قاسيون

قاسيون

email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ما العمل؟

يشعر عموم السوريين بأنهم دخلوا مرحلة جديدة عنوانها الأساسي: أنّ لهم فيها صوتاً وقدرة على العمل والتأثير في الشأن العام، وأن مرحلة الخوف والهمس والصوت المنخفض قد انتهت. يمكن ملاحظة ذلك من الكثافة العالية في النشاطات والتجمعات والفعاليات التي يقوم بها الناس في مناطق سورية كلها، من الندوات إلى النشاطات الثقافية إلى التجمعات بمختلف أشكالها، بما في ذلك تنشيط عملية الانتخاب المباشر التي يقوم بها موظفون وعمال في دوائر حكومية ونقابات مختلفة لكي يعينوا هم بأنفسهم عبر الانتخاب من يرونه صالحاً لإدارة الأمور استناداً إلى حسن سيرته ومحبة زملائه له، وليس استناداً إلى «حصوله على ثقة القيادة» على الطريقة السابقة التي سئم الناس منها.

افتتاحية قاسيون 1209: حول الحوار والانتقال stars

تم الإعلان عن تأجيل موعد مؤتمر الحوار الوطني مرتين حتى الآن. ورغم أن هذا الأمر قد يبدو سلبياً بالنسبة للبعض، بسبب وجود رغبة كبيرة لدى السوريين بالانطلاق نحو مرحلة جديدة في سورية، عنوانها وحدة الشعب السوري واشتراكه بشكل فعال في إعادة بناء بلده، إلا أن عملية التأجيل هذه يمكن أن تحمل أيضاً إشارات إيجابية حول وجود قناعة بأن المؤتمر بحاجة لتحضير جيد، ولاشتراك واسع، وتوافق واسع بين الأطياف والقوى السورية المختلفة.

الانفتاح والتحرير الاقتصادي ومؤشرات خسارة الميزان التجاري

ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية، التي تلت سقوط السلطة السابقة، من عمليات غزو السلع التركية وغيرها بشكل غير مدروس وبلا ضوابط للأسواق المحلية، وتحديداً السلع الغذائية والأساسية بأسعار منافسة لبعض السلع المحلية بشكل كبير، يعتبر بشكل أو بآخر تعبيراً أو مثالاً مبسطاً على حال ومآل الميزان التجاري في ظل السوق الحر والمفتوح الذي لا تحكمه أية ضوابط اقتصادية أو اجتماعية، خاصة بما له من آثار كارثية على بعض الصناعات الوطنية، التي بدأت تتضرر بشكل فعلي نتيجة غزو السلع الأجنبية بهذا الشكل المباح والفوضوي.

العمال المفلسون بالزيادة موعودون

أفلس العمّال في كلا القطاعين العام والخاص منذ أسبوعين على الأقل، ولم يبقَ في جيبوهم ثمنُ قوت عائلاتهم، ويمكن استثناءُ بعضِ الشّرائح بالقطاع العام، وغالبية المتقاعدين المدنيّين الذين نالوا مستحقاتهم الشحيحة أو جزءاً منها، ولكن الكثرة الباقية ما زالت بلا أجور، وإنْ مَنَّ الله عليهم وأُفرِجَ عن رواتبهم المحبوسة، فبالكاد ستغطّي جزءاً من احتياجهم المعيشي والخدمي، لأنّ الأجور التي كانوا يتقاضونها بالأصل لا تغطّي 5% من كلفة معيشة عائلاتهم المثقَلة بالعوز والحرمان.

