الحرم الجامعي.. والبعد الاستغلالي
ها هي بوادر الاحتكار والاستغلال التي بشرنا بها رموز من القوى الطامحة نحو الانفتاح والليبرالية وتوسيع دور القطاع الخاص، تتبلور وتتجسّد بداياتها في جامعاتنا من مقاصفها إلى أكشاكها (مكتباتها)..
فالاتحاد الوطني لطلبة سورية ورئاسة الجامعة قاما بخطوات عظيمة ورائدة نحو الوراء مؤخراً، مصورين إجراءاتهم السلبية والفاشلة التي قاموا بها كإنجازات سيحسدهم عليها التاريخ والأجيال القادمة، إذ عمدوا إلى تلزيم الأكشاك والمقاصف إلى مستثمرين بعقود تتجاوز العشر أو الخمس عشر سنة، بطريقة تذكرنا بالعقود التي أبرمها خديوي مصر (اسماعيل) مع الفرنسيين والتي منحتهم حق احتكار قناة السويس لـ 99 سنة..
والأمر لم يتوقف عند ذلك، بل جسدوا الاحتكار بأسوأ صوره، بتعهيد الأكشاك لعدد قليل، وقليل جداً من المحتكرين الذين باتوا يتصرفون كحاكم مستبد، يأمر وينهى، في ظل غياب رقابة الاتحاد الوطني لطلبة سورية، التي إن وُجدت، فهدفها ليس متابعة الأخطاء والتجاوزات بقدر ما تهدف إلى استغلال هذه الحالات للحصول على مبالغ مالية (رشاوى)، مقابل السكوت عن هذه التجاوزات والمخالفات، والأمثلة كثيرة.
فالمقاصف باتت أسعارها سياحية بدل أن تكون أسعاراً مناسبة للشريحة الطلابية عديمة الدخل، والمكتبات باتت أرباحها خيالية بعد عمليات القنص والنصب التي يمارسها أصحابها على الطلبة عموماً، وعلى طلاب التعليم المفتوح خصوصاً بشكل مفضوح وواضح.
أما مستثمرو الأكشاك الذين بات الصغير بينهم يمتلك حرية التصرف بأكثر من عشرة أكشاك في جامعة دمشق وحدها، فهؤلاء يقومون بتأجير هذه الأكشاك لآخرين (بطريقة غير قانونية طبعاً)، وهذه مخالفة فاضحة لنص العقود الاستثمارية، بينما يقف الاتحاد الوطني موقف المتفرج.. بل والمتستر.
واذا أردنا الدخول إلى حيثيات العمل في هذه المقاصف والمكتبات، لوجدنا أن العاملين فيها يتقاضون رواتب لا تسد الرمق، حتى أنه لمن الخطأ أن تنعت بالرمزية أو الشكلية، فهي لا تتجاوز الـ 4 آلاف ليرة سورية شهرياً، رغم أن ساعات العمل فيها تصل إلى 9 ساعات يومياً!!.
وفي النهاية، لابد من سؤال الاتحاد الوطني للطلبة ومكتبه الإداري في جامعة دمشق: إلى متى ستستمر هذه الممارسات الخبيثة والسلوكيات المنحرفة الساعية إلى إبعاد الاتحاد عن دوره الوطني كممثل للطلبة وراعٍ لمصالحهم، وليس لمصالح أصحاب رؤوس الأموال والمحتكرين؟؟ مذكرين الشرفاء بينهم بأن المال ليس له وطن..