محرر الشؤون العمالية
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
يبدو التشابه في أوضاع العمّال للمهن المختلفة كبيراً، وتبقى الاختلافات بالتفاصيل التي تفرضها كل مهنة من حيث الصعوبات والأمراض المهنية وغيرها، ويتوحدون بضعف الأجور، وعدم شمولهم بالتأمينات الاجتماعية أو بالرعاية الصحية، وتعرضهم لسيف التسريح التعسفي في أية لحظة يرى فيها ربّ العمل عدم الحاجة إليهم، خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي تعيش فيها الصناعة أو الحرف أسوأ حالاتها بسبب التضييق المتعمد عليهم من جهات عدة، سواء بالضرائب التي يعاد النظر بها حالياً وفق آليّة جديدة في التقييم والتحصيل وبالتالي تكاليف مضاعفة أو الخوّات أو ارتفاع بأسعار المواد الأولية اللازمة لهم لتبقى صناعاتهم مستمرة، والجهات المختلفة التي من المفترض أن ترعى مصالحهم وتدافع عنها، مثل اتحاد الحرفيين ونقابات العمال وحتى وزارة الصناعة يغطّون في نوم عميق غير مكترثين لما هو حاصل للعمال والصناعيين من كوارث تؤدي إلى مزيد من تعميق الأزمة سياسياً واقتصادياً واجتماعيا.ً
نشرت «قاسيون» في عددها السابق الجزء الأول من كتاب (الإضراب والإغلاق) للكاتب المصري المهتم بالشؤون العمالية والنقابية أحمد محمد مصطفى حول الإضراب قانوناً، ونتابع في هذا العدد نشر الجزء الآخر من الكتاب حول عملية الإغلاق للمنشآت التي يلجأ إليها أرباب العمل في مواجهة الإضرابات التي يقوم بها العمال أو نتيجة للصعوبات التي تتعرض لها المنشآت المختلفة فتأثر على سير العمل والإنتاج كما هو حاصل الآن في بلادنا.
أكثر القضايا عرضة للمخالفات الدستورية، والتي كانت آثارها موجعة هي القضايا المتعلقة بمصالح وحقوق الفقراء، ومنهم العمال الذين كان وقع الأزمة عليهم شديداً، ومع هذا فلا أثر «للناطقين» المفترضين باسمهم تحت قبة البرلمان الذي سيجتمع يوم الأحد، حيث «يضم بين جنباته حسب قانون الانتخابات 50% عمالاً وفلاحين» ولا أثر لمصالح وحقوق العمال والفلاحين في هذه المواقع أو في غيرها من المواقع الأخرى مع وجود الأغلبية شكلاً والمفترض أنهم يمثلون العمال والفلاحين حيث يغضون الطرف عنها، وخاصة على مستوى معيشتهم الذي وصل إلى مستويات لا يُسَرُّ منها العدو ولا الصديق، وهي استحقاق دستوري بامتياز كما يقال حمّل الدستور الحكومات مهمة تطبيقه وتنفيذه.
هناك سؤال دائماً يتبادر إلى أذهان العمال بشكل عام، لماذا أرباب العمل وخاصة في القطاع الخاص يمتنعون عن تسجيل العمال الذين يعملون في منشآتهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أو يقومون بتسجيل عدد محدود من العمال وهؤلاء العمال المسجلون يقدمون إلى مفتشي التأمينات عند قيامهم بجولات تفتيشية على بعض المنشآت وباقي العمال تتم تخبئتهم إلى حين انتهاء الجولة التفتيشية، هل هذا الفعل لعدم إدراكهم لأهمية هذه المظلة للعمال ولهم أيضاً؟ أم أنهم يختصرون التكاليف من خلال عدم دفع حصتهم عن العمال؟
نستعرض بعض الإحصاءات التي جاءت في دراسة حول مأساة الطبقة العاملة في سورية، والصادرة عام 2022 حيث تلك الأرقام يمكن تجديدها لتوضح هول ما أصاب العمال والاقتصاد السوري عموماً من تراجعات في نسب البطالة وحجم الإنتاج وانعكاس ذلك على حصة الأجور من الدخل الوطني وكذلك حصة الأرباح التي هي في تزايد.
في الفترة السابقة لزيادة الأجور، تصاعد الجدل حول قضية هامة لها أبعادها الاجتماعية والسياسية، وهي هل ستزيد الحكومة الرواتب والأجور للعمال بنسب تردم الهوة بين الأسعار والأجور ولو نسبياً؟
السؤال الذي يطرح دائماً من هو المسؤول عن ظاهرة ارتفاع الأسعار التي تشهدها البلاد بشكل يومي؟ هل هم القائمون على الاستيراد؟ أم اصحاب الاستثمارات الكبرى؟ أم كما قال أحد أعضاء غرفة التجارة لإحدى المحطات الإذاعية، الأسعار بيد الله كما هي الأعمار؟ أم بيد الحكومة؟ أم النقابات؟
نعرض لبعض المواد التي جاءت في قانون العمل السابق رقم 91 لعام 1959 والذي تنص بعض مواده على تحريم حق الإضراب على العمال في حال المنازعات على حقوقهم مع أرباب العمل، وقانون العمل رقم 17 لا يبتعد في نصوصه عن القانون السابق من حيث حقوق العمال في الإضراب كحل نهائي في حصول العمال على حقوقهم، والذي تمت صياغته استناداً إلى قوانين العمل المصري والعراقي واللبناني.. إلخ، من القوانين ومنها قانون العمل الفرنسي، وقد أفاد المشرع من هذه القوانين كما جاء في الأسباب الموجبة لصدور القانون رقم 17.
قانون العمل رقم 17 لعام 2010 أكثر القوانين المثيرة للنقاش والجدل منذ أن كان مشروعاً، حتى بعد إصداره ليأخذ شكله النهائي في التطبيق، حيث أظهرت نتائج العمل به كم هو قانون معادٍ لمصلحة وحقوق العمال في القطاع الخاص، وهذا ليس رأينا فقط، بل رأي الكثيرين، ومنهم قانونيون يشغلون مواقع في السلطة التنفيذية، فقد قالوا كلمتهم باعتباره قانوناً فيه مخالفة دستورية وانحياز واضح لمن سعى بإصداره تجاه تأمين سيطرة أرباب العمل المطلقة من حيث التشغيل والتسريح مستفيدين من قضيتين أساسيتين:
إن الأزمة التي يمر بها النظام الاقتصادي والاجتماعي العالمي تتعمق ويتم تحميل تداعياتها على العمال وبشكل عام الشرائح الشعبية.