لم نعطهم حقّهم..
شهداء اليوم ليسوا صوراً في كتب التاريخ، أو تماثيل جامدة في الساحات العامة.. هم أناس عاشوا بيننا، ربما صادفت أحدهم عند البقالية، أو لمست كتف آخر في الباص طالباً منه أن يوصل نقودك إلى السائق..
شهداء اليوم ليسوا صوراً في كتب التاريخ، أو تماثيل جامدة في الساحات العامة.. هم أناس عاشوا بيننا، ربما صادفت أحدهم عند البقالية، أو لمست كتف آخر في الباص طالباً منه أن يوصل نقودك إلى السائق..
إن فهم السياسة الإعلامية اليوم، لم يعد حكراً على الدارسين فقط، بل أصبح حديث الشارع السوري بكافة أطيافه، بعد الدور الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام الخارجية والمحلية في تغطية الأحداث في البلاد، معبرة عن مصالح الجهات المالكة لها، بحيث تحولت من مجرد ناقل للحدث إلى عامل مؤثر في صناعته وتوجيهه..
«يحتفظون بنا هنا وراء القضبان لنتعفن ويعذبوننا، ولكن ذلك رائع ومقبول لأنه ليس هناك أي فرق بين هذا العنبر وغرفة المكتب الدافئة. هذه فلسفة مريحة: لا تفعل شيئاً بينما ضميرك مستريح وتحس بنفسك حكيماً.. كلا يا سيدي، هذه ليست فلسفة، وليس تفكيراً، ولا سعة أفق، بل كسل وزهد، وأضغاث أحلام.. نعم! أنت تحتقر الآلام، ولكن لو أن أصبعك انحشرت في الباب، فلربما صرخت بأعلى صوتك!»
ترى عن أي نظامٍ كان «زياد الرحباني» يتحدث عندما قال : «شايفو عالنظام مش عم يمشي.. غَيِّرلو النظام!» ربما نظام السير: على اعتبار أن الازدحام في شوارع لبنان ومشكلة حزام الأمان والسائقين المتهورين لطالما شغلت اللبنانيين.
كانت الآراء السياسية في السابق تبدو مجردةً معزولة عن تفاصيل الحياة اليومية لمعتنقيها، تظل حبيسة طاولات المقاهي والكتب والمقالات، أو تشكل مادة دسمة لنقاش محتدم ممتع في السهرات. أما في سورية اليوم فالوضع مختلف تماما:ً إذ يدفع السوريون ثمن موقفهم السياسي أينما ذهبوا وكيفما تحركوا، بعد أن أصبح الحدث السياسي، وشكل الحل الذي تبنته الأطراف الفاعلة في الحدث السوري يرسم تفاصيل يومهم ويقرر مصير حياتهم لحظة بلحظة.
ماذا كان ليحدث لو امتلك محمود درويش مثلاً حساباً على الفيسبوك؟ أتراه كان سيستلم لإغواء «نشر» كل فكرة صغيرة تخطر على باله؟ وماذا لو لم تحصد بعض أبيات مديح الظل العالي عدداً كبيراً من « الإعجابات» هل كان سيصرف النظر عن نشرها فيما بعد؟؟
خلال السنوات الثلاث الماضية، ومع تعقد الوضع الميداني والمعيشي في البلاد، وازدياد الخطر والضغوط النفسية، برزت ظاهرة (مثيرة للاهتمام) على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عبّرت عن نفسها من خلال حالات(النكوص) الجمعي، وموجات(الحنين) لمراحل الطفولة وبرامج ومجلات للأطفال. (ذكريات التلفزيون السوري)، (مجلة أسامة)، (الزمن الجميل)، وغيرها من صفحات الفيسبوك حظيّت بمتابعة وتفاعل شرائح كبيرة من مستخدمي الإنترنت الذين أعادوا فتح صناديق الذاكرة لإخراج قصاصات أوراق من كتب القراءة القديمة خطت عليها قصائد (ماما ماما يا أنغامَ) و(قفز الأرنب)، واستذكروا الألعاب والأغاني الشعبية التي اعتادوا ترديدها في باحات المدارس وحصص الرياضة. كثر بصورة خاصة إعادة مشاهدة مسلسلات رسوم الأطفال القديمة عبر اليوتيوب مصحوبة بشتى عبارات الاشتياق والحب لأصدقاء الطفولة.
لا أعلم حقاً لماذا تشكو طوال الوقت، وما الداعي لتلك التنهيدات المتقطعة والنظرات الشاردة، ومحاولات التظاهر بأنك بائس وحزين. كما ولو أنك تتجاهل عمداً الاعتراف بالحياة الرغيدة التي تعيشها سراً.
إبّان الانتداب الفرنسي على سورية كثيراً ما اضطر الرقيب الصحفي أن يحذف ما لا يراه مناسباً مما كان يُكتب في الصحف الوطنية آنذاك، وكانت الصحف ترد بترك مساحات فارغة مكان المواد المحذوفة والاكتفاء بكتابة عبارة «حُذف بمعرفة الرقابة»
كثّف زياد الرحباني إطلالاته الإعلامية في وسائل الإعلام المصرية ًخلال الأسابيع القليلة الماضية على هامش مشاركته في مهرجان الجاز الدولي الخامس في القاهرة، كان الظهور الأول ضمن برنامج (آخر كلام) مع الإعلامي (يسري فودة) في قناة (أون تي في)، تلاه بعد ذلك حوار صحفي مع جريدة (المصري اليوم)، ليحل أخيراً ضيفاً في برنامج (جملة مفيدة) مع منى الشذلي على قناة (أم بي سي مصر)