالمعاناة والحرمان، وسط ظروف صعبة تجعل الشتاء تحدياً مضاعفاً وعبئاً كبيراً على عاتق معظم الأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشة الحالية، وتحت وطأة التقاعس واللا مبالاة الرسمية!

مناكل على قدّ الراتب

يتمازح العاملون فيما بينهم حين يتطرّقون لقيمة أجورهم، وما يمكن أن تؤمّن لهم من احتياجاتهم المعيشية. فالبعض يقول «راتبي يساوي 50 سندويشة شاورما أو 15 علبة فيتامين مستورد»، ولكن هذا المزاح ما هو إلّا جزء من واقعهم، وهذه التراجيديا اليومية هي واقع ملموس، فلكل سلعة سعر ولا يمكن قياس أيّ أجر إلّا بقوّته الشرائية، فالحد الأدنى من الأجور فعلياً يساوي «10 كغ مسبَّحة» لا غير أمّا مَن أجره بحدود المليون ونصف المليون ليرة فقيمته تساوي 150 كغ بطاطا، وهكذا دواليك.

السياسة الأجرية والمالية المجحفة حينما تُحمِّل الحكومة أعباءها للمواطن!

في ظل تدهور الوضع المعيشي المعمَّم في سورية، تستمر الحكومة بتبني سياسات مالية تهدف إلى الالتفاف على جوهر مشكلة تدنّي الأجور وضآلتها من خلال حلول ترقيعية، بدلاً من مواجهة المشكلة وحلّها بشكلٍ جذريّ!

العامل المليونير

راتبهم بالملايين، لذلك تحلم الأغلبية العمالية بأجرٍ مثلهُ، يُطلَق عليهم في بعض الأوساط العمّالية «الخواجات»، فأجرهم يصل لستة ملايين ليرة، يعملون في أغلب الأحيان بالإدارات الوسطى للشركات والمؤسسات، أو أنهم مهنيّون محترفون يشرفون على خطوط الإنتاج، أو أقسام المبيعات والمشتريات، وغيرها من المواقع التي تحتاج لنوعٍ خاصّ من الكفاءة المهنية والإدارية. يُنظر لهم على أنهم «عايشين» وليسوا محتاجين لشيء. وللوهلة الأولى يُعتبَر هذا طبيعياً إذا ما قارنّاه بالشرائح العمالية الأقل أجراً أو ذات الحد الأدنى للأجور، أو حتى ببعض المهن «اللّي ما بتجيب همها». فهل حقاً هؤلاء العمّال بخير؟ وهل نستطيع القول بأنّهم ضمن دائرة الأمان المعيشي المفترض؟ أم أنَّ لواقعهم معطياتٍ مختلفةً عمّا تحجبهُ الأصفارُ الستّةُ المصفوفةُ في قيمةِ راتبهم «السخيّ».

بصراحة .. الفقر والجوع هو العنوان

من المؤكد أن فرص العمل والأجور من أكثر القضايا إلحاحاً، ومن أكثر القضايا التي يجري تداولها على ألسنة من يبيعون قوة عملهم، سواء العضلية منها أو الفكرية. فهنا لا فرق بين الاثنتين من حيث النتيجة النهائية، وهي ضرورة تحسين الوضع المعيشي، المتناسب مع غلاء الأسعار، التي تقفز الآن قفزات متسارعة لا يمكن للأجور الحالية إدراكها، أو الوصول إلى حاله قريبة منها، مما يعني استمرار الحال على ما هو عليه من بؤس وحرمان للعاملين بأجر، ما يعني انقسام المجتمع إلى فريقين أساسيين ناهبين ومنهوبين، يجري الصراع بينهما.

الفقر والصراع الطبقي

تعرّض العمال في سورية منذ ما قبل انفجار الأزمة بعدة عشرات من السنين، لعملية تضليل ممنهجة -ازدادت خلال الأزمة- ركيزتها الرئيسيّة تجزئة القضايا الأساسية، واعتبارها مسائل منفصلة لا روابط فيما بينها. وانطوت هذه العملية على الفصل في الخطاب بين السياسي والاقتصادي، من أجل انقسام العمال على أنفسهم، وتغييب الصراع الطبقي، الذي يوحّدهم حول مصالحهم ومطالبهم وحقوقهم المسلوبة.

الخطف من أجل الفدية ظاهرة سلبية متفاقمة تحتاج الحل الجذري!

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، وما زالت، بالأخبار المتداولة عن اختطاف الشابة كريستينا إبراهيم الحسن، والشاب محمد أحمد الفضلي، وعمّا تعرضوا له من تعذيب موثق بالصور على أيدي الخاطفين المجرمين، والتي تم إرسالها إلى ذويهم من أجل الضغط عليهم لدفع الفدية المطلوبة لتحرير كل منهم، حيث طُلب من ذويهم مبالغ مرقومة بعشرات آلاف الدولارات فديةً!

بين التصريحات والواقع... جوع العمال مستمر

ترتفع وتيرة التصريحات التي يطلقها المسؤولون الحكوميون والنقابيون عبر وسائل الإعلام المختلفة في الفترة الأخيرة، متحدثين عن «تحسين» الوضع المعيشي لعموم الفقراء ومنهم العمال، ولم يعودوا يذكرون في تصريحاتهم جملة «إنْ توفرت الموارد».

قراءة في بيانات 2023: الأزمة أشد والتراجع الاقتصادي تعززه السياسات

تقدّم البيانات صورة قريبة للأوضاع الاقتصادية المريرة التي تعصف بالشعب السوري، فالتراجع الاقتصادي في سورية يظل أمراً لا ينكر ولا يُخفى. حيث لا يقتصر دليل هذا التدهور على دراسات الخبراء والمحللين، بل يتجلى أيضاً في الأرقام الرسمية التي تصدرها الحكومة، بما في ذلك الأرقام المتعلقة بالموازنات العامة للدولة. ومع ذلك، يصر أصحاب القرار في البلاد على تقديم صورة مختلفة، ويحاولون بكل جهد تلوين الواقع بألوان زائفة.