حفلة ترف

حفلة ترف

لا أعلم حقاً لماذا تشكو طوال الوقت، وما الداعي لتلك التنهيدات المتقطعة والنظرات الشاردة، ومحاولات التظاهر بأنك بائس وحزين. كما ولو أنك تتجاهل عمداً الاعتراف بالحياة الرغيدة التي تعيشها سراً.

وتنكر كذلك سرقتك لبضع لحظات في الوقت الذي تظن فيه أن أحداً لم يرك .. دعني إذاً أنعش ذاكرتك قليلاً:

الساعة 6:30 صباحاً غططت في نومٍ دافئ  لما يقارب السبع دقائق كاملةً، تماماً بعدما ضغطت على زر «الغفوة» في المنبه، لم نستطع حتى هذه اللحظة التأكد من مضمون الحلم الذي رأيته حينها، إلا أننا نعمل على ذلك، وسنتخذ الإجراءات المطلوبة بحقك إن كنت حلمت الحلم الذي نشك به.. لأنك بدوت مطمئناً سعيداً وظل ابتسامة ارتسم على وجهك النائم، قبل أن يتدخل صوت المنبه في الوقت المناسب لإيقاف ما يجري.

الساعة 12:35سمحت لنفسك باخذ رشفة من فنجان القهوة على مكتبك، لا يوجد حتى هذه اللحظة قانون يمنع شرب القهوة أثناء العمل، إلا أن المشكلة كانت في الطريقة التي ارتشفت فيها  القهوة، حيث أنك أظهرت -بما لا يدع مجالاً للشك-  نوعاً من التلذذ، تلاه فوراً أخذ نفسٍ عميق من السيجارة.

الساعة 4 مساءً وصلنا من عدة مصادر أنك وقفت بضع دقائق على شباك غرفتك استرقت فيها النظر إلى الخارج، كنت تراقب أثناءها عصفوراً يتحرك متنقلاً بين أغصان الشجرة في الشارع.. كما لو أنك نسيت لبضع ثوانٍ أين تعيش حقاً .. بدوت شارداً، إلا أن صوت رصاص بعيد أعادك إلى رشدك قبل أن ترتكب المزيد من الحماقات «قال عصفور قال !!»

هل أكمل بعد، أم يكفي ما قلته حتى الآن؟؟ أتظن أن أحداً لم يرك عندما ابتسمت خفية في الشارع بعدما قرأت عبارة مكتوبة على الحائط؟ هل تريد أن أذكرك بأنك في الساعة 8:10 مساءً شغلت المدفأة الكهربائية بالرغم من أنك لم تكن تشعر ببرد يمنعك من الحركة أو التفكير، لأنك استسلمت لرغبة في الانتقام من ساعات التقنين الطويلة، أو أنك التهمت بشراهةٍ قطعةً من الخبز خارج المواعيد المحددة للأكل ..ولم تكتف بذلك بل أنهيت سلسلة انتهاكاتك بأن تشغل الموسيقا ليلاً قبل أن تنام، وتستمتع إلى أغنية «حفلة ترف» بكل صفاقة، كما لو أن كل لحظات الترف التي عشتها طوال اليوم لم تكن تكفي !!