أما من أمل؟!
يطالعني وأنا «أخربش» قليلاً بقلمي الذي كان فيما مضى يسير وحده بما يجول به فكري، قول صديق لي، كنت كلما حدثته عن الأمل والتفاؤل، وعن الحياة والمستقبل، أجابني بجملته المشهورة، التي صرنا نكنيه بها «ما في أمل».
يطالعني وأنا «أخربش» قليلاً بقلمي الذي كان فيما مضى يسير وحده بما يجول به فكري، قول صديق لي، كنت كلما حدثته عن الأمل والتفاؤل، وعن الحياة والمستقبل، أجابني بجملته المشهورة، التي صرنا نكنيه بها «ما في أمل».
أرادتها القبيلة؟؟ حسناً لها ما تريد.. هذه الذات لن تنفع معها إبرة تهديد مهدئة، أو مسمار وعيد يُدق في إصبعها.. ولكن إن لزم الأمر أن أتزوج «للتناسل»، على الأقل، فسأفعل، وهنا أضمن إنجاب ذرية مثلي وتكون «براقش» قد جنت على قومها.. ومع وقفة تأمل عميقة حول موقف خطير أطلقته جدتي في إحدى السهرات: «اليوم تتدللين وتختارين، وغداً تتمنين زبالاً..»، مع احترامي وإجلالي لصنّاع النظافة في زمن النفايات المستوردة على جميع الأصعدة. وبما أنني بلغت سن اليأس، أي منتصف العشرينات ولم أتزوج بعد، وبما أن الأمر يثير حفيظة العائلة والجيران والأقارب والصديقات (دون الأصدقاء)!! ونظراً لهذا التآزر الكبير فيما بينهم ضد قراري بالحرية المؤقتة، ريثما أصادق على وثيقة «استيطاني» المجمّد حالياً..
كعادته، ينهض فينيق من نومه الشتوي، يخلع عنه الطين والبرد من شهور الغور في طمي البلاد، كعادته يستيقظ، كعادته يذكرنا بالربيع الذي يمارس فينا حياة النهوض، فينيق الذي يسهر على إفاقتنا من غفوة البلادة.
أما نحن، فكعادتنا نروح مع تحرره، ونختال من دفء يخلع عنا أردية مستعارة، وأرواح غلفها الدخان المتصاعد من مدافئ ساكنة كالموت، وحارّة كجهنم، ونهيم من نسمة مسائية تقذف ما بقي من شعرنا على وجهنا المحتقن، وهواء يدور في صدرنا الذي يتسع حد التنفس.
سأل رجل الإمام الغوطي يوماً فقال: يا إمام! كم تعد؟ قال: من واحدٍ إلى ألف ألف، قال: لم أرد هذا! قال: فما أردت؟ قال: كم تعد من السن؟ قال: اثنان وثلاثون سناً، قال: لم أرد هذا!، قال: فما أردت؟ قال: كم لك من السنين؟ قال: مالي منها شيء، كلها لله عز وجل. قال: فما سنك؟ قال: عظمٌ! قال: فابن كم أنت؟ قال: ابن اثنين، أب وأم! قال: فكم أتى عليك؟ قال: لو أتى علي شيء لقتلني!. قال: فكيف أقول؟، قال: قل: كم مضى من عمرك؟
الحقيقة أن القصة على طرافتها فيها من الفوائد الكثير، أجتزئ منها فائدتين، فاللفظ الصحيح واللغة السليمة في توجيه السؤال لهما كبير الأثر في المسؤول، فهي تيسّر عليه الإجابة وتختصرها، كما أن الدقة والعناية لهما أثر طيب أيضاً.
يعكف مشروع «كلمة» للترجمة في هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث حالياً على ترجمة رواية «قصة حصار لشبونة» " للكاتب البرتغالي الكبير جوسيه ساراماغو والذي وافته المنية مؤخراً في 18 الشهر الجاري بعد مسيرة حافلة بالإبداعات الأدبية.
