حال الطبقة العاملة من حال فقراء الشعب السوري
في الفترة السابقة لزيادة الأجور، تصاعد الجدل حول قضية هامة لها أبعادها الاجتماعية والسياسية، وهي هل ستزيد الحكومة الرواتب والأجور للعمال بنسب تردم الهوة بين الأسعار والأجور ولو نسبياً؟
كانت هناك الكثير من الشكوك حول خروج الزيادة على الأجور إلى النور وتكهنات أخرى بأن الزيادة قادمة ولكن نسبها ضئيلة لا تتجاوز الـ50% ولكن الحكومة خيبت أمال الطرفين وأعلنت عن زيادة قدرها 100% لتفقأ أعين الحساد والمشككين بإمكانات الحكومة على تحسين الوضع المعيشي وأن الشعب السوري بقلبها وعينيها ولكن حساباتها وتهويلها بحسن الزيادة ذهب أدراج الرياح مع أول قرار لها برفع أسعار حوامل الطاقة، هذا الرفع سيكلف فقراء الشعب السوري عشرات أضعاف الزيادة التي أعلنوها بأنها مكرمة.
فكلما أمعنت الحكومة في تطبيق نهجها البعيد عن مصالح الـ 90% من المواطنين يتعمق الفرز أكثر لتتضح الرؤية، ويتبين للطبقة العاملة وفقراء الشعب السوري، الخيط الأبيض من الخيط الأسود، المتمثل بالضرر البالغ الذي يحدثه نهج الحكومة الذي سارت عليه وما زالت تعمقه أكثر، والمتوافق مع مصالح الأقلية، التي همها الوحيد جني الأرباح الطائلة ومركزة الرساميل الكبيرة بين أيديها، حتى أصبحت هذه الأقلية هي من تقرر اتجاهات تطور الاقتصاد السوري، مدعومة بكل ما يلزم قانونياً لحماية مصالحها.
وفي هذا السياق، يأتي العديد من جهابذة الاقتصاد الحكومي الذين نصحوا الحكومة ألا تزيد الأجور والرواتب للعاملين في الدولة وفي خارجها، انطلاقاً من حرصهم على (مصالح) العاملين الذين سيتضررون من هذه الزيادة إن حصلت، بسبب أن الليرة السورية ستنخفض قيمتها الشرائية وسترتفع الأسعار، وستزيد نسب التضخم، وبالتالي سيفقد من زيدت أجورهم الغاية المرجوة من هذه الزيادة، وهي تحسين مستوى معيشتهم وهم لا يشيرون لا من قريب ولا من بعيد إلى دور النهب والفساد والمضاربة والتحكم بسعر الصرف وأنهم السبب المباشر للتضخم وارتفاع الأسعار.
أليس هذا موقفاً سياسياً وطبقياً بامتياز؟ عبر من خلاله «الاقتصاديون» بكل وضوح وصراحة عن ذاك الجدل (الصراع) الدائر الآن في المجتمع، وفي الأوساط السياسية والاقتصادية حول النهج الاقتصادي للحكومة؟ وتحديداً حول موقفها من قضية الأجور وزيادتها، والتي هي قضية وطنية لها أبعادها الاجتماعية والسياسية، حيث يتوقف على حلها حلاً حقيقياً، إعادة جزء مما يُنهَب عبر الأرباح إلى المنهوبين عبر الأجور.
والسؤال الهام الذي يحتاج إلى إجابة، وهو برسم النقابات التي فرحت بتلك الزيادة وعبرت عن امتنانها للقائمين على زيادتها بالشكل والقيمة التي ظهرت بها، كيف سيكون واقع حال الطبقة العاملة السورية، إذا ما استمر الخلل الكبير بين الأجور والأسعار على وضعها المزري، وهي بانحدار مستمر هل ستبقى فرحة مهللة أم سيكون لها موقف متناسب مع الضرر الكبير الذي لحق بالطبقة العاملة ولكل الفقراء؟
إن قضية الأجور وزيادتها وفق سلم متحرك مع الأسعار، يحتاج إلى تعديل في ميزان القوى المختل الآن لمصلحة قوى السوق، التي تملك مفاتيح القرار الاقتصادي، وهذا التعديل المنشود في ميزان القوى يحتاج إلى كل القوى المتضررة من النهج الاقتصادي الليبرالي الذي تسير عليه الحكومة، وفي مقدمة هذه القوى الطبقة العاملة السورية المتضررة وهي الخاسر الأكبر من ذلك النهج.
إن حل قضية الأجور وتحسين المستوى المعيشي لأغلبية الشعب السوري هي خطوة ضرورية باتجاه انتزاع الحقوق الاقتصادية والسياسية للطبقة العاملة ولكل العاملين بأجر، فهل تفعل القوى الوطنية والحركة النقابية ما يجب عليها من أجل الدفاع عن أجور الطبقة العاملة وحقوقها وفقاً للدستور؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1136