افتتاحية قاسيون 1209: حول الحوار والانتقال

افتتاحية قاسيون 1209: حول الحوار والانتقال

تم الإعلان عن تأجيل موعد مؤتمر الحوار الوطني مرتين حتى الآن. ورغم أن هذا الأمر قد يبدو سلبياً بالنسبة للبعض، بسبب وجود رغبة كبيرة لدى السوريين بالانطلاق نحو مرحلة جديدة في سورية، عنوانها وحدة الشعب السوري واشتراكه بشكل فعال في إعادة بناء بلده، إلا أن عملية التأجيل هذه يمكن أن تحمل أيضاً إشارات إيجابية حول وجود قناعة بأن المؤتمر بحاجة لتحضير جيد، ولاشتراك واسع، وتوافق واسع بين الأطياف والقوى السورية المختلفة.

التحضير الجيد يحتاج للجنة تحضيرية توافقية، مكونة من عدد منطقي ومناسب من الشخصيات الكفؤة والمؤثرة، وواسعة التمثيل لأداء مهمتها، وأن تحظى بدرجة معقولة من القبول العام، بحيث توفر بتشكيلتها:

أولاً: طمأنة للمجتمع السوري بتنويعاته وأفكاره واتجاهاته السياسية كلها.

ثانياً: طمأنة للمجتمع الدولي الذي نحتاج كسوريين لبناء علاقات ندية معه، تقوم على احترام سيادتنا كسوريين، وسيادة أرضنا ودولتنا بعيداً عن أي ضغط سياسي، أو اشتراطات مسبقة بخصوص العقوبات أو غيرها من الأمور.

المهمة الأساسية للّجنة التحضيرية هي التحضير لمرحلتين مهمتين من الحوار الوطني الواسع، وبكلمات أخرى التحضير لمستويين متتالين من الحوار الوطني:

الأول: وظيفته التجهيز لعملية الانتقال السياسي، بما في ذلك تشكيل جسم الحكم الانتقالي، أو الحكومة الانتقالية، والاتفاق على مهامها وصلاحياتها وعمرها وتكوينها. الثاني: هو عمل هذه اللجنة مع الحكومة الانتقالية الناتجة عن الحوار الوطني الأول، لعقد المؤتمر الوطني العام الشامل التأسيسي، المعني بالدرجة الأولى بوضع الأساس لصياغة العقد الاجتماعي الجديد في البلاد، وفي القلب منه الدستور الجديد، ومن ثم قوانين الانتخاب والأحزاب والإعلام وغيرها من المفردات الأكثر أساسية في صياغة الحياة العامة للبلاد، بما يصب في مصلحة السوريين، ويمكنهم قولاً وفعلاً من تقرير مصيرهم بأنفسهم، ودون أي تدخلات أو ضغوط خارجية.

هذه الخارطة العامة، هي عملياً جوهر القرار 2254، الذي ما يزال صالحاً تماماً من حيث روحه، وما يزال قابلاً للتطبيق بما يضمن السيادة الوطنية السورية، سيادة السوريين كلهم على بلدهم وقرارهم، عبر التشارك والتعاون ودون تفرد، لأن التفرد ومحاولات الاستئثار ستكون باباً عريضاً لعودة التدخلات الخارجية بشكلٍ أوسع وأسوأ مما مضى؛ فالطريق نحو كف يد الخارج هي اتحاد الداخل وتضافره وتعاونه مع بعضه البعض لإغلاق الثغرات كلها التي يمكن للخارج أن يتسرب منها.

 

أمام السوريين مهام كبيرة لحلها، وعلى أكتافهم أعباء ثقيلة؛ 90% من السوريين، ورغم فرحهم بزوال السلطة الطاغية، إلا أنهم ما يزالون يعيشون معاناة وشقاء يومياً على الصعد كلها، ابتداء من رغيف الخبز وحبة الدواء، ووصولاً إلى تفاصيل حياتهم كلها، وهؤلاء هم من ينبغي أن يكونوا بوصلة أي عمل سياسي وطني، ومن أجل هؤلاء ومن أجل الحفاظ على السلم الأهلي واستعادة وحدة البلاد، ينبغي على القوى السورية كلها بما في ذلك الإدارة الجديدة، أن تسارع بالخطوات العملية نحو الانتقال السياسي، ونحو البدء بصياغة النموذج الجديد لسورية عادلة اجتماعياً وديمقراطية ومستقلة قولاً وفعلاً...

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1209
آخر تعديل على الأحد, 12 كانون2/يناير 2025 19:27