لن أذهب إلى أمي هذا المساء، ولن أتابع مباراة كرة قدم مشفرة، لن أكتب خبراً صحفياً، سأترك ابني (حازم) دون قطعة شوكولا، ولن أرضخ لرغبة زوجتي في عدم النوم على الأريكة القاسية.. سأذهب فقط إلى قلبي الشاعر الذي تركته على الرف منذ أن ابتلاني الله بمهنة الصحافة.
أبي يعقد قرانه على الريح، وكانت الريح تصطاد أبي في ذاكرته ومخيلته الخصبة، وكان كلما حملنا إلى السهل نحن أولاده، أخذنا فؤوسنا المسننة جيداً لنحتطب الشوك هناك في السهل الذي أيضاً لعبت به الريح وفعلت فعلتها به، إلا أننا لم نكن إلا راضين ومطمئنين إلا أن أباً مثل أبي بجرأته ووحشيته في الحب، سيقودنا أبداً إلى الكلام السعيد في الحكاية غير المنتهية، بصراحة لا أشك مطلقاً أن الكلام هنا الآن، في هذه اللحظة العصيبة من تاريخي الشخصي الهش، يختلف عن مجرى الحكاية والسرد الذي بنيت عليه، مثلا لم ينتصر الخروف على الذئب، والذئب لم يرحم الخروف، عندما مثل بجسده الغض، والرجل الذي التقى أبي ورأى شحوب وجهي ، وتغضن كفي من عمل أزاوله فنصحه أن عد به إلى البيت، لا حيلة لهذا الفتى مع الريح وسهلها، كان الرجل أيضا يصطحب ابنه إلى حيث أنا ذاهب وكان أبي أعلم بذلك مني، وكنت أفرح إذ أتوهم أن الشمس هناك أجمل، وان أصدقائي كثر وينتظرون بكل مايحملون من ضغينة تجاه آبائهم القساة، الموت هنا مجازي، رجل هو في حياتك، وامرأة تواطأت معه، وإخوة يشبهون إخوة يوسف لكنك لست يوسف لترأف بهم، وأبوك ليس يعقوب ليشفع لهم عند يوسف بن يعقوب ولده وهو أعمى الآن ويتحسس عطر ابنه النبي، أحمل فأسي وأهوي بها على شجيرة الشوك التي تعلمت قتلها، فأرى الدم ينز منها، وأهوي ثانية لأرى تدفق اللحم السائل أمامي فلا أسأل، وهل علي أن أسأل كلما قتلت أحدها، علمني أن أفعل، والعادة أني أثق بكل مايقوله هذا الرجل الذي تربطني به علاقة بيولوجية، ومن عادتي أن أتشبه بالأنبياء ليس تديناً وإنما حملاً لصخرة ينوء ظهري بحملها، فلا أجد فكاكا، من أن أعزي نفسي بهم، وأعود إليهم كلما ضاقت الدائرة، حتى أني صرت أصلي صلوات مختلفة، وكثيراً ما يتهيأ لي أن بعض البشر الذين أراهم ماهم إلا ملائكة، وربما قلت في سري هي المكافأة، وهي اليد ترعاك، ولن تموت وأن تسارعت نبضات قلبك واصفرت الحياة من حولك، متحولة إلى الكابي اللون الذي طالما يتحدث عنه من يزعمون أنهم اقتربوا من وحش ضبابي لايمكن قهره،
يظهر في مجموعة «مرافئ الإحساس» (دار إنانا) للقاصة مريم عبارة، وهي المجموعة الثانية بعد «رواسب نجومية»، أسلوب الكتابة وكأنما القاصة لم تطلع على الكتابة الحديثة للقصة مطلقاً، فقصصها عادية ومباشرة تهتم بالمضمون فقط على حساب الفنية، تحاول وتهدف إلى إيصال الفكرة إلى القارئ دون حساب للأدب والفن والجمال.