فساد أم فضيحة أم جريمة؟
لا شكّ أن ما نشرته قاسيون عمّا حدث ويحدث من فسادٍ في وزارة الصحة بكل مفاصلها وتوابعها، وكلّ ما يتعلق بصحة المواطنين ليس إلاّ جزءاً مما انكشف، وأنّ ما خفيَ أعظم.. وقد وصل الاستهتار مؤخراً حداً خطراً..
فآخر ما وصل إلى قاسيون هو قيام إحدى شركات الأدوية الخاصة والمدعومة بتوزيع طبخات من شراب الأطفال الفاسدة، وهي الطبخات التي تحمل الأرقام: 148/155/157/158/164، أي مئات الآلاف من العبوات على مستوى البلاد، وقد أبلغت الشركة مستودعات الأدوية بسحبها من الصيدليات، لكن متى؟ بعد أن نفذت من الأسواق.. فالطبخة المتداولة حالياً والمتواجدة في الصيدليات، هي الوجبة ذات الرقم 167، أي أنّ الوجبات المراد سحبها قد بيعت للمواطنين وانتهى الأمر!! وإن بقي منها شيء فهو القليل القليل.. والشركة لم تبلغ مستودعات الأدوية بكتابٍ أو فاكس، وإنما عبر اتصالٍ هاتفي حتى لا تكون هناك وثيقة فتتسرب، وبالتالي تخفي جريمتها وجريمة المتهاونين والمتآمرين معها.. فما هو الذنب الذي ارتكبه هؤلاء الأطفال الذين يتعرضون للإبادة الجماعية..
إنّ هذه الفضيحة والجريمة التي تستهدف أطفال سورية، أي جيل المستقبل، تبين أنّ جهات كثيرة في القطاع الخاص وكثيرين من الداعين والداعمين له، لا تهمهم سوى الأرباح حتى وإن كانت النتيجة إبادة المجتمع..
كما أن من يدفع باتجاه الخصخصة مشاركٌ بالجريمة بشكل أو بآخر، خصوصاً بعد أن أسهم جدياً في إضعاف شركات الأدوية الحكومية التي بقيت ذات سمعة حسنة رغم كل النهب الذي تعرضت له..
فلو أنّ هذه الجريمة حصلت في بلدٍ يمتثل فيه الجميع للقانون لأحيل المسؤولون عنها إلى المحاكم بتهم خطيرة لا فكاك منها، ولو أنّ وزيراً تمت في عهده لاستقال فوراً وأحيل للقضاء سواء كان متورطاً أو غير متورط.. وهنا نتساءل أين الرقابة الصحية؟ ومن سيحاسب هذه الشركات وكل المتواطئين معها؟
هل أصبحت حياة المواطنين السوريين رخيصة إلى هذا الحد؟؟..