إنها قوى القمع والفساد..

يتساءل أغلب المواطنين الذين طحنتهم الأزمة ويبحثون عن الخلاص، من المسؤول عن إطالة أمد الأزمة؟؟ خاصة وأنهم يتلمسون بأيديهم كثيراً من الوقائع والممارسات التي تحمل طابعاً وحشياً ولا إنسانياً من قصف وقنص وتدمير وهدم، طال الأخضر واليابس، ولم يطل من يقال عنهم إنهم إرهابيون إلا القلة القليلة منهم، بينما الخاسر الأكبر هو الشعب والوطن بأبنائه من المدنيين والعسكريين الذين تسيل دماؤهم الطاهرة يومياً بالمئات، وكذلك البلاد من خلال تدمير البنية التحتية الخدمية والإنتاجية والأملاك العامة.. ألخ، بالإضافة لتدمير الأملاك الخاصة من منازل ومنشآت هي وليد جهد استمر عشرات السنوات لبنائها. وهذا كلّه وسع الشرخ أضعافاً مضاعفة بين الدولة والشعب، الشرخ السابق نتيجة التهميش والنهب والفساد، نتيجة الفقر والبطالة التي ازدادات بسبب السياسات الليبرالية الاقتصادية الاجتماعية التي طبقت في السنوات العشر الأخيرة، والتي أدت إلى انفجار الأزمة. ثم جاءت طريقة التعاطي مع الأزمة باعتماد الحل الأمني البحت ومن ثمة العسكري، لتدفع باتجاه العنف وتعميق مشاعر الحقد والغضب هذه المشاعر التي تولدت لدى جميع أبناء الشعب من الطفل الصغير الذي فقد أباه أو أخاه إلى المرأة التي فقدت فلذة كبدها أو زوجها إلى الشيخ الكبير الذي فقد زوجته أو ابنه أو حفيده.. بل وحرموا حتى من مأوى يأويهم ومن لقمة العيش البسيطة المغموسة سابقاً بالذل والمهانة، لاشك أن المسؤول عما قبل الأزمة وما بعدها هو قوى القمع والفساد التي هيمنت على الدولة والمجتمع..

إنها هذه القوى التي تقمع وتنهب وكانت تتدخل في كل شاردة وواردة في الدولة والمجتمع.. بل وتدخلت حتى بين الزوج والزوجة والأب والابن.. تنصّب هذا وتخلع ذاك.. تنصّب الفاسد المدان والخانع لأوامرها وتخلع كل من يسعى للمحافظة على بنية الدولة والمجتمع ويدافع عن حقوق الوطن والمواطن.. وكرامتهما..

إنها قوى الفساد التي استباحت ممتلكات الشعب والوطن العامة والخاصة وراكمت ثروات خلال سنوات قليلة.. فبات القلة القليلة يملكون أكثر من %75 من ثروات الشعب والوطن.

وقوى الفساد متمركزة في كبار المسؤولين في الدولة والمتحالفين معهم من رجال المال وكبار التجار.. ورغم كل ما تملك قوى القمع والفساد فإنها تسعى لاستمرار الأزمة وإطالة أمدها.. للمحافظة على وجودها وتوسيع نهبها..

إنها المسؤولة عن هدم منازل الأبرياء وأحزمة الفقر تحت حجج واهية بأنها عشوائيات ثم استملكتها وفق قوانين وقرارات تعسفية.

إنها المسؤولة عن تشريد آلاف الأسر نتيجة دفعها لاستمرار الحل الأمني العسكري البحت.

إنها المسؤولة عن حرمان آلاف العمال من حقوقهم.. بل وحتى رواتبهم.

إنها المسؤولة عن انخفاض مستوى التعليم وحرمان مئات الآلاف من أبناء الوطن من فرص التعليم.

إنها المسؤولةعن انهاك صحة المواطنين وحرمانهم من العلاج والدواء إنها هي التي دفعتهم إلى العنف وتدفعهم إلى المزيد منه، فلا فرق في الموت من الفقر والجوع، وبين الموت من القصف والقنص والتدمير. لذلك صرخ الفقراء الموت ولا المذلة، إنها تدفع باتجاه تغييب العقل وإعادة إنتاج ما قبل الدولة الوطنية من نزعات دينية وطائفية وقومية وعشائرية.

إنها قوى القمع والفساد الكبير التي تسعى حتى إلى هتك سمعة جيشنا الوطني وتضحياته وبطولاته، منذ ميسلون إلى الآن إنها القوى التي تخرّب الوطن بشكل مباشر أو غير مباشر.. وتريد تغيير الجغرافيا وتشويه التاريخ، ولا تريد أي حل سياسي يعيد الحقوق لأصحابها والكرامة للشعب والوطن التي هي فوق كل اعتبار...