مزيد من التردي المعيشي وبراءة النوايا الحكومية!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

مزيد من التردي المعيشي وبراءة النوايا الحكومية!

قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عبر إحدى وسائل الإعلام المحلية بتاريخ 16/10/2022، أنه: «لا وجود لأية نيّة حالياً لمزيد من الرفع على الأسعار»!

تصريح الوزير أعلاه، أتى بعد صدور النشرة السعرية الأخيرة لبعض المواد الغذائية الأساسية (سكر- رز- بن- شاي- زيت- سمن- دقيق- سميد- تونا- سردين)، الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بتاريخ 13/10/2022، والتي تضمنت رفعاً سعرياً جديداً لها، مع ما يعنيه ذلك من تدهور إضافي على المستوى المعيشي للغالبية المفقرة، التي يتم الدفع بها نحو المزيد من العوز والجوع!

النوايا البريئة!

حديث الوزير عن النوايا أعلاه بدا وكأنه بمعزل عمّا يجري يومياً في الأسواق من ارتفاعات سعرية تطال المواد والسلع والخدمات، بل وكأنه لا يدري بالنشرات السعرية المكانية التي تصدرها مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات، والتي تحمل في طياتها رفعاً شبه أسبوعي لأسعار الخضار والفواكه واللحوم، أو النشرات السعرية التي تصدرها الجهات العامة الأخرى بين الحين والآخر على بعض المواد والسلع والخدمات الخاصة بكل منها، وفي تجاهل تام لآلية التسعير المعتمدة للقطاع الخاص بالاستناد إلى تكاليفهم، ومن قبلهم!
فالحديث عن النية بهذا الصدد، والتي تم حصرها بنشرة الأسعار الصادرة مؤخراً، والمقيدة بمفردة «حالياً»، كمعايير تقاس عليها النوايا الحكومية، سقطت مع حدود المفردة زمنياً والتي تم تجاوزها، ما يعني أنه من الممكن بكل أريحية أن تصدر نشرة سعرية تتضمن رفعاً سعرياً جديداً على الغذائيات الأساسية، وكذلك من السهولة إصدار نشرات سعرية لمواد وسلع أخرى!
فهل من الممكن تبرئة النوايا الحكومية وفقاً لهذه المعايير، ولواقع تجاهل ما يجري يومياً في الأسواق من تقلبات سعرية تنحو نحو المزيد من الارتفاع، وغالباً ما يكون مهمازها الرفع الرسمي للأسعار؟

أسباب ومبررات بعيدة عن الجوهر

رفع السعر الرسمي الجديد جرى بحسب حيثيات القرار، استناداً لمحضر الاجتماع المنعقد برئاسة رئيس الحكومة مع مجموعة من التجار والصناعيين بتاريخ 26/2/2022، وعلى محضر الاجتماع برئاسة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك مع الفعاليات التجارية.
وبحسب الوزير كان سببه الرئيسي يعود إلى «الأحداث الأخيرة التي شهدتها الليرة»، وفقاً لما نقلته وسيلة الإعلام!
وقد أشار إلى أن: «السبب الأساسي لارتفاع التكاليف، وتالياً انعكاسها سلباً على واقع الأسعار، هو الرسوم الإضافية المفروضة، إضافةً إلى الرسوم الجمركية؛ وهي رسم الإدارة المحلية وإعادة الإعمار».
أما الجديد، فهو حديث الوزير عن «العمل مع اللجنة الاقتصادية لإلغاء الرسوم الإضافية بهدف خفض الأسعار».
فهل أمر ارتفاعات الأسعار المستمرة، بانعكاساتها الكارثية على المستوى المعيشي، يمكن أن يتم لجمها من خلال تخفيض، أو الغاء بعض الرسوم فقط؟

المعادلة المُغيبة

لن نتوه في معادلات الكلف والأسعار، والحديث عن بعض الرسوم، أو عن إجراءات تخفيضها، التي تحدث عنها الوزير، بل سنتوقف عند معادلة الأجور الثابتة والمتآكلة، مقابل الأسعار المنفلتة من أية ضوابط، باعتبارها المعادلة الرئيسية التي يجب التوقف عندها، والتي يتم تغييبها عن الحديث الرسمي غالباً، مع تجاهل متعمد لأية إجراءات لحلها!
فالأحداث التي تشهدها الليرة، بحسب كلام الوزير أعلاه، مستمرة، فالليرة تفقد قيمتها الشرائية تباعاً، وبحال الاتكاء عليها لتبرير رفع الأسعار، فإن ذلك سيستمر دون توقف، وهو ما يجري عملياً!
بالمقابل، نتساءل: أين انعكاسات تلك «الأحداث التي تطال الليرة» على الأجور؟
فبعيداً عن الحديث عن النوايا والحكم عليها، فإن الاستمرار بجملة السياسات المالية والأجرية والسعرية والنقدية، وغيرها من السياسات الظالمة الأخرى، والتي أوصلت الغالبية المفقرة إلى حافة الجوع، هي المسؤولة عن هذا الواقع المزري والكارثي الذي تعيشه هذه الغالبية.
فواقع الأجور المجمدة والمتآكلة يتم تغافلها وغض الطرف عنها رسمياً، ومن يدفع ضريبتها هم أصحاب الأجور من الغالبية المفقرة فقط لا غير!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1092
آخر تعديل على الثلاثاء, 18 تشرين1/أكتوير 2022 10:44