شبكة النت وإعلان براءة القرش!
مشكلة سوء خدمة شبكة الإنترنت في سورية ليست جديدة، لكن الجديد هو: المزيد من هذا السوء، على الرغم من الوعود الرسمية حول تحسينها.
مشكلة سوء خدمة شبكة الإنترنت في سورية ليست جديدة، لكن الجديد هو: المزيد من هذا السوء، على الرغم من الوعود الرسمية حول تحسينها.
منذ أكثر من خمسة عشر عاماً قامت مؤسسة الاتصالات في اللاذقية المباشرة بتنفيذ مشروع لاسلكي للخطوط الهاتفية، يهدف إلى خدمة المواطنين القاطنين في مناطق يصعب إجراء الحفريات فيها، بغية تزويدهم بالشبكة الهاتفية الأرضية.
تتزايد بشكل مطرد انتقادات وسائل الإعلام المحلية للمعنيين في وزارة الاتصالات والتقانة والمؤسسات المركزية والفرعية التابعة لها الذين ما يزالون مصرين على التهرب من تقديم أية معلومة للرأي العام والامتناع الكلي عن التعامل مع الصحفيين في التزام مثير للأسئلة بتعليمات (وزيرهم) التي صدرت في أيار الماضي والتي حذرت فيها من التعامل مع وسائل الإعلام وتوعدت بالويل والثبور كل من يحاول مخالفة الأوامر، واشترطت الحصول على موافقة صريحة من الوزير قبل الإدلاء بأية تفاصيل لأية وسيلة إعلامية.
عندما عزمت وزارة الاتصالات السلكية واللاسلكية على دخول سوق استهلاك خطوط الهواتف النقالة (الموبايل) تقدمت شركتان مساهمتان بالعمل التجريبي لمدة سنة واحدة دون أي عوائد، وبعد انتهاء العام المذكور طرحت المناقصة من قبل الوزارة فرست على الشركتين المذكورتين ليس لسبب، بل لعدم تقدم غيرهما على المناقصة ...؟!!
اعتبارا من تاريخ الرابع عشر من الشهر الحالي سيتم تخفيض تعرفة رسم الاشتراك الشهري للخلوي من/600/ ليرة سورية إلى/400/ ليرة سورية وإلغاء الخمسين دقيقة المجانية، وتبدأ مع بداية أربع دورات هاتفية حسب تسلسل المستهلك. وقد أعلن وزير الاتصالات والتقانة عمرو نذير سالم في مؤتمر صحفي عقده بتاريخ 4/7/2006 أنه تم تخفيض رسم الاتصال بين الهاتف الثابت والهاتف الجوال وبالعكس، حيث أصبح بمعدل ليرة واحدة بدلا من ليرتين في الأوقات العادية وتخفيض التعرفة ليلا من ليرة ونصف إلى نصف ليرة سورية، وتم حسم 25% على خدمة حبايب وقرايب، وحسم 25% من أجور مكالمات يوم الجمعة وتخفيض رسائل الصور من15ليرة سورية إلى عشر ليرات.
تعد مؤسسة الاتصالات العامة من أربح المؤسسات الاقتصادية في سورية حيث وصلت إيراداتها في العام 2004 إلى أكثر من 34 مليون ليرة سورية معظمها من الهاتف الثابت، حيث وصل عدد دقائق المكالمات الدولية إلى 230 مليون دقيقة والقطرية إلى 2 مليار دقيقة في حين كانت إيرادات المؤسسة من الخليوي بحدود سبعة مليارات ليرة للعام نفسه، بينما قدر وزير المواصلات أرباح المؤسسة من خدمة الأنترنت بمليون ليرة سورية يومياً بالإضافة إلى أن هذا القطاع يوفر فرص عمل لأكثر من 23 ألف عامل، إلا أن هذه المؤشرات أصبحت جميعها مهددة بالتراجع مع الإعلان عن تحرير قطاع الاتصالات ودخول لاعبين جدد من الفريق الخاص إلى هذا القطاع الذي بدأ مع تعهيد أدارة الشبكة الذكية لشركة ZTM وتعهيد الشبكة الرقمية PPN لإحدى شركات مؤسسة حمشو للاتصالات في خطوة يرى فيها مراقبون تهدف إلى التخلص مما تبقى من القطاع العام والإجهاز التام عليه، بما يضمن نقل مركز المنفعة من قطاع إلى أخر بعد أن تغير اتجاه الرياح الاقتصادية التي أخذت تدفع المراكب الخاصة شيئاً فشيئاً إلى الأمام.
أكد الدكتور عمرو سالم وزير الاتصالات والتقانة خلال لقائه مديري شركات المعلوماتية المشاركة في معرض شام 2006 حول تكاليف الإنترنت أن أسعار الاتصالات في بلدنا ما تزال زهيدة نسبياً بالنسبة لمثيلاتها في بقية دول العالم، متناسياً أن مستويات الدخل في سورية أخفض من مثيلاتها في هذه الدول والبلدان التي تحدث عنها بما لا يقاس، ورغم هذه الميزة (الهائلة)، إلا أن الوزارة، والكلام للوزير، وبعد شهرين، ستجعل المواطنين يشعرون فروقاً كبيرة بشكل عام لاسيما على صعيد احتياط الدارة الدولية حيث سيتوفر في البلاد احتياط عن طريق الأقمار الصناعية. وأكد الوزير أنه وخلال سنتين أو ثلاث سنوات كحد أقصى، ستكون سورية الأولى عربياً في مجال المعلوماتية وبخبرات سورية متطورة ومتميزة.
«المعركة محتدمة وستستمر طويلاً».. هذا ما يجب أن يدركه كل من اختار أن يقف في صف الوطن، وفي صف القطاع العام الصامد حتى الآن رغم كل الحراب السامة الموجهة إلى قلبه، وفي جبهة محاربة الفساد والفاسدين التي لم يظهر بشكل جلي بعد من هو الصادق في الانتماء إليها ومن هو الدخيل المدعي فيها..
انشغل الرأي العام المحلي طوال الأسبوع الثاني من شباط الجاري، بما رشح من أنباء مؤكدة عن محاولات سافرة قام بها وزير الاتصالات والتقانة د.عمرو سالم وبعض المسؤولين في مؤسسة الاتصالات لتمرير مذكرة تفاهم مع إحدى الشركات «اللا ربحية»، هي في الحقيقة، وإذا ما تم اعتمادها، خطوة متقدمة جداً، على طريق خصخصة قطاع الاتصالات..
لا يكفي أن يقول السيد وزير الاتصالات إأن لا خصخصة بل إعادة هيكلة في قطاع الاتصالات حتى يصبح التعامل مع شركات قطاع خاص بعينها أمراً مشروعاً.