الفساد (بالتراضي) في وزارة الاتصالات

لا يكفي أن يقول السيد وزير الاتصالات إأن لا خصخصة بل إعادة هيكلة في قطاع الاتصالات حتى يصبح التعامل مع شركات قطاع خاص بعينها أمراً مشروعاً.

إنه الفساد يأخذ أشكالاً مختلفة لكنه هذه المرة أخذ شكلاً فاضحاً فقد وقعت وزارة الاتصالات مذكرة تفاهم مع جمعية (Bicta) لإدارة جميع الشبكات الحاسوبية والانترنت في سورية.‏
لا يوجد تسمية اخرى غير الفساد لمذكرة التفاهم هذه ومابعدها لأن جمعية (Bicta) جمعية (غير ربحية) مرخصة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهذا يعطيها ميزة الإعفاء من الضرائب.‏
ببساطة الجمعية التي تدير الشبكات الحاسوبية والانترنت في سورية مرخصة على أنها غير ربحية للتهرب من الضرائب، وبشكل فاضح أتاحت مذكرة التفاهم لجمعية (Bicta) حق تشغيل البنية التحتية (PDN) في مؤسسة الاتصالات ومزود الخدمة (تراسل) ومزود الخدمة (190) وجميع الشبكات الحكومية السورية.‏
وإذا كانت وزارة الاتصالات وبالتحديد مؤسسة الاتصالات هي الجهة الحكومية الوحيدة المخولة بتنظيم الشبكات الحكومية وبوابات الخدمات الالكترونية فإنها تنازلت عن (رضا وطيب خاطر) لجمعية (Bicta) التي يتابع (قضاياها) السيد فراس بكور!!‏
نقول (عن رضى وطيب خاطر) لان العقد تم (بالتراضي) ودون منافسة اي شركة أو جمعية أخرى.‏
وأسوأ ما في الموضوع ان مؤسسة الاتصالات التي تتحدث عن اللا (خصخصة) قبلت ان تملك 25% فقط تاركة 25% لجمعية (Bicta) بينما سيطرح 50% على الاكتتاب العام نفترض ان معظمها ستكون لافراد محددين من جمعية (Bicta) أو اصحابهم!!‏
يمكن ان تسمي ذلك نصف خصخصة وإذا أردت أن تكون بليغاً عليك أن تقول (خصخصة ونصف)!.1‏
فمن يملك 25% هو عملياً لا يملك 75% من القرار. وهذا يعني أنه لا يملك الحق في اتخاذ قرارات مهمة تتعلق بإدارة وتشغيل الشبكات الحكومية. فإذا عرفنا أن هذه الشبكات تتضمن أنظمة الهجرة والجوازات والسجل المدني والمصارف، وكل الشبكات الحاسوبية في سورية، ستعرف حجم الضرر الذي سيلحق بنا جراء التنازل (بالتراضي) عن امتلاك الحصة الأكبر في الشركة المشتركة التي عادلت فيها حصة جمعية (Bicta) ما تملكه الحكومة.‏

إن ما يمكن طرحه الآن وبكثير من إشارة أصابع اتهام صريح ودون مواربة:‏
- لماذا تم إجراء عقد تراض؟
- كيف تحصل جمعية (لا ربحية) على مذكرة التفاهم.. ومن ثم عقد الشركة المشتركة؟
من المسؤول عن إعطاء جمعية (Bicta) حق تشغيل البنية التحتية في مؤسسة الاتصالات بعد عدة أيام فقط من إشهار الجمعية غير الرسمية!! وماهذا التسرع غير المبرر؟.‏
لاشك أن قطاع الاتصالات هو القطاع الثاني بعد النفط الذي يقدم لخزينة الدولة موارد مالية ضخمة.‏
وإذا كانت سورية تريد مشاركة القطاع الخاص وتأمل أن تصل مساهمته إلى نسبة 77% مع نهاية الخطة الخمسية إلا أن ذلك لايجعل من عقود الفساد مبرراً لتغطية خصخصة غير معلنة.‏
إن هذا الموضوع يحتاج إلى وقفة صريحة ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، فلا يجوز أبداً السماح بتضييع الأموال على خزينة الدولة تحت مسمى (إعادة الهيكلة) أو (إصلاح شبكة انترنت)!!‏
السيد وزير الاتصالات: ماتم حالة فساد واضحة حتى ولو سميتها (إعادة هيكلة)‏
فأسوأ أنواع الفساد ذلك الذي يتم تحت عنوان (الإصلاح).‏