انتبهوا لسوق العمل

تدور بالأوساط العمالية والاجتماعية العديد من الأسئلة الملحة المتعلقة بسوق العمل الحالي، ومستقبل ملايين السوريين المعتمدين على الأجور ومن المؤكد بأنه ليس من السهولة الحديث عن هذا الموضوع الكبير والغوص فيه في هذه المرحلة من التغيرات السريعة والفوضى الكبرى التي أصابت سوق العمل الذي هو بالأصل مشوه فقد توسعت فيه نسبة المهمشين التي عززت المخاطر الاجتماعية ورفعت نسبة الجريمة والأعمال غير القانونية بأشكالها كافة، لكن ذلك لا يلغي ضرورة طرح التساؤلات عن واقع سوق العمل الحالي الذي تسارعت تغيراته الكمية والنوعية بشكل كبير نتيجة وفود ملايين الأفراد له، فهناك مئات الألاف من المجندين الإلزاميين الذين عادوا بعد حل الجيش أضف إليهم الأعداد الكبيرة من النازحين العائدين إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم ناهيك عن الأعداد الكبيرة من اللاجئين القادمين من دول الجوار.

خريطة كنز الموارد

المشكلة الأساسية التي تواجه الحكومة المؤقتة الحالية، أو أي حكومة قادمة، ستكون إيجاد الموارد اللازمة لتغطية أجور عادلة للسوريين، وبدء العمل على مشروع وطني تنموي، فهذه الموارد هي الكنز التي نحتاج الوصول إليه بأقصى سرعة، فجزء من ثروات السوريين المنهوبة تحوّل إلى شركات أمسكت عصب الاقتصاد وهي اليوم مورد أساسي لا ينبغي تركه، بل يجب إعادتها لأصحابها الحقيقيين: الشعب السوري وأبرز الأمثلة على ذلك: هي شركات الاتصالات الخلوية التي عرف السوريون أصحابها السابقين، وكم نهبوا من خلفها، لذا ينبغي اليوم أن تستولي الدولة عليها وعلى الشركات المشابهة كلها.

النشاط السياسي المنظم للسوريين وليس للبعث

تعرض النشاط السياسي في سورية، ولأكثر من خمسين عاماً، للتشويه الممنهج والمتعمد في وعي السوريين، بدءاً من موضوعة «الحزب القائد الواحد» وصولاً للصورة النمطية التي جرى تقديمها وتعميمها فرضاً وقسراً على السوريين عبره، وعلى المستويين: الخطاب السياسي، والعمل المنظم.

عندما تأخر الغربيون عن «الحفلة»!

ترسل الدول الغربية وفودها يومياً إلى سورية، وتعد العدة للانخراط بالتطورات الأخيرة بأشكال مختلفة، تبدأ بالنشاط الدبلوماسي المباشر، ولا تنتهي بفتح أبواب التمويل للمنظمات غير الحكومية. وما يثير الانتباه أن معظم هذه الوفود تكاد لا تتوقف عن الحديث عن «حماية الأقليات» التي عانت لعقود طويلة من ممارسات هذه الدول بالتحديد، فـ «الأقليات» في سورية تعرّضت تاريخياً لاضطهاد جماعي ممنهج من قبل قوى الفساد التي عملت كذراع داخلي للاستعمار.

لا تخافوا المولود الجديد!

في كل يوم يحاول السوريون إيجاد أشكال مختلفة لتنظيم أنفسهم، وتظهر أسماء جديدة لتحالفات وتجمعات. ومع أن هذه الحالة تبدو للبعض شكلاً من أشكال التخبط، إلا أنّها في الواقع تعكس مسألة مهمة، وهي أن الشعب السوري يدرك أنه بحاجة لتنظيم صفوفه، ويدرك أن جزءاً كبيراً من التكتلات السياسية السابقة اندثرت ولن تكون قادرة على البقاء في الظرف الجديد، ولذلك يضع الواقع أمامنا مهمة إيجاد السبيل لتنظيم الناس وتنظيم أفكارهم وطموحاتهم؛ فالعمل السياسي المنظم هو المخرج الآمن الوحيد، ولا يمكن تجاوز المخاطر المحدقة إلا عبر ابتداع أشكال جديدة للعمل، تكون قادرة على توظيف هذه الطاقات الهائلة.