الانفتاح والتحرير الاقتصادي ومؤشرات خسارة الميزان التجاري

الانفتاح والتحرير الاقتصادي ومؤشرات خسارة الميزان التجاري

ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية، التي تلت سقوط السلطة السابقة، من عمليات غزو السلع التركية وغيرها بشكل غير مدروس وبلا ضوابط للأسواق المحلية، وتحديداً السلع الغذائية والأساسية بأسعار منافسة لبعض السلع المحلية بشكل كبير، يعتبر بشكل أو بآخر تعبيراً أو مثالاً مبسطاً على حال ومآل الميزان التجاري في ظل السوق الحر والمفتوح الذي لا تحكمه أية ضوابط اقتصادية أو اجتماعية، خاصة بما له من آثار كارثية على بعض الصناعات الوطنية، التي بدأت تتضرر بشكل فعلي نتيجة غزو السلع الأجنبية بهذا الشكل المباح والفوضوي.

الواقع الحالي شبه فوضوي، وبالتالي من الصعوبة الحصول على بيانات يمكن الاعتماد عليها لتوضيح كارثة سياسات الانفتاح والتحرير الاقتصادي التي تتبناها حكومة تسيير الأعمال على مستوى الميزان التجاري، والمتطابقة من حيث الجوهر مع سياسات السلطة الساقطة بها المجال.
لكن للتذكير سنعرج على بعض الأرقام والمؤشرات السابقة على هذا المستوى من واقع نتائج الخطة المنفذة بين عامي 2005-2010، التي تبنت سياسات الانفتاح والتحرير الاقتصادي، الشبيهة إلى درجة كبيرة بالنهج الحالي لحكومة تسيير الأعمال.
فقد طمحت تلك الخطة نظرياً لتخفيض عجز الميزان التجاري نحو 15% عما كان عليه بنهاية عام 2005، إضافة إلى زيادة الصادرات الصناعية والزراعية بنسبة 15%، وتخفيض المستوردات بنسبة 10%، إلا أن البيانات الرسمية للسلطة الساقطة تشير إلى أن كل الأهداف المنشودة تم تحقيق عكسها تماماً، فبدلاً من تخفيض عجز الميزان التجاري تضاعف العجز، وبدلاً من تخفيض المستوردات فقد تضاعفت!
ونوضح فيما يلي بعض المؤشرات بهذا الشأن:
بلغ عجز الميزان التجاري (الفرق بين الصادرات والواردات) في عام 2005 نحو 78 مليار ل.س، وكان من المخطط تخفيض هذا العجز مع نهاية عام 2010 إلى نحو 68 مليار ل.س عبر زيادة الصادرات بنسبة 15% وتخفيض الواردات بنسبة 10%. إلا أن واقع الحال مختلف كلياً وجوهرياً عن الأهداف النظرية، حيث تشير البيانات إلى أن عجز الميزان التجاري تضاعف بنحو 211,4% لتبلغ قيمته بنهاية الخطة بنحو 165 مليار ل.س.
وبتفحص هيكلية الصادرات والواردات خلال هذه الفترة يتضح أن البيانات الجزئية والتفصيلية كارثية بما لا يقارن مع النتائج العامة للعجز التجاري!
فمثلاً الميزان التجاري للسلع المصنعة للاستهلاك المنزلي كان إيجابياً في عام 2005 بنحو 4,6 مليار ل.س، أي كنا نصدر من هذه السلع أكثر مما نستورد، ولكن بنهاية عام 2010 أصبح سالباً وعاجزاً بنحو 5,5 مليارات ل.س، أي أصبحنا نستورد أكثر مما نصدر من هذه السلع، وبالتالي تقلص الميزان التجاري بين العامين بما يزيد عن 220% تقريباً، مع ما يعنيه ذلك من آثار كارثية على الصناعات الوطنية والإنتاج المحلي!
وبدلاً من تقليص الاعتماد على الصادرات النفطية الخام كما كان مخططاً، فالذي جرى أن صادرات الخام النفطية ازدادت من 179 مليار ل.س في عام 2005 إلى نحو 200 مليار ل.س بنهاية عام 2010.
واقع الحال يقول إنه مع الاستمرار بسياسات الانفتاح والتحرير الاقتصادي، وخاصة في ظل أنماط الفوضى والعشوائية والانفلات الحالي، سيتم تكريس الخسارة في الميزان التجاري، مع كل التبعات السلبية لذلك، وخاصة على مستوى الإنتاج والصناعات المحلية!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1208