من يقف وراء ابراهيم حميدي؟

من يقف وراء ابراهيم حميدي؟

نشر الصحفي ابراهيم حميدي في صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأربعاء 10 شباط، مقالاً بعنوان: «مجلس عسكري مشترك... مقترح خطي لروسيا المتمسكة بالأسد».

أفرد الكاتب في مقاله فقرة تحت عنوان «مجلس عسكري» تحّدث فيها عما أسماه «وثيقة حصلت عليها الشرق الأوسط»، وهي حسب زعمه اقتراح خطي جرى تقديمه من منصتي موسكو والقاهرة خلال الزيارة المشتركة التي قامتا بها لموسكو يوم 21 من الشهر الماضي، والتقتا خلالها مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.

ومن الطريف حقاً أنْ تصلَ إلى الشرق الأوسط «وثيقةٌ» غير موجودة أصلاً. واختراع مثل تلك «الوثيقة» هو مسألة سنناقش معناها السياسي بعد سطور، ولكن قبل ذلك لا بد من الإشادة بالـ«مهنية» الصحفية للسيد حميدي، الذي لم يكلّف نفسه عناء اتباع أبسط قواعد العمل الصحفي، وهي أن يتواصل مع الطرف المعني ليسأله عن صحة أو عدم صحة «الوثيقة» المفترضة...

بكل الأحوال، هذه ليست المرة الأولى التي يُظهر فيها حميدي «مهنيته»؛ فقد سبق لقاسيون قبل أربعة أشهر تقريباً، أن وثّقت الاحتيال الذي قام به السيد حميدي عبر التحريف المتعمد لتصريحات وزير الخارجية الروسي بما يخص الشمال الشرقي السوري في مقالٍ يمكن الوصول إليه عبر الرابط التالي: (إن جاءكم فاسق بنبأ...).

كانت وقاحة الاحتيال في حينه تفقأ العين؛ إذ نشرت وقتها الشرق الأوسط نصين أحدهما عربي والآخر إنكليزي من المفترض أنه ترجمة للأول، ولكن الاختلاف بين النصين كان في جملة واحدة فقط، هي تلك التي اخترعها حميدي ونسبها للافروف في النص العربي دون الإنكليزي... لأنّ «المهنية الصحفية» لدى البعض تختلف من لغة إلى أخرى...

عملية التزوير تلك، و«وبمصادفة بحتة»، وأسوة بسلسلة مصادفات أخرى وقع فيها الكاتب نفسه، حوّلت كلام لافروف إلى نسخة كربونية عن الكلام الحكومي السوري الرسمي اتجاه الشمال الشرقي السوري والقوى السياسية الموجودة فيه...

سلسلة المصادفات التي لا تنتهي، تتضمن أيضاً اختراع حميدي لـ«زيارة سرية» قام بها لافرنتييف مبعوث الرئيس الروسي إلى دمشق... ورغم أنّ مصدراً روسياً معروفاً قد نفى على صفحات الشرق الأوسط نفسها وجود مثل تلك الزيارة، بل وأكثر من ذلك، رغم نشر موقع روسيا اليوم لنفي رسمي لهذا الخبر منذ أسبوع (يوم 3 من الجاري... يمكن اتباع الرابط) إلا أنّ حميدي بقي مصراً على تكرار كذبته مرة أخرى، حيث أعاد ذكرها ضمن مقالته الأخيرة، ودون أي إشارة إلى النفي المتكرر لها!

 

ولماذا؟

من الواضح تماماً وجود حديث كثيف إعلامياً ومتزامن، من عدة شخصيات وجهات وقنوات، حول إنشاء ما يسمى «مجلس عسكري».

من المعلوم أنه ليس هنالك ضمن 2254 أي إشارة لشيء اسمه مجلس عسكري. أكثر من ذلك، فإنّ كل الطروحات التي يجري بثها حول هذا المجلس المفترض، تتقاطع في أنها طروحات ذات طابع «انقلابي»...أي أنها معاكسة تماماً لطريق الحل السياسي، وتمثل شكلاً جديداً لطروحات «الحسم والإسقاط»، وهي طروحات عدا عن أنها أحرقت البلاد والعباد ودمرتها، فإنها غير قابلة للتحقيق... ولذا فإنّ من يطرحونها، ومن يطرحون فكرة «مجلس عسكري» يريدون من وراء ذلك، لا إسقاط النظام كما يدّعون، بل على العكس المحافظة على وضع البلاد المأزوم والمقسم، وإطالته قدر الإمكان.

أكثر من ذلك، فإنّ الحملة الهائلة التي تتقاطع في الحديث عن «مجلس عسكري»، تأتي في توقيت محدد بعد فشل الجولة الخامسة من اللجنة الدستورية، وانفتاح الآفاق أمام احتمالات الانتقال نحو خطوات أخرى جدية جداً في تطبيق القرار 2254... ولذا فالمطلوب هو قطع الطريق عبر التشويش وتحويل كامل للمسار خارج 2254...

(النسخة الانكليزية)

آخر تعديل على الأربعاء, 10 شباط/فبراير 2021 14:58