الدردري.. مقارنات لابدِّ منها..
المقارنة بعلم القانون هي التي استطاعت تطويره، بنقله من مرحلة لأخرى أرقى منها، ونتمنى أن تسير السياسة الاقتصادية على القاعدة ذاتها وتأخذ الايجابيات من أسلافها وسابقيها.
فالدردري وفريقه الاقتصادي من حديثي العهد بالسياسة الاقتصادية السورية لا تهتز أجفانهم لملايين المحرومين والعاطلين عن العمل، وجل اهتماماتهم الوصفات الاقتصادية الجاهزة، ودراسة التجارب المحققة والتغزل بمنجزاتها، وتجاهل سلبياتها والتعتيم عليها، وكأنها غير متواجدة.
أنطلق من قول الدردري: (إن اخطر الحكومات تلك التي لا تتخذ قرارات)، فكلام السيد الدردري أعطى لديكور التطوير الأهمية القصوى باعتباره أولوية، مذكّرنا بحكومة السنيورة الانفتاحية سياسياً واقتصادياً التي أخذت في جلسة واحدة وخلال ساعات أكثر من سبعين قراراً (عفرد قعدة)، بينما الشعب اللبناني لم تزد حياته إلا تعقيداً، واشتدت الأزمة الاقتصادية الخانقة عليه..
المشكلة لا تحل برزمة من القرارات.. وهذا يؤكد المنطق الشكلي للفريق الاقتصادي .
ويتابع الدردري ليقول: (إن رفع أسعار المحروقات ليس فقط لإنقاذ الموازنة وإنما لإنقاذ الاقتصاد السوري). والمغالطة هنا ثنائية الأبعاد أولها اقتصادية والأخرى إنسانية، فمتى كانت الحكومات في التاريخ تخطط للاقتصاد من أجل الاقتصاد فقط بصرف النظر عن المستفيدين؟ كما وأنه تجاهل الملايين المعدومة والدور الوطني الذي يمارسه الدعم بصفته المنقذ الأول من براثن الفقر، ولعل هذا سيدخله كتاب غينس للأرقام القياسية لتحقيقه أكبر نسبة إفقار في التاريخ!!، وهو بهذا لا يختلف عن القائلين بنزع سلاح حزب الله من أجل إنقاذ البلد. فتصويرهم للسلاح كتصوير الدردري للدعم على أنه عبء على الوطن ولا ضرورة لوجوده أو ارتباطه بأي دور وظيفي مناط به..
وأعلن الدردري: (إن سورية اختارت الصمود والمقاومة في وجه ما تتعرض له من ضغوطات من قوى دولية كبرى) ويقول بحديث آخر (إن نجاح اقتصاد السوق الاجتماعي يشترط تولي القطاع الخاص الجزء الأكبر من العملية الإنتاجية والتسويقية). وهنا نذكره بأن القطاع العام القادر المعافى لأية دولة في العالم هو نقطة قوتها وقلعة صمودها ومصدر منعتها، وتجريد الدولة من ملكيتها وقيادتها للاقتصاد كتجريد جسم الإنسان من كرياته البيضاء التي هي خط دفاعه الأول ورادع الجراثيم والفيروسات الآتية إليه، ونقول له إن تمسكه بالصمود يشابه تمسك البعض بالمقاومة، ولكنه يطلب تجريد المقاوم من أسلحته وعتاده بل وحتى سلاحه الأبيض أو أية أداة للدفاع عن نفسه.
ويضيف الدردري: (..الاستثمار الأجنبي والأوروبي كبير حتى بعد حرب تموز).. أيريد نائبنا الموقر أن يستخف بعقول الناس؟ أوليس لأي استثمار ودعم من الخارج ضريبة سيدفعها الشعب السوري، فما سر نجاح الفريق الاقتصادي بجذبه للاستثمارات الأجنبية والأمريكية والخليجية رغم كل الظروف غير المستقرة التي تعتبر العامل الحاسم لجذب المستثمرين والاستثمارات، فالسنيورة أيضاً يأتيه الدعم الدولي من كل حدب وصوب، والمساعدات المتدفقة والمؤتمرات الدولية الداعمة.. ففي لبنان فاتورتها رأس المقاومة، فهل رأس المواطن هو المأمول منها في سورية.
ونذكره أنه تناسى خطاب السيد رئيس الجمهورية عندما قال: إن إلغاء الدعم يكون في حالة وحيدة.. بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع. فهل سنشاهد الدردري يوماً في أروقة مجلس الأمن يستجدي قراراً ويطالب بمحكمة دولية ليقطع بها رأس المواد المدعومة، أو نسمعه يقول إن قرار رفع الدعم سيمر ولو على أجساد الشعب السوري؟!
كل هذا الطموح والاستماتة لإبادة الشعب وإدخاله عالم المجاعات الإفريقي، والدردري ليس سوى جزء بسيط من القرار الاقتصادي، فما كان سيفعل لو كان صاحب سلطة نهائية في الاقتصاد والسياسة؟؟