لمن تصدر القوانين؟

تصدر القوانين كضرورة واقعية لضبط إيقاع العلاقات بين الناس وبناء الوطن بلحمه وجسده وتجديد دمه وفق قانون التطور والارتقاء مع الحداثة والعصر.

لكن السؤال: لماذا تصدر القوانين والمراسيم عندنا كحبة المطر تنساح على الأرض أو تتحول إلى مراجع في مكتبات رجال القانون، نعود إليها إذ ما اقتضت الضرورة؟. لماذا لا تتحول هذه القوانين والمراسيم التشريعية إلى فعل العادة في حياة الناس، إلى سلوك جماعي وجداني وأخلاقي ورافعة للإصلاح الإداري؟.

ممنوع التدخين.. منذ القرن الماضي ونحن نقرأ في دوائر الدولة والمرافق العامة (ممنوع التدخين)، والمدخن في بلدنا يستمتع في سيجارته تحت هذه الشاخصات.

المرسوم التشريعي رقم 59لعام 2008 والناظم لمخالفات البناء وإزالة الأبنية المخالفة وغيره من المراسيم والقوانين التي نطبقها بشكل خجول.

من المسؤول عن هذا العيب الصارخ والجارح والقاتل أحياناً، عن تخلفنا والاستمرار في النأي والتحايل على تطبيق القوانين وهذه التوجهات التي تمثل أبسط المعايير الأخلاقية في تحقيق إنسانية المواطن وضرورة التماهي مع شروط العصر والتطور.

من صاحب المصلحة في إبقائنا خارج دائرة الزمن ووضع العصي في عجلة إقلاع تطورنا؟

أعتقد جازما أن العيب يكمن بالمسؤلين المؤتمنين على ترجمة هذه القوانين والمراسيم إلى فعل واقعي على الأرض. فهل وصل الفساد الى شرايين شراييننا؟ هل تعطلت لدى البعض إنزيمات حب الوطن ووصلت العطالة والاستهتار إلى كل مفاصل حياتنا؟؟. سياسة التغييب المعتمد لهذه التوجهات المسؤولة تحولت إلى غول إلى سرطان قاتل.

ولاشك أن غياب المحاسبة على كافة المستويات وعلى امتداد مساحة الوطن وعلى كل الجبهات يساهم في ذلك.

واضرب مثالا واحداً على هذا الفساد ودلالاته الخطيرة:

المواطن ح.م اشترى سطح البناية رقم 51 - حي الزيتون – جديدة عرطوز البلد، وحصل على رخصة بناء روف، والذي حصل: قام المذكور بمخالفة بناء شكلاً ومساحة.

تقدم أصحاب الشقق بالبناية المذكورة بشكوى إلى البلدية، فأهملت الشكوى والمراجعات والاحتجاجات.

ثم بدأ باحضارات جديدة لبناء شقق جديدة فوق الروف. تقدم المتضررون بشكوى مسجلة أصولا إلى البلدية.

عندها تحمس رئيس البلدية وشمع المخالفة بالشمع الأحمر حرصا منه على بقاء المخالفة خارج دائرة الهدم (تنجلي الغيمة).. كما عبر عن مثل هذا الاحتيال السيد محافظ ريف دمشق..

 وفعلا أكمل المذكور مشروعه، وربما باعه مرة ثانية، ثم تابع مشروعه، وتماديه في الشروع في بناء طابق ثالث محولاً البناية إلى برج دون أي وازع قانوني وأخلاقي.

وتقدم المتضررون بشكوى ثانية وثالثة حتى من قبل الجيران هذه المرة المتضررين من تمادي هذه المخالفات..  

ورئيس البلدية كما غيره يعرف تماماً نص المرسوم التشريعي رقم 59 الصادر في 2492008 وينص صراحة على إزالة الأبنية المخالفة ومخالفة البناء وتغريم المخالف من 500000 ليرة سورية إلى مليوني ليرة وحبس المخالف، وليس ختم المخالفة بالشمع الأحمر.

هذا هو المرسوم الجمهوري وهذا هو السؤل عن تنفيذه بالضرورة وهؤلاء هم المواطنون المتضررون، هذه حالة يمكن أن نعممها على البلاد برمتها..

فؤاد أمين البني

مكتب قاسيون- السويداء