خيار العمال التصعيد في مطالبهم
يحلُّ موسم اجتماع الهيئات العامة في هذا التوقيت من كل عام ، وذلك وفقاً لقرار التنظيم النقابي، حيث يطرح النقابيون القاعديون (لجان نقابية، متممون) مداخلاتهم التي من المفترض بها أن تعكس الواقع العمالي (مطلبياً وإنتاجياً وحقوقياً)، ومن المفترض بهذه الاجتماعات أيضاً أن تقدم كشف حساب للعمال عمّا أنجزته نقاباتهم خلال العام، وما هي خطة العمل المفترض إنجازها، منها الدفاع عن الحقوق والمكتسبات والآليات المتبعة من أجل ذلك، خاصةً وأن الحكومة تؤكد في كل يوم على تمسكها بخطة عملها وبسياساتها الليبرالية تجاه حقوق العمال، وتجاه القطاع العام الصناعي، حيث تقضي تلك السياسات بتقليص الحقوق العمالية، والتخلص من القطاع العام ما أمكن... هذه هي خطة الحكومة، ولكن ما هي خطة النقابات لمنع ومواجهة ذلك؟!
من المعلوم أن النقابات ما زالت تتبنى النقابية السياسية منذ مؤتمرها السابع عشر، وما زالت إلى الآن تدافع بقوة عن شراكتها مع الحكومة، وتعتبرها المدخل الوحيد لتحقيق المطالب العمالية، فالنقابية السياسية تفرض عليها آليات عمل لا تستطيع تجاوزها، مهما تمادت الحكومة بسياساتها التي تنتهك حقوق العمال، وتتعدى على مكاسبهم، وتفرِّط بالقطاع العام، وفقاً لخطة منهجية ومدروسة يقدمها خبراء صندوق النقد الدولي، وتتبناها الحكومة لإعادة هيكلة القطاع العام، وخاصةً الصناعي منه، تلك الهيكلة التي تعني كما هو واضح تصفية القطاع العام، أو بالحد الأدنى تقليصه إلى الحدود الدنيا، وهذا ما أكده أركان الحكومة في تصريحاتهم وقراراتهم.
ويمكن أن نستنتج من هذا أن الحكومة عازمة على مواصلة برنامجها وسياساتها، رغم كل ما جرى في العالم من هزّات جعلت جهابذة الاقتصاديين الرأسماليين يعيدون التفكير بأسس السياسات النيوليبرالية الاقتصادية لإيجاد مخارج تبقي مصالحهم وتحافظ على أرباحهم بالضد من مصالح وحقوق شعوبهم، باستثناء جهابذة «حكومتنا »العتيدة الذين يؤكدون دوماً على أن اقتصادنا الوطني بخير وسلام، بالرغم مما يعانيه شعبنا من ويلات الغلاء والفقر والبطالة، وبهذه المناسبة فإن العديد من القيادات النقابية عند ردها على المداخلات التي تطرحها الكوادر النقابية في الاجتماعات والمؤتمرات، تطالب الطبقة العاملة والكوادر النقابية بالانتباه لما تطرحه، وخاصةً إذا كان موجهاً للحكومة وأركانها، حيث إن الموقف الوطني الآن، وفقاً لتلك القيادات النقابية، يتطلب من الطبقة العاملة ومن النقابيين القفز فوق مطالبهم وحقوقهم، وعدم توجيه اللوم إلى لحكومة، باعتبارها منشغلة جداً بتأمين متطلبات الصمود، التي تقتضي من الطبقة العاملة شد الأحزمة على البطون أكثر، والقبول بما يجري الآن!!!
المطلوب في هذا السياق تعزيز قدرة الطبقة العاملة على الدفاع عن حقوقها ومكاسبها، والتخلي عن أوهام الشراكة مع الحكومة، واعتبارها الملاذ الأول والأخير للحركة النقابية لتحقيق مطالب العمال.
إن من يدافع عن حقوق العمال ومكاسبهم هم العمال أنفسهم، وقياداتهم النقابية الحقيقية، التي بدأ الكثير من أفرادها يطرحون ضرورة تبني النقابية المطلبية، التي هي أساس ومبرر وجود النقابات التي من المفترض بها تمثيل الطبقة العاملة والدفاع عن حقوقها، وجزء أساسي من هذه الحقوق هو الدفاع عن مكان العمل، أي عن القطاع العام، وبهذا تساهم الطبقة العاملة في تعزيز الصمود الوطني الحقيقي الذي تتطلبه المعركة مع العدو الخارجي والعدو الداخلي، وتحقق توازناً حقيقياً بين موقفها الوطني الأصيل، وبين نضالها المطلبي الصلب، فهل هذا يضر حكومتنا العتيدة ومن يقف معها؟!!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1146