مطبات: يا (غرفة) في خيالي
أقرت الحكومة قانوناً جديداً عن إعمار العرصات قالت إن من شأنه الحد من ظاهرة ارتفاع أسعار العقارات والأبنية السكنية، حيث يهدف القانون إلى مواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية التي تشهدها سورية، وخاصة الاستثمار العقاري، وتأمين السكن الملائم للمواطنين.
وجرى التأكيد أن مشروع القانون الجديد يتضمن كذلك مشاريع التطوير والاستثمار السكنية العائدة للقطاعين الخاص والمشترك، ومشاريع المجتمعات العمرانية الجديدة، ومشاريع الجمعيات التعاونية السكنية، والمقاسم والعقارات ذات الصفة السكنية والتجارية والخدمية والسياحية والصناعية، ومناطق الحرف والأبنية المهدمة، والأبنية المنفذة جزئياً ولم يستكمل بناؤها وفق نظام البناء النافذ في مدن مراكز المحافظات.
ويقول المحللون وإستراتيجيو القرارات الاقتصادية، والمتنطحون للحديث عن مزايا الفرمانات التي تصدرها الحكومة إن الغاية من المشروع هو إيجاد السكن للمواطن، وأن أسعار العقارات في دمشق دخلت في سباق الغلاء مع المدن العشر الأولى في العالم، فورة العقارات التي لا أحد يستطيع إيقافها هنا، لأن التاجر والمرابي قد اتفقا على الشراكة حتى في حصة المواطن في سقف يحمي رأسه، وربما يجلب له الدعاء بعد موته.
سيبقى المواطن في ذيل القائمة التي ستستفيد من القرار، لألف سبب ربما أعرف منها على الأقل ثلاثة تجعله هكذا، السبب الأول أن المواطن هنا لا يملك ثمن بيت على العظم تقسيطاً ولا نقداً، ولا بدفعة أولى من قبيل مئات الألوف، هو بالكاد يستطيع أن يأكل ويشرب.. ولا يبذر، ومن الممكن أن يجد من يعطيه ثمن الدواء إن فاجأت ابنه الصغير حمى بعد منتصف الليل.
أما التقسيط الذي دخل حياة السواد الأعظم من شعبنا التهم على سنوات تأسيس غرفة واحدة راتب الوظيفة، والعمل الثاني، وحتى (البراني) القليل الذي يتقاضاه الموظف الصغير تحت مسمى الإكرامية.
في المقابل دخل بعض الموظفين ممن لديهم استقرار مالي بسبب استقرارهم الوظيفي، ومستويات أجورهم في القطاع الخاص تدعم أحوالهم، دخلوا في أقساط من مستوى أعلى وأكبر كأقساط السيارات، والعقارات التي تبنيها شركات التطوير العقاري، وهنا سندخل في السبب الثاني الذي اعتقده لعدم تحقيق حلم المواطن ببيت هنا.
منذ أن فتحت السوق المغلقة في بلدي ذراعيها على النظرية الحرة للاقتصاد الاجتماعي بدأ تجار هذه السوق بالتمدد وتنفسوا الصعداء، وزفروا (بأفٍ) طويلة لانفراج أزمتهم عندما كنا لا نؤمن بالقطاع الخاص كشريك يحبنا، وصارت المشاريع المفتوحة تبدو للمواطن كهدايا يسوقها التجار على كف عفريت إلى كف خشنة، وأن الحلم صار أحلى،(وصار عنا مول)، وبدأت الشوارع تزدان بالإعلانات التي تحمل البشرى لمواطن عار، وازدادت الحالة صراعاً بعد أن دخلت المصارف ساحة اللعب، قروض عقارية، دون فوائد، قروض عادلة، وأخرى إسلامية، والهدف من الجميع بيت لمواطن بلا سقف، والثمن إرضاء وجه الله، والدفع تقسيطاً، أو برهن.
أما السبب الثالث الذي خرج من رحم السببين السابقين فهو شركات العقارات التي ستعمر وتبني هذا الوطن، لهذا المواطن فحسب.
بعد مدة ليست بالبعيدة من تهافت الحالمين على هذه الشركات، حذرت الوزارات المعنية بمنحهم من الإعلان لأية شركة عقارية دون أن تقدم إثباتاتها في الترخيص، فالمتهافتون أكلوا الطعم المفتوح، ودفعوا على الورق ثمن بيوت ليست بمواصفات البيوت المعلن عنها، وليست بالألوان نفسها، فالمسابح ذات اللون الأزرق من صفاء الماء، لم تكن على الأرض، والسبب أنه لا يوجد ماء، والشريط الأخضر في الصورة لا يمكن أن يكون على الواقع في منطقة لا ماء فيها، ولا بئر، ولا أرض خصبة..بالنتيجة لا يمكن أن يزرع القمح في صحيفة، ولا أن تلعب على العشب في صفحات جريدة إعلانية.
في المحصلة.. الاستثمار، الشركات، والمواطن.. هكذا ستكون القائمة.