رسالة مفتوحة إلى وزير الاتصالات في سورية سيادة الوزير د.عمرو سالم، تحية وبعد:
عام كامل مرّ على كتابتي عنكم مقالا بعنوان: "لن تصنع وردة ربيعاً"، وذلك بعد متابعتي عن كثب لتلك الآراء والوعود التي كنت تقدّمها بوساطة أحد المنابر الالكترونية، كي تعمم هذه الآراء سريعاً، ويتلقفها مواطنونا العطاش إلى أيّ منجز، ليعتبروك علامةً فارقةً في الحكومة، ولاسيّما أنّ من بين هذه الأفكار، ولأذكّرك يبعضها (وهي لمّا تزل في الذّاكرة الالكترونية العالمية)؛ تخفيض أجر الاشتراك في خدمة (ADSL) إلى ألف ليرة سورية، تقسيط مليون حاسب للمشتركين بموجب فاتورة الهاتف، وتخفيض اشتراك خطوط الخليوي للأطباء والطلاب والكتّاب والصحافيين، وغيرها من الأفكار الكثير، وقمتم بتحديد مدة زمانية أقصاها صيف عام 2006 لتحقيق هذه الأفكار والوعود، وصحيح أنه تحقق بعضها، لكن الكثير لم يتحقق في المقابل.
خلبتني هذه الآراء، وجعلتني أغتبط وأقول في نفسي: لقد جاء سليل المهديّ الحكوميّ، ولابدّ من أن نجاح هذه التجربة على يديكم، سيكون عامل تحفيز لسواكم، كي يشرعوا أبواب قلوبهم لمواطنيهم، وليعلم كلّ مسؤول أنه خادم وطنه ومواطنه، ولتنكسر الحدود التي تحول دون تواصّل دورة المواطن- المسؤول..
سيادة الوزير:
أنتم أكثر من يدري أن الاتصالات أصبحت عصب الحياة، وأن أسرة صغيرة كأسرتي يملك أفرادها ما يزيد عن سبعة اشتراكات بين خط هاتفي ثابت ومحمول، الأمر الذي يساهم في هدر رواتبهم، وجعلني أكتب ذات يوم مقالاً عنوانه : "أعمل كي أتكلم" تناولت فيه ما ترتبه ثورة الاتصالات على كاهل المواطن، وعلى حساب لقمة عيشه، وهو ما يجب أن تضعوه في حساباتكم كجهة راعية لهذه الاتصالات في سوريا، ولابدّ من التفكير بألا تشكّل الاتصالات عبئاً على لقمة المواطن، وواقعه، ومستقبله.
إنّ كتابتي بشكل ايجابي عنكم (آنذاك)، دفعتني لأتّتبع مايصدر عنكم، لئلا أخسر الرهان، وقد آلمني ذات يوم تصريح تتحدّثون فيه عن المقدرة على فتح البريد الألكتروني للمواطن، وهو ما جعل الفزع يدبّ في روحي، إذ قلت في نفسي: يا الله، أيّ اعتداء على الحقّ الشخصي للمواطن يتمّ، عبر خرق خصوصيته، والإطلاع على مراسلاته؟! مع إنّ صونها يعدّ أحد الحقوق المنصوص عليها في مبادىء حقوق الإنسان، وإن بلدنا سوريا من البلدان الموقعة على هذا الميثاق العالمي، وصدمني تعميم صدر عنكم مؤخراًً وجهتموه إلى أصحاب المواقع الإلكترونية، تطالبونهم فيه بالتأكّد من هوية مراسليهم، وإلا سيتمّ إنذارهم، ومن ثمّ حجب أيّ موقع مخالف!.. وقد تمت مؤخراً حملة كبرى على مواقع الإنترنيت, وتمّ إغلاق الكثير منها، وبات لا يعطى التّرخيص لصاحب المقهى، إلا بعد القبول بشروط كثيرة منها, إبقاء مفضلة الزّيارات لمدة شهر كامل, وأخذ معلومات البطاقة الشّخصية للمواطن المتصفح للإنترنت, ليلعب بالتالي دور المراقب مع المتعاملين معه, وتتمّ ملاحقة أيّ مخالف, وهو ما سيشكّل حرجاً لشخصه, ويشكّك بمصداقيته، بل وهل أحدثكم سيادة الوزير عن بطء الإنترنيت؟ وسوى ذلك, مما لا أريد الخوض فيه؟ لأنّ غرضي هو الحوار, من أجل فائدة مواطننا ووطننا، على حدّ سواء.
لا شك إنكم ستدافعون عن ضرورة وجود الرّقابة, من موقعكم, كجهة حكومية, ولكن قبل ذلك أبادركم بالقول: إن وضع حدّ لحالة احتقان المواطن، تكون عبر نشر الديمقراطية، وتأمين كافة ما يلزمه ليكون كريماً في وطن كريم, وعدم محاسبة أحد على إبداء حقه في الرأي, وأن يتمّ اللجوء إلى القضاء الشّفاف والنّزيه مع المواطن, ليكون الفيصل في أيّ خلاف يقع بينه وبين السلطات، بدل أن تتم ملاحقته، والتضييق عليه, ومن ثم اعتقاله, كما في بعض الحالات!. وتكون سعادة المواطن عبر تأمين العمل له بما يمنعه من العوز، ويرفع عنه كابوس الفاقة، وعبر توفير الحرية في إبداء الرأي، ووضع حدّ للفساد، وتوزيع مواد البلاد على أبناء البلاد، وتوفير لقمة العيش للمواطن ولأسرته، مما يدفعه للانخراط بكل قواه وطاقاته في عملية بناء وطنه..
يقيناً, سيادة الوزير، إنّي كنت أشعر بمرارة كلّّما وجدت أن وعداً من الوعود التي أطلقتموها لم يتحقّق, لأنّني أسرعت في الإعراب عن استبشاري بالوعود التي أبديتموها, وهو من حقّي كصاحب قلم نظيف، دأبت ألا أحابي أحداً, وأن أرصد كل ما يقع من أخطاء وغبن ومظالم، وأتوق لأن أرى النقاط البيضاء, التي تهزّني, فأكتب عنها, ولكن, ويا للأسف، دون جدوى!..