القانون ينتهك حقوق رجال القانون العدل المفقود في وزارة العدل!!
التشريعات والقوانين ليست نصوصاً مقدسة، هي مجموعة من الأحكام والدساتير، تتكون نتيجة حراك اجتماعي، وتفاعلات مع الظروف الموضوعية المحيطة، ومن المؤسف أن تتحول التشريعات والقوانين في سورية، إلى بنية جامدة لا حراك فيها، فهناك قوانين سُنّت منذ 60 عاماً، ولم تعدل أو تلغى، وبقيت كما هي رغم التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي جرى في العالم، وأصبحت هذه القوانين ليس عبئاً فقط، وإنما حجر عثرة أمام الواقع الحالي.
على سبيل المثال: قانون العمل 91 لعمال القطاع الخاص، الذي صدر عام 1959، تم تعديله في مصر مرات عديدة، ثم ألغي ليصاغ قانون آخر بدلاً عنه، ومازلنا في سورية نعمل بهذا القانون، بل أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، عندما فكرت بإصدار قانون آخر، ألغت من القانون 91 كل الإيجابيات، ووضعت فقرات في القانون الجديد ضد العمال ومصالحهم، ومن ثم أوقف حتى يدرس، ولا يزال في الأدراج، وليس ينتهك حقوق العمال فقط، بل المحامين أيضاً، نعم، القانون ينتهك حقوق رجال القانون، إنها مفارقة غريبة، ولكن كيف يتم ذلك؟
مجموعة من المحامين، في أنحاء سورية كافة، وعددهم بالآلاف، انتسبوا إلى نقابة المحامين، بعد بلوغ كل منهم الخامسة والأربعين من العمر، حُرموا من تعويض الوفاة والتقاعد، مهما امتدت بهم سنوات الخدمة، علماً أن البعض منهم قد تجاوزت خدمته لدى النقابة ثلاثين عاماً، وقد رُفعت أكثر من مذكرة إلى نقابة المحامين، وطُرح هذا الموضوع في أكثر من مؤتمر، لأن النقابة لم تستجب لإنصاف هذه الفئة من المحامين، ولم تعطهم حقوقهم المشروعة والواضحة أسوة بزملائهم.
النقابة تقول إن القضية تحتاج إلى تعديل قانون مهنة المحاماة، وذلك لوجود نص في القانون يتعارض مع مطالب هذه الفئة، وهذا النص يحتاج إلى تعديل من خلال اقتراح المؤتمر العام إلى وزارة العدل، ومن ثم إلى مجلس الشعب، وبالتالي إصدار مرسوم بهذا التعديل.
والسؤال: هل تعديل مادة في نقابة المحامين بحاجة إلى كل هذه الإجراءات؟!.
اقتراح وتعديل ومؤتمر عام ووزارة العدل ومجلس الشعب وبالتالي إصدار مرسوم نقابة المحامين هي نقابة مهنية، وهي منظمة أهلية وليست حكومية وعندما نتحدث عن تعديل في نظامها الداخلي هذا يعني أننا لسنا بحاجة إلى الإجراءات التي ذكرت، المؤتمر العام أو مكتب النقابة بالتعديل إذا كانت هناك مواد ليست في مصلحة أعضاء النقابة، أما أن يتم التعديل وفق ما تقوله النقابة فإنها تسيء ليس إلى النقابة وأعضائها، وإنما إلى سورية بشكل عام من خلال إعطاء الصورة التي تقول إن النقابة وأعضاءها جزء من السلطة التنفيذية. والسؤال أيضاً:
هل من المنطق والموضوعية أن تُحرم فئة من الحقوق التي يتمتع بها غيرهم في المهنة ذاتها، ما يعني أن الجميع متساوون في الواجبات، وغير متساوين في الحقوق، وعلى صعيد التعامل المادي فإن النقابة تقتطع من هذه الفئة المحرومة من حقوقها، بالنسبة نفسها من باقي المحامين.
نوجه كلامنا هذا إلى النقابة، وإلى وزارة العدل، وإلى مجلس الشعب ونقول مع شريحة من رجال القانون: «أعيدوا النظر في هذه القوانين»!!
القضية الأخرى تتعلق بوزارة العدل، وآلاف العاملين في هذه الوزارة ومؤسساتها يتساءلون: أين العدل يا وزارة العدل؟! يقولون ذلك لأنه لا توجد لديهم أية ميزات، لا حوافز ولا طبابة، وليس لديهم نقابة إلا بالاسم فقط، وهي نقابات عمال الدولة والبلديات، وقد صدر قبل أعوام نظام اللصيقة القضائية، وهي أن يدفع المواطن على كل معاملة قضائية 100 ل.س، تعود حصيلتها شهرياً للقضاة، بهدف تحسين أوضاعهم المعيشية ومن أجل القضاء على الرشاوى، ومن خلال هذه اللصيقة القضائية التي يدفعها المواطن، أصبح القاضي يقبض بين 30-35 ألف ل.س شهرياً، عدا الراتب، والعاملون في المحاكم الذين يحصِّلونها، هم بلا أية ميزة، ولا يستفيدون من مردودها نهائياً، رغم أن كافة الأعمال في المحاكم تقوم على سواعدهم. والسؤال إلى الوزارة العدل: لماذا لا تخصص نسبة من اللصيقة لهؤلاء الذين يعملون مع القضاة، جنباً إلى جنب؟! فإن في ذلك إنصافاً وحقاً لرجال القانون والحق..