وزارة التربية وحقوق الطفل المنتهكة رسمياً
تستمر نشاطات وزارة التربية تباعاً، وبكل ما أوتيت من وسائل لتبدو أنها ضالعة بعملها على أتم وجه، وتسعى إلى تسويق نفسها بمزيد من الأخبار على صفحتها، ولكنها على ما يبدو تغرد خارج السرب!
تستمر نشاطات وزارة التربية تباعاً، وبكل ما أوتيت من وسائل لتبدو أنها ضالعة بعملها على أتم وجه، وتسعى إلى تسويق نفسها بمزيد من الأخبار على صفحتها، ولكنها على ما يبدو تغرد خارج السرب!
تزداد يوماً بعد يوم مأساة الشعب السوري ككل، من خلال الازدياد اليومي للأسعار، وتدهور الخدمات المستمر بلا توقف أو بلا حد، بما فيها أزمة التعليم في سورية.
كغيره من ميدان النشاط السوري، شهد قطاع التعليم بجانبيه - التربية والتعليم العالي- تدهوراً متسارعاً على امتداد سنوات الأزمة. وبعيداً عن الشعارات المناسباتية حول أهمية القطاع التربوي في البلاد، تفصح الأرقام عن تراجع كارثي على جميع مستويات قطاع التعليم، بما في ذلك الإنفاق الحكومي على هذا القطاع الذي أخذ يتضيّق ويتقلص على نحو سريع حتى وصلنا إلى مرحلة لم يصل فيها الإنفاق الحكومي (التقديري) على قطاع التعليم في عام 2021 إلى ربع ما كان كان عليه في عام 2010.
ليس جديداً أن تتم معالجة الظواهر التي نعيشها من قبل البعض على أساس فكري يقوم بتجريد الظاهرة من واقعها المعقّد، ويُحيلها إمّا إلى أسباب متأصلة في وعي الشعوب التي تقوم بينها تلك الظاهرة، وإما إلى البنية الثابتة لتلك الشعوب، حيث يتم النظر فيها خارج تاريخها المادّي الاقتصادي- الاجتماعي. ومن بين الظواهر هي ظاهرة «الدعشنة» او السلوك الفاشي الذي انتشر في المنطقة مؤخراً، والتي يعتبرها البعض ظاهرة متأصلة في وعي وثقافة ودين (الإسلامي تحديداً) وتاريخ منطقتنا. وفي هذه المادة سنقوم بسرد بعض المقارنات التاريخية التي تظهر ضحالة هكذا مواقف غير علمية تلقى رواجاً اليوم، بدعم من تيار فكري غربي مركزي استعماري النزعة في جوهره.
بيّنا في عدد سابق تحت عنوان: «مناهج ممنهجة لحرف البوصلة!» بتاريخ 23/11/2020، الحال التي وصلت إليها منهاج اللغة العربية في المرحلة الإعدادية، أي: في الصف السابع والثامن والتاسع، بما يخص النصوص الأدبية التي تُعنى بتكوين وعي الطالب الوطني والحس الوطني المقاوم، حيث اختُزلت النصوص وحُذفت، وهي نصوص منددة وفاضحة للمستعمرين، وخاصة الصهاينة.
درجت منذ سنوات موضة أخرى تضاف إلى باقي صرعات عصر الجنون الرأسمالي، تتعلَّق بالتربية «الحديثة» ودفاتر شروطها، والتي هي حسب الزعم السائد تشكِّل منشأ المجتمع الجديد. وإلى جانبها نبتت عشرات القطاعات العلمية والوظيفية والدعائية لترافق هذه الصرعة «النهضوية» وتدعم تنفيذها. ويجري كل يوم إخضاع الملايين لهذا الوهم التضليلي؛ أنّ مدخل التغيير الأساس يكمن في عملية التربية، ويقولون: «لكي نغير المجتمع علينا أن نغير التربية»!
رافقت شخصيتا «باسم ورباب» أطفال جيل الثمانينات، ومن سبقّهم في رحلة تعلّمهم ضمن المدّارس السوريّة، بحيث تحوّل الطفلان الذي ابتدعهما الرسام ممتاز البحرة إلى رمزٍ راسخ لمناهج وكتب التعليم السورية. واليوم، وعلى الرغم من أن الحديث عن تجديد المناهج يتم تناوله بكثافة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن هناك شرائح واسعة من السوريين- وتحديداً الذين يخلو محيطهم من الأطفال- لا يعلمون حقاً القيم التي تروّج لها هذه المناهج، أو الموضوعات التي تتصدى لمعالجتها. وفي هذا المقال ستتم الإضاءة بصورةٍ خاصة على كتاب الدراسات الاجتماعية للصفيّن الخامس والسادس الابتدائي. المطبوع للمرة الأولى عام 2018-2019.
كيف تتكون شخصيتنا ومعتقداتنا وما الذي يُؤثر فيها؟ سؤال تتعدد الإجابات عنه، فهناك من يقول: إن للتربية العامل الأبرز أو حتى الوحيد في هذا، فكل ما نكتسبه هو نتيجة كيف تربينا، وهناك من يقول: إن للوراثة العامل الأبرز. وعلى هذا الانقسام قامت نظريات علم النفس في صياغة تطور وعي وإدراك ومشاعر الأطفال، ومنهم من قسمها إلى مراحل معينة بحسب العمر.
رغم مرور عامٍ ونيّفٍ على فك الحصار عن مدينة دير الزور، ودحر التنظيم الفاشي (داعش) من ريفيها الغربي والشرقي جنوب نهر الفرات (الشامية) بعد هيمنةٍ وحصارٍ داما عدة سنوات، جرى أثناءها تهديم البنية التحتية والخدمية، ومنع فيه التعليم ونشرت الأفكار الظلامية، ونهبت ودمرت غالبية المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية.
أصبح المدرس في هذه الأيام يبحث عن أي بصيص أمل في تغيير إيجابي ملموس قد ينعكس إيجابياً على واقعه المليء بالهموم والمعاناة الشديدة، خاصة أن الانحدار الكبير في مستواه الاجتماعي والاقتصادي قد أصبح ذا دلالات خطيرة، وهو في ازدياد مستمر يومياً، واليوم ومنذ فترة طويلة، قلّما يتم معالجة المشاكل الخاصة بالمدرسين بشكل منطقي، على الأقل من منطلق تمكين هؤلاء من تأدية رسالتهم على أكمل وجه.