السوريون... بين اللجوء والهجرة مليون مهاجر في الخليج ومليون لاجئ في أوروبا وأكثر من 5,5 ملايين في الإقليم

السوريون... بين اللجوء والهجرة مليون مهاجر في الخليج ومليون لاجئ في أوروبا وأكثر من 5,5 ملايين في الإقليم

ارتفع عدد السوريين اللاجئين في الخارج ليقارب عدد النازحين في الداخل، ليشكل كل هؤلاء السوريين غير المستقرين من لاجئين ونازحين نصف عدد السوريين التقديري الإجمالي، الذي يجب أن يقارب 26 مليون بافتراض ثبات في معدلات النمو السكاني... وهو الافتراض الحكومي غير المستند إلى البيانات، ولكنه الوحيد المتاح بكافة الأحوال. وعدا عن اللاجئين والنازحين بأرقامهم الضخمة وأزمتهم الإنسانية، فإن أرقام المهاجرين تبدو أقل شأناً أو أقل قدرة على الرصد والتقدير، الأمر الذي لا يعني أنها قليلة أبداً!

اللجوء يصل إلى 6,6 ملايين و70% فقراء!

وصل عدد اللاجئين السوريين وفق آخر تقديرات منظمة UNHCR إلى 6,6 ملايين لاجئ، ليقارب بهذا لأول مرّة عدد النازحين داخلياً البالغ 6,7 ملايين.

عدم الاستقرار هو السمة العامة لأوضاع اللاجئين السوريين، وتحديداً مع تركزهم الكبير في الإقليم، حيث الأوضاع الاقتصادية والسياسية تضطرب في كل دولة وتحمل ثقلها على أضعف الفئات الاجتماعية واللاجئون في مقدمتها. حيث 5,5 ملايين لاجئ في دول الجوار ومصر، و3.6 ملايين منهم في تركيا.

وفق تقديرات البنك الدولي فإن 70% من اللاجئين السوريين عموماً فقراء، برقم يقارب نسبة 85% من السكان داخل سورية الموصوفين دولياً كفقراء... وكما يقال: (الحال من بعضه) لكل متعبي سورية.

الوضع الأسوأ هو للاجئين السوريين في لبنان والأردن والعراق البالغ عددهم الإجمالي: 1,7 مليون لاجئ تقريباً، ومليون منهم مع 4,4 ملايين من المواطنين في الدول المضيفة قد انتقلوا للفقر خلال عام 2020! بعد أن فقدوا أعمالهم وتراجعت المساعدات وتدهورت أوضاعهم الصحية.

اللجوء في أوروبا زيادة 150 ألف بعد الموجة الكبرى!

اللاجئون السوريون في مجمل أوروبا سواء في دول الاتحاد أو خارجها وصلت أعدادهم إلى مليون في آذار 2021. وهو ارتفاع في الرقم الذي قُدّر في نهاية عام 2017 بحوالي: 850 ألف طلب لجوء تقريباً، بعد توقف موجة الهجرة الكبرى وإعادة عمليات إيقاف اللاجئين غير الشرعيين في تركيا، ومنعهم من الوصول إلى أوروبا، وهذه الزيادة هي إلى حد كبير من عمليات لمّ الشمل التي يسمها اللاجئون بالبطء، ويمكن أن تكون قد قاربت نسبة بين 10-15% من اللاجئين. ووسطياً قرابة 12 حالة لم شمل وهجرة أسر لكل 100 لاجئ تقريباً.

عموماً، هؤلاء المليون لاجئ في أوروبا بوضع أفضل، وأكثر من نصفهم في ألمانيا بينما نسبة 11% في السويد، والباقي موزع بين فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى.

لا توجد تقارير شاملة ومعلنة حول أوضاعهم التفصيلية، ولكن وفق تقارير واستبيانات من ألمانيا في العام الحالي حول عموم لاجئيها، فإن نسبة 43% من اللاجئين الباحثين عن عمل في 2016 قد تمكنوا من الحصول على توظيف في عام 2018، بينما نسبة 57% لم يتمكنوا من ذلك... وفي استطلاع أُجري على شباب سوريين في ألمانيا فإن نسبة 54% منهم قد أشاروا إلى أن أسرهم لا تحصل على دخلٍ يغطي الحاجات الأساسية. وحتى إن كانت معايير الحاجات قد اختلفت بين الأسر السورية في سورية ولبنان وألمانيا... إلّا أن هذا لا يعني أن الأسر السورية في ألمانيا لا تعاني من الحرمان أيضاً، إذ إنها مضطرة لقياس حاجاتها بمتطلبات المجتمع الذي تعيش فيه.

1013-3

 

1013-4

المهاجرون السوريون... لا إحصاء رسمياً وتقديرات من الخليج

لا توجد أعداد تقديرية حول المهاجرين السوريين إلى الخارج، وآخر الإحصائيات الحكومية بهذا الخصوص كانت في التعداد العام لعام 2004. عندما كانت تقديراتهم تصل إلى: 657 ألف سوري مهاجر إلى الخارج ممن هم فوق عمر الـ 15 عاماً، بينما أعدادهم مع أطفالهم أكبر من ذلك، وهو ما لا تقدره الإحصائيات... أي: إن أعدادهم كانت تزيد على 4% من السكان.

