نور الحلبي نور الحلبي

أريد عريساً..

أرادتها القبيلة؟؟ حسناً لها ما تريد.. هذه الذات لن تنفع معها إبرة تهديد مهدئة، أو مسمار وعيد يُدق في إصبعها.. ولكن إن لزم الأمر أن أتزوج «للتناسل»، على الأقل، فسأفعل، وهنا أضمن إنجاب ذرية مثلي وتكون «براقش» قد جنت على قومها.. ومع وقفة تأمل عميقة حول موقف خطير أطلقته جدتي في إحدى السهرات: «اليوم تتدللين وتختارين، وغداً تتمنين زبالاً..»، مع احترامي وإجلالي لصنّاع النظافة في زمن النفايات المستوردة على جميع الأصعدة. وبما أنني بلغت سن اليأس، أي منتصف العشرينات ولم أتزوج بعد، وبما أن الأمر يثير حفيظة العائلة والجيران والأقارب والصديقات (دون الأصدقاء)!! ونظراً لهذا التآزر الكبير فيما بينهم ضد قراري بالحرية المؤقتة، ريثما أصادق على وثيقة «استيطاني» المجمّد حالياً..

وحيث أن سلسلة هذه المواقف تفوح منها رائحة مؤامرة من الغرب المستعمر والساعي للانقضاض على خيراتنا ونهب ثرواتنا وغرزنا في الحضيض الفكري والتفلت الأخلاقي..(إلى آخر الموشح)، ولأنني لن أستطيع مقارعة الزمن وحدي (كوني ضلعاً قاصراً)، قررت أخيراً أن أتأهل، وأغيظ «عازبة» تلك التي قهرتني طويلاً في خانة الحالة الاجتماعية على بطاقتي الشخصية، كما نويت أن أخلع باب الصمت وأكشف نواياي المبيتة وأعلن شروط قبولي بزوج المستقبل الذي سيشاركني حياتي في الضراء فقط، فالسراء غالباً لخارج بيت الزوجية.

وتالياً على من يرغب بالزواج مني أن يحوز رزمة الشروط الآتية:

. أن يكون ابن عائلة حسن التربية ومحافظاً على عذريته (مