فساد أم فضيحة أم جريمة؟
لا شكّ أن ما نشرته قاسيون عمّا حدث ويحدث من فسادٍ في وزارة الصحة بكل مفاصلها وتوابعها، وكلّ ما يتعلق بصحة المواطنين ليس إلاّ جزءاً مما انكشف، وأنّ ما خفيَ أعظم.. وقد وصل الاستهتار مؤخراً حداً خطراً..
لا شكّ أن ما نشرته قاسيون عمّا حدث ويحدث من فسادٍ في وزارة الصحة بكل مفاصلها وتوابعها، وكلّ ما يتعلق بصحة المواطنين ليس إلاّ جزءاً مما انكشف، وأنّ ما خفيَ أعظم.. وقد وصل الاستهتار مؤخراً حداً خطراً..
القصص القصيرة جداً هي أشد أنواع القص الحديث فتكاً وفضحاً للواقع.. مكثفة ومركزة وتجسد مآسي كبيرة بكلمات قليلة.. وإليكم الدليل..
أيام زمان في بداية الستينات، كنا نقف صباحاً في باحة المدرسة، ننشد بعض الأناشيد الوطنية كنشيد الجزائر ونشيد موطني وغيرها.. ونختم بالنشيد الوطني، وكانت هي بداية زادنا الروحي الوطني والبصيرة والمعرفة السياسية للمرحلة اللاحقة!
يتساءل أغلب المواطنين الذين طحنتهم الأزمة ويبحثون عن الخلاص، من المسؤول عن إطالة أمد الأزمة؟؟ خاصة وأنهم يتلمسون بأيديهم كثيراً من الوقائع والممارسات التي تحمل طابعاً وحشياً ولا إنسانياً من قصف وقنص وتدمير وهدم، طال الأخضر واليابس، ولم يطل من يقال عنهم إنهم إرهابيون إلا القلة القليلة منهم، بينما الخاسر الأكبر هو الشعب والوطن بأبنائه من المدنيين والعسكريين الذين تسيل دماؤهم الطاهرة يومياً بالمئات، وكذلك البلاد من خلال تدمير البنية التحتية الخدمية والإنتاجية والأملاك العامة.. ألخ، بالإضافة لتدمير الأملاك الخاصة من منازل ومنشآت هي وليد جهد استمر عشرات السنوات لبنائها. وهذا كلّه وسع الشرخ أضعافاً مضاعفة بين الدولة والشعب، الشرخ السابق نتيجة التهميش والنهب والفساد، نتيجة الفقر والبطالة التي ازدادات بسبب السياسات الليبرالية الاقتصادية الاجتماعية التي طبقت في السنوات العشر الأخيرة، والتي أدت إلى انفجار الأزمة. ثم جاءت طريقة التعاطي مع الأزمة باعتماد الحل الأمني البحت ومن ثمة العسكري، لتدفع باتجاه العنف وتعميق مشاعر الحقد والغضب هذه المشاعر التي تولدت لدى جميع أبناء الشعب من الطفل الصغير الذي فقد أباه أو أخاه إلى المرأة التي فقدت فلذة كبدها أو زوجها إلى الشيخ الكبير الذي فقد زوجته أو ابنه أو حفيده.. بل وحرموا حتى من مأوى يأويهم ومن لقمة العيش البسيطة المغموسة سابقاً بالذل والمهانة، لاشك أن المسؤول عما قبل الأزمة وما بعدها هو قوى القمع والفساد التي هيمنت على الدولة والمجتمع..
إنّ معاناة الفلاحين من السياسات الليبرالية التي طُبّقت في السنوات العشر الأخيرة أصابت الزرع باليباس وجففت الضرع.. وكانت سبباً أساس في الأزمة التي يشهدها الوطن ويعاني منها الشعب ككل، والتي فاقمت معاناة الفلاحين أضعافاً مضاعفة وأخرجت آلاف الهكتارات من الزراعة وأدت إلى هجرة الفلاحين لأراضيهم وباتت الأمور تهدد وجودهم وأمن الوطن الغذائي.. واليوم باتوا مشردين يبحثون عن لقمة عيشهم اليومية.
انظرْ حولك، الأماكن، تضيق جداً، المدن والقرى والبلدات.. الشوارع والحارات كلها، ربما باتت لا تتعدى مساحة غرفةٍ صغيرة في حيّ مهمش..!
في دمشق، تسلم قدميك للطريق، فتتيه في شوارعها، وتطلق لروحك العنان، فتسرح بلا ضفاف، ويصبح الزمن بلا حدود، مجرد لحظات من الولادة إلى الوجود.. إلى أن تتوقف في مقهى أو مطعم شعبي لعلها تستكين.
في ظلّ التسيب والإهمال والفوضى، وسيطرة قوى الفساد، وغياب المحاسبة على مرّ السنوات السابقة، وفساد الشرطة وغيابها، خاصةً في هذه الظروف؛ أصبحت حياة المواطنين والممتلكات العامة مستباحة من الفاسدين والمهيمنين الكبار فكيف من المجرمين الكبار والصغار..؟ ناهيك عن اغتصاب الحقوق وانتقاصها..
اللغة من أكثر أدوات التجريد التي استخدمها الإنسان في التعبير والتواصل في المجتمع ومع الشعوب الأخرى، سواء برموزها الصوتية أم برموزها الكتابية، وهي كالكائن الحي تنمو وتكبر، ونشأت وتطورت مع الإنسان منذ وجوده ووعيه لهذا الوجود!
كان يا ما كان في قديم الزمان، منذ مائة عامٍ وعام وفي مثل هذه الأيام، تعرضَ شعب كامل، برجاله ونسائه وأطفاله وشيوخه للقتل والتشريد والترحيل والنهب واغتصاب الحقوق واغتصاب الأجساد..