علاء أبوفرّاج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
عالجت «قاسيون» في مواد مختلفة بعضاً من جوانب وثيقة الأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية حملت تاريخ تشرين الثاني 2025 ونشرت إلى العلن في بداية شهر كانون الأول الجاري، وحظيت باهتمام إعلامي واسع، إلا أن المناقشات السابقة عالجت الوثيقة الهامة كمجموعة من القضايا المنفصلة، لكن المطلوب هو فهم جوهر هذه الوثيقة.
لم تتوقف ردود الفعل على خطة الرئيس الأمريكي لإنهاء الصراع في أوكرانيا منذ سرّبت وسائل الإعلام بنودها الـ 28، بل إن جلسة مفاوضات جرت في جنيف أنتجت خطة معدلة من 19 نقطة أعادت الأزمة إلى المربع الأول، بحيث لا يمكن قبوله من قبل روسيا، التي تقف في موقع متقدم عسكرياً، ما يجعلها أقدر على فرض شروطها، حتى وإن تم ذلك على أرض المعركة بدلاً من طاولة المفاوضات!
انتهت الأحد 24 تشرين الثاني مباحثات رفيعة المستوى في جنيف بحضور الترويكا الأوروبية «فرنسا - بريطانيا - ألمانيا» وأوكرانيا مع مسؤولين من الولايات المتحدة لمناقشة خطة ترامب حول معاهدة سلام بين روسيا وأوكرانيا، وذلك وسط أنباء عن الوصول إلى توافق مبدئي حول الخطة المقترحة.
جاء الإعلان الأمريكي الأخير بخصوص إنهاء الحرب في أوكرانيا وكل ما رافقه من تسريبات في وسائل الإعلام بمثابة صدمة للبعض، فرغم أن الموقف الأمريكي كان يتأرجح في الآونة الأخيرة، ولا يخلوا من التصعيد إلا أنّ قمّة ألاسكا التي انعقدت شهر آب الماضي كانت خطوة في الطريق الوحيد! ويبدو أن الواقع يفرض نفسه مجدداً في ظل تقدم عسكري روسي لا يمكن إنكاره، ما يجعل خيارات أوكرانيا أضيق، هي والولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي من خلفها.
رغم حدوث عدد من التطورات خلال شهر تشرين الأول الماضي، ظلّ الوضع العام في منطقة غرب آسيا في حالة من الاضطراب، فالعديد من بؤر التوتر التي عملت واشنطن على إشعالها وتغذيتها لم تخمد بعد، لكن المشهد ورغم قتامته يضع أمامنا معطيات تساعدنا في فهم طبيعة التوازنات الحالية بشكلٍ أعمق.
انتهت انتخابات بلدية مدينة نيويورك الأمريكية بفوز كاسح للمرشح الاشتراكي الديموقراطي زهران ممداني. الحديث فرض نفسه على المشهد السياسي الأمريكي بما يعنيه من تحوّلٍ لافتٍ في معطياتٍ بدت أزلية وعصية على التغيير؛ فالمسألة تتعدى كون ممداني أول مسلم يصل إلى مقعد عمدة المدينة الأمريكية الأكبر لتشير إلى مزاجٍ عام داخل الولايات المتحدة بدأ يعبر عن نفسه بأشكالٍ مختلفة!
إن نظرة سريعة إلى العالم الذي نعيش فيه كافية لإدراك أننا نشهد تعقداً وتصعيداً أعلى في كل يوم جديد، وإن كانت النزاعات تتصاعد وتنخفض في بقعة ما إلا أن المشهد الدولي بأكمله يزداد سخونة، ولا يمكن رصد أي بادرة حقيقية للتهدئة حتى بات من المنطقي القول: إن أي تهدئة في أي مكان يقابلها تصعيد أشد في مكانٍ آخر!
تتجه الأنظار بكثافة إلى التطورات المتسارعة في القطاع؛ فرغم كل المسائل المتعلقة بسير الاتفاق الأخير والعقبات الحقيقة التي تواجهه، يظهر أن خيارات «إسرائيل» والولايات المتحدة تضيق، وهو ما يفسر أن ما جرى تنفيذه من الاتفاق كان خياراً إجبارياً ومؤشراً على حجم الأزمة، ويَفترض أن المرحلة القادمة ستكون أصعب؛ فالخيارات المطروحة على الطاولة بما فيها استئناف الحرب لن تكون سهلة، وتحديداً إذا ما نظرنا إلى المشهد الدولي والجبهات المشتعلة فيه.
تكاد لا تنقطع الأنباء عن التطورات الأخيرة بخصوص الاتفاق المزمع عقده لإنهاء الحرب في قطاع غزّة، ومع أننا شهدنا بالفعل خطوات ملموسة في هذا السياق، إلا أن الملف لم يطو بعد، ورغم أن الاحتمالات لا تزال مفتوحة، فإن الخطوة تؤشر إلى أن الشكل السابق في إدارة هذا الملف لم تعد صالحة، وتحتاج إلى تعديلات، وخصوصاً أن الحرب في عزّة تُعدّ تركة من تركات الإدارة الأمريكية السابقة، وهي التي فرضت شكلاً محدداً لها ووضعت أهدافها.
مع استمرار الحرب الطاحنة في قطاع غزّة، يزداد ثبات المقاومة الفلسطينية التي تثبت يومياً أنّها طرف فاعل في رسم واقع جديد لا يمكن احتوائه في حدود فلسطين المحتلة، بل يتجاوز ذلك في قدرته على التأثير في سير الأحداث في المنطقة.