اليوم، يصعب الوصول إلى تقدير عدد المهاجرين الكلي إن لم يكن من مصدر حكومي، خاصة أن العديد من دول الهجرة التي يؤمها السوريون بعد شروط ومتطلبات ومؤهلات عالية، فإنهم غالباً ما يحصلون على الجنسية في أغلب هذه الدول بعد فترة معينة، وخاصة في الغرب كما في أوروبا أو الأمريكيتين. ورغم الحفاظ على الجنسيات السورية فإن جنسياتهم الثانية وتحولهم إلى مواطنين يجعل إيرادهم أو إحصاءهم بشكل مستقل غير وارد في معظم البيانات السكانية لهذه الدول، وبالعموم فإن البعض يوصل أرقام هؤلاء إلى ما يزيد على 20 مليوناً في تقديرات المجتمعات العربية في الغرب.

بغض النظر عن الهجرات القديمة، فإن موجة الهجرة من سورية ارتفعت قبل الأزمة، وبعد عام 2005 تحديداً، وارتفعت بحدّة بعد الأزمة بطبيعة الحال، لا يوجد مقياس واضح ودوري لهذه الأعداد، كما في حالة اللاجئين، إلّا أن بعض المؤشرات من أهم الدول التي يهاجر إليها السوريون عادة تعطي دلالات.

تتمركز الهجرة الجديدة السورية بالمقيمين داخل المنطقة وفي الخليج تحديداً، وسابقاً إلى لبنان والأردن. وفق تقديرات الإسكوا ومنظمة الهجرة الدولية فإنه حتى منتصف عام 2018 كان عدد المهاجرين السوريين في الدول العربية يقارب 1,3 مليون مهاجر، العدد الأكبر في السعودية بحوالي 745 ألف، بينما في الإمارات يتراوح العدد بين 320- 400 ألف، ويصل العدد في لبنان إلى 200 ألف غير اللاجئين بأرقام تقريبية لا توجد لها تقديرات دقيقة. بل إن بعضها يتناقض مع تصريحات رسمية لوزارة الخارجية السعودية منذ عام 2015 يشير إلى أنها استقبلت 2,5 مليون سوري بعد الأزمة، وأنهم يعتبرون (ضيوفاً) في المملكة! أما في الإمارات وهي الوجهة الثانية الأكبر، فإن البعض يوصل الرقم إلى مليون سوري، بينما تبدو هذه التقديرات بعيدة عن الواقع.

الملفت في تقديرات تقرير المنظمتين الدوليتين هو مستوى التغير في معدلات الهجرة السورية إلى الخليج والسعودية تحديداً، وتوقيتاته الزمنية، فعملياً ازداد تعداد السوريين المقيمين في السعودية بنسبة 5% خلال عشر سنوات بين 1990-2000. ولكنه ازداد بين 2000-2010 بنسبة: 60%. أما بين عامي 2010 ووصولاً إلى 2017 ارتفع العدد بنسبة 44% وأقل من المعدل في السنوات العشر السابقة...

لمعادلة التغيّر طرفان، فمن جهة دول الخليج لم تعد بالقدرة ذاتها على استيعاب تدفق العمالة العربية كما كانت في مطلع الألفية، ومن جهة أخرى فإن نسبة من السوريين المقيمين في الخليج قد لجأوا إلى أوروبا، وهؤلاء تمّ تعويض جزء منهم بالقادمين الجدد من سورية ما أدى إلى عدم زيادة الرقم بالمستوى ذاته لما قبل الأزمة.

الأزمة السورية عصفت خلال عقد من الزمن بالتركيبة السكانية السورية، فأخرجت خلال عقد من الزمن قرابة 8 ملايين مواطن بأقل التقديرات من البلاد... وأخرجت 6.7 ملايين آخرين من منازلهم، وتغيرت الوقائع الجغرافية والسكانية والبيئة الاجتماعية لقرابة 60% من السكان. ومن مجتمع مستكين وقليل الترحال إلى حالة تجريف اجتماعي واسع، ومعدلات لم تشهدها أية أزمة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية! مؤشرات، وهي وحدها كفيلة بأن تقول: إن البلاد في حالة فشل وتحتاج إلى إنقاذ. وإن إعادة أكثر من نصف المجتمع السوري إلى موطئ قدمه هي مهمة لا تُحل إلّا بعاصفة أخرى اجتماعية وسياسية واقتصادية واسعة، خارج كل المعطيات الضيقة والمحاولات الشكلية اليائسة لإصلاح مدرسة هنا، وتوزيع سلة هناك... البلاد تحتاج إلى ظرف تغيير شامل يسمح لها باستعادة سكانها، وإلّا فإنّ من تبقى من 40% من السكان داخل البلاد سيجدون طريقاً ما للهرب أو للانفجار

1013-5

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
1013
آخر تعديل على الإثنين, 12 نيسان/أبريل 2021 13:45