(المقترحات الجنونية) حول رفع الدّعم وتوزيع 25 ألف ليرة!

(المقترحات الجنونية) حول رفع الدّعم وتوزيع 25 ألف ليرة!

تكثر وتتكرر التصريحات التي تتحدث عن التخلص من عبء الدّعم الاجتماعي، وفاتورته البالغة 3500 مليار ليرة بحسب الحكومة... وتوزيعه نقداً بمقدار 25 ألف ليرة شهرياً لكل شخص، أي: استبدال المواد رخيصة الثمن بكتلة نقدية توزع على حوالي 15 مليون شخص...

فكيف سيساعد هذا في حل أية مشكلة من المشاكل المتراكمة في وجه السوريين؟!
المشكلة الأساسية اليوم مركبة من أزمتين: المواد الأساسية غير متوفرة كمياً، وتوفيرها بالأسعار المحررة سيجعل المجتمع غير قادرٍ على استهلاكها، أي: لن يحل المشكلة عملياً. والتي لا حلّ لها إلّا بتوفير الأساسيات بسعر يتناسب مع الدخل.
الحل المطروح سيعني زيادة دخل الفرد الوسطي سنوياً بمقدار 300 ألف ليرة، بينما الدخل الوسطي السنوي في عام 2019 وفق آخر إحصائيات الحكومة كان حوالي: 790 ألف ليرة سنوياً، أي: ما كان يعادل حينها: 1100 دولار للفرد!
فإذا اعتبرنا أن الرقم ثبت حالياً، والدخل الوسطي للفرد في سورية في 2020 أصبح يقارب بسعر الليرة حالياً: 3 ملايين ليرة... فإن هذه الزيادة السنوية لن تكون إلّا نسبة: 10%. فكيف ستستطيع هذه الـ 10% الزيادة أن تغطي كل ارتفاع الأسعار الذي يمكن أن ينتج عن (جنون) رفع الدّعم وتحرير الأسعار بالكامل؟!

كيف يمكن لـ 300 ألف ليرة سنوياً أن تغطي ارتفاع الأسعار الذي قد يحصل من تحرير أسعار الطاقة والخبز، إذ قد يرتفع تسعير المازوت للنقل والزراعة والصناعة ما بين 150- 550%، ليصل إلى سعر التكلفة البالغ 1000 ليرة. وستتضاعف أسعار الكهرباء بنسبة 315- 1500%، وسيصبح على الأسرة أن تستهلك ربطة خبز يومياً بـ 680 ليرة؟!
إنّ الإعلان عن ضخ الـ 5000 ليرة في السوق أدى إلى ارتفاع في أسعار الغذائيات فاق الـ 30% خلال أسبوعين... فما الارتفاع الذي ستصل إليه أسعار الغذائيات وعموم المستوى العام للأسعار مع رفع المازوت والكهرباء والخبز بهذه النسب؟! نترك التقدير الدقيق لأعضاء مجلس الشعب والجهات الحكومية التي تبحث في قرار من هذا النوع...

إنّ مثل هذا الإجراء هو إعلان (انهيار الليرة) ومعها إعلان (انهيار آخر وظائف جهاز الدولة) ولن تستطيع السلطات النقدية مهما ضخت من الليرات أن تلاحق الارتفاع في المستوى العام للأسعار.
إنّ ما نشهده اليوم من تقليص كميات المواد المدعومة، وعدم تأمين الأساسيات هو خطوة هامة في هذا الاتجاه، أما تحرير الأسعار نهائياً وإنهاء الدّعم، هو الإجهاز على (شعرة معاوية) المتبقية في الواقع السوري. وكما يقال: (لا دخان بلا نار) إذ هنالك بالفعل قوى تريد أن (تقطع آخر شعرة) متبقية لوجود جهاز دولة فاعل اقتصادياً واجتماعياً... يمكن أن تتم إدارته لاحقاً واستعادة وظائفه تدريجياً، هذه القوى تظهر في طروحات إلغاء الدّعم وتحرير أسعار الطاقة والخبز، وهي ذاتها التي تعطي إشارات لتعويم العملة، وهي بالمعنى السياسي تعمل بمنطق: (أنا ومن بعدي الطوفان)! دافعة بالقليل المتبقي من تماسك البلاد والمجتمع إلى المجهول.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1004
آخر تعديل على الإثنين, 08 شباط/فبراير 2021 00:49