محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

المخدرات.. آفة العصر والطريق إلى الهاوية

أضحت آفة المخدرات واحدة من أبرز آفات العصر، وأزمة عصية تهدد العالم بأسره فهي تقف إلى جانب الأوبئة والحروب والكوارث الطبيعية بندية من حيث الخطورة والدمار، مما يجعل مكافحتها والحد من انتشارها مطلباً أساسياً للشعوب ومعظم الدول.

وتعد المخدرات ظاهرة دخيلة على المجتمع السوري، لكنها اتسعت مؤخراً وأخذت تنخر عقول الشباب المهمشين واقعياً، وتوهمهم بأنها ستقدم حياة أفضل.. إنها شبح يتسلل في الظلام، على وقع خطواته يثير الفزع، وتقتل أصابعه كل رغبة في الحياة.. إنه كابوس مرعب ما إن يدخل أي بيت حتى يحول أفراحه إلى أحزان. فالإدمان دوامة لا تتوقف عند حد معين، تقوم بدفع الشاب إلى مواقف الرذيلة وتحرك الأوهام والأكاذيب لديه، بعد أن صدق أقاويل تجار الموت المروجين لها الذين نشروا وينشرون سمومها بين ضعاف النفوس والإرادة، فاندفعوا خلف سراب الأوهام الكاذبة والأحلام البراقة ليقعوا في قفص الإدمان، فغابت عقولهم وتحطمت طموحاتهم قبل أن يكتشفوا بعد فوات الأوان، أن المخدرات لا يمكن أن تكون مصدراً للسعادة، والضياع الحتمي هو أقل نتائجها الكارثية.

تؤثر المخدرات عادة على خلايا ألياف الجملة العصبية المركزية حيث تأخذ حيزاً من تكوينها البلازي، مما يجعل المريض يطلب المزيد وبشكل مستمر. وللمريض حالتان، الأولى: هي الخمول وعدم القدرة على العمل. بينما الحالة الثانية التهيج والتوتر والقلق مع آلام عضلية وعصبية تشتد عند زوال تأثير المخدر، وهذا ما يؤدي إلى طلب المزيد منها، ما قد يؤدي إلى حالات التسمم الحاد، ودرجات مختلفة من فقدان الوعي، وبطء في ضربات القلب مع انخفاض في الحرارة، وتوسع في حدقة العين، ونسبة من الإنتانات الرئوية والكبدية الخطيرة. بالإضافة إلى المشاكل الصحية في أماكن الحقن مثل التهاب الوريد، والتهاب النسيج الخلوي تحت الجلد مع الخراجات، وفي كثير من الأحيان قد توصل المخدرات المتعاطي إلى مرض الإيدز..

 ولتناول المخدرات أسباب عديدة في مجتمعنا أهمها:

المشاكل الاقتصادية والنفسية التي قد يعاني منها الفرد نتيجة سوء أو انعدام العدالة الاجتماعية.

التفكك الأسري.

قلة الوعي عامة، والصحي خاصة.

وجود من يتعاطى داخل الأسرة.

انخفاض المستوى الثقافي والتعليمي لدى الفرد.

وأهم أنواع المخدرات المنتنشرة في سورية هي: حشيشة الكيف والهيروئين والكوكائين، وتبيّن الدراسات أن نسبة التعاطي في سورية تتركز في الفئات العمرية بين /20 ـ 30/ سنة، حيث يبلغ /30%/، ثم المرحلة العمرية /31 ـ 41/ سنة وتبلغ /34%/. وأكثر المحافظات السورية تعاطياً هي دير الزور. والنسبة المذكورة هي في تزايد واضح، وهذا ما يعني أن هناك تقصيراً من الجهات الحكومية في العمل للحد أو للقضاء على هذه الظاهرة الملعونة، وهذا برسم وزارة الداخلية أولاً لبذل جهود أكبر لوقف انتشار المخدرات وإلقاء القبض على المجرمين الذين يروجون لهذه السموم دون أي تهاون، وبرسم وزارات الشؤون الاجتماعية والإعلام والتربية للتوجه إلى الشباب والشرائح المستهدفة وتقديم التوعية الصحية والتعريف بأخطار تعاطي هذه المواد السامة الضارة بالعقل والروح والجسد، عن طريق الإعلام المرئي والمقروء والمسموع. وأصبح من أولويات وزارة الصحة تقديم العلاج المجاني للمصابين وتبني شعار: «المدمن يعتبر مريضاً ويجب تقديم المساعدة الطبية له»، والعمل على إجراء الدراسات النفسية والاجتماعية للمتعاطين والاستفادة من نتائجها، والوقوف على الثغرات التي أدت لوصول المدمن لهذا الوضع الصعب، والأهم هو العمل على تحسين المستوى المعيشي والاقتصادي للناس، لنتمكن من حماية ومساعدة وعلاج شبابنا فهم أملنا، والأساس لبناء مستقبل بلدنا.