الحرم الجامعي.. والبعد الاستغلالي
ها هي بوادر الاحتكار والاستغلال التي بشرنا بها رموز من القوى الطامحة نحو الانفتاح والليبرالية وتوسيع دور القطاع الخاص، تتبلور وتتجسّد بداياتها في جامعاتنا من مقاصفها إلى أكشاكها (مكتباتها)..
ها هي بوادر الاحتكار والاستغلال التي بشرنا بها رموز من القوى الطامحة نحو الانفتاح والليبرالية وتوسيع دور القطاع الخاص، تتبلور وتتجسّد بداياتها في جامعاتنا من مقاصفها إلى أكشاكها (مكتباتها)..
العامل هو العنصر الرئيسي في مختلف القطاعات، وهو حجر الأساس في العملية الإنتاجية، خصوصاً إذا توفرت له الظروف المناسبة والجيدة للعمل، من حيث الأجر وساعات العمل والتأمين والضمان الصحي...
يُعَدّ المهندسون أحد ركائز الصناعة الحديثة، ومن المستحيل الاستغناء عنهم في الإنتاج الآلي، وحتى في الإنتاج الحرفي، فإن العديد من الورش الناجحة تعود ملكيتها لمهندسين عمليين ومبدعين، يمتلكون مهارات يدوية رفيعة المستوى.
أجازت القوانين للنقابات العمالية المشاركة في صنع القرار من خلال ممثلي العمال في اللجان الإدارية في كافة المؤسسات والشركات والمعامل، وأكدت القوانين على أن يكون هؤلاء رسل العمال لدى الإدارات، وقد أعطى المرسوم التشريعي رقم 18 وتعديلاته ممثلي العمال في المجالس واللجان الإدارية حق طرح ما يرونه من آراء أسوةً بالمدير العام، والمشاركة المؤطرة في صناعة القرار بدءاً من أعضاء المكتب التنفيذي في الحركة النقابية وصولاً إلى أعضاء الاتحادات الفرعية والنقابات واللجان النقابية.
لم نفاجأ برفع الدعم عن المازوت، وهو المادة الإستراتيجية التي يرتكز عليها اقتصاد الوطن في كل مواقع الإنتاج الزراعي والصناعي، بالإضافة للخدمات، سواء في القطاع العام (قطاع الدولة) أو في القطاع الخاص.
حصل العاملون في الدولة سابقاً على زيادات في الرواتب والأجور، مع أن هذه الزيادات، لا تغطي من جَمَل الأسعار المرتفعة إلا أذنه! فما بالكم بمن لم يحصلوا على شيء!؟
يتعرض عمال القطاع الخاص إلى معاناة كبيرة في ظل قوانين الاستثمار التي صدرت لإقرار النهج الاقتصادي الجديد في سورية «اقتصاد السوق الاجتماعي»، ومنها مشروع تعديل القانون العمل /91/ لعام 1959، ومحاولة إلغاء المرسوم /49/ لعام 1962 الذي قدمت الطبقة العاملة من أجل إقراره الكثير من التضحيات، هذا فضلاً عن تفرد وزارة العمل وممثلي أرباب العمل بصياغة قوانين جديدة لا تتناسب مع مصلحه عمال القطاع الخاص
انعقدت في الآونة الأخيرة المؤتمرات النقابية السنوية، ومرة أخرى أكد العديد من النقابيين في مداخلاتهم على وعي وطني وطبقي. المطالب تتكرر، و السؤال هل ستصبح المطالب مدورة من عام إلى آخر كما جرت العادة، أغلب الظن أن الأمور ستأخذ هذا المنحى، ومن هنا فإن الطبقة العاملة وبحكم مصالحها الوطنية والطبقية سترتقي بنضالها ضد السياسات الليبرالية، وضد الهدر والروتين وفساد الإدارات، وهي بذلك تحقق مهمة وطنية وطبقية في آن واحد، ولها كل الحق في ذلك.
بادر الفريق الاقتصادي في الحكومة الحالية منذ تسلمه مفاتيح أبواب الاقتصاد الوطني، إلى قصقصة الدعم الحكومي بأساليب ومبررات مختلفة، وبحجة إعادة توزيع الدعم وإيصاله إلى مستحقيه حجبه عن أغلب المستحقين, في خطة غايتها إلغاء الدعم كلياً.. وآخر ما تفتقت عنه عبقرية أصحاب نظرية (وصول الدعم إلى مستحقيه) هي تعليمات جديدة صدرت عن وزير الإدارة المحلية مؤخراً، تؤكد «على عدم إمكانية منح الدعم الحكومي للعازب الوحيد أو الأكبر من العازبين، الذين لا يوجد لديهم دفتر عائلة بعد وفاة الأب والأم، ولم تمنحهم أمانة السجل المدني المسجل قيدهم فيها بطاقة عائلية جديدة، ولاعلاقة للتعليمات والاجتهادات الخاصة التي تمت خلال التوزيع السابق في العام الماضي بهذا الموضوع، ولا تنطبق عليه كونها تخالف أحكام القانون /29/ تاريخ 19/11/2009 وتعليماته التنفيذية».
التشريعات والقوانين ليست نصوصاً مقدسة، هي مجموعة من الأحكام والدساتير، تتكون نتيجة حراك اجتماعي، وتفاعلات مع الظروف الموضوعية المحيطة، ومن المؤسف أن تتحول التشريعات والقوانين في سورية، إلى بنية جامدة لا حراك فيها، فهناك قوانين سُنّت منذ 60 عاماً، ولم تعدل أو تلغى، وبقيت كما هي رغم التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي جرى في العالم، وأصبحت هذه القوانين ليس عبئاً فقط، وإنما حجر عثرة أمام الواقع الحالي.