التأمينات الاجتماعية والعمال المحالون إلى المعاش
هناك سؤال دائماً يتبادر إلى أذهان العمال بشكل عام، لماذا أرباب العمل وخاصة في القطاع الخاص يمتنعون عن تسجيل العمال الذين يعملون في منشآتهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أو يقومون بتسجيل عدد محدود من العمال وهؤلاء العمال المسجلون يقدمون إلى مفتشي التأمينات عند قيامهم بجولات تفتيشية على بعض المنشآت وباقي العمال تتم تخبئتهم إلى حين انتهاء الجولة التفتيشية، هل هذا الفعل لعدم إدراكهم لأهمية هذه المظلة للعمال ولهم أيضاً؟ أم أنهم يختصرون التكاليف من خلال عدم دفع حصتهم عن العمال؟
عندما يحال العامل المؤمن عليه لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلى معاش الشيخوخة بعد أن يكون قد أفنى جل عمره في هذا العمل أو ذاك وآن له أن يرتاح بإجازة مفتوحة لقاء ما قدمه من عطاء وجهد وما تعرض له من مخاطر مختلفة نتيجة عمله. هنا تكمن المعاناة الأكبر التي يتعرض لها المتقاعدون.
أولاً، بأحسن الأحوال لن يحصل العمال المؤمن عليهم إلا على 80% من أجرهم وذلك حسب قانون التأمينات الاجتماعية رقم /92 / وتعديلاته.
ثانيا: مع تقدم المؤمن عليه في العمر تزداد مشكلاته الصحية من أمراض قد تكون مزمنة، وأمراض طبيعة يتعرض لها، وهي بحاجة إلى معالجة وأدوية، وأسعارها في ارتفاع مستمر، وغيرها من أشكال العلاج ومنها العمليات الجراحية المختلفة، وهذا يشكل أعباء مالية على العامل المحال إلى المعاش قد تصل تكاليفها أحيانا إلى أكثر من راتبه التقاعدي المصروف له.
ومن المعروف أن معظم عمال قطاع الخاص المنضوين تحت مظلة التأمينات مسجلون برواتب الحد الأدنى للأجور وغالباً ما تكون أقل بكثير من رواتبهم الحقيقية إضافة إلى أن هذا الحد الأدنى بعيد جداً عن الحد الأدنى لتكاليف المعيشة اليوم الذي يتجاوزه بعدة أضعاف وكذلك رواتب عمال الدولة لا تنقصهم هذه المعاناة من ضعف الأجور المتدنية، وبكل الأحوال إن هذا الراتب التقاعدي بالنسبة للعامل هو انخفاض في الدخل وتدنٍّ في توفير الحاجات الحياتية له ولأفراد أسرته، وبالتالي له انعكاسات سلبية اجتماعية وإنسانية عليه.
واستكمالاً لمفهوم التأمينات الاجتماعية وغايتها الإنسانية والاجتماعية لا بد لها من العمل على توفير تلك الخدمات الضرورية اللازمة لهؤلاء المتقاعدين وذلك بتأمين تلك المراكز الصحية الضرورية، وعلى الأقل إنشاء مشفى لتقديم هذه الخدمات المجانية للمتقاعدين. وذلك تحقيقاً لأهداف مؤسسة التأمينات الاجتماعية في رعاية العمال المنضوين تحت مظلتها صحياً واجتماعياً واقتصادياً كون هذه المؤسسة هي المسئول الأول والأخير عن المنتسبين إليها.
تستطيع المؤسسة أن توظف استثماراتها في هذا القطاع الهام وعلى الدولة أن توفر لها كافة التسهيلات الضرورية لذلك. إضافة إلى تقديم الدعم الكافي لتطوير هذه الخدمة الضرورية باعتبارها مسؤولية اجتماعية تقع على عاتقها اتجاه المجتمع هذا عدا عن توفير ما تتطلبه هذه الشريحة من دور الراحة المختلفة والاستفادة من خبراتهم المختلفة، ولماذا لا يكون للمتقاعدين نقابة خاصة بهم تعمل على الدفاع عن حقوقهم ومطالبهم المختلفة التي لا بد من توفرها لهذه الفئة من المجتمع بالرغم من طرح هذا الموضوع مراراً في اجتماعات المجلس العام لنقابات العمال، وإلى الآن لم يرَ النور رغم أهميته بالنسبة للمتقاعدين.
ومن غير المعقول أن يعتمد العامل المحال إلى المعاش أو العمال الذين تعرضوا لإصابة عمل على الجمعيات الخيرية أو المؤسسات التي تغص بهم الآن نتيجة تردي الأوضاع المعيشية من كل النواحي، حيث تقدم هذه الجمعيات بعض الدعم المادي والعيني من مواد غذائية وأدوية وخلافه وهي تقوم بمهام مؤسسة التأمينات المفترض أن تقوم به.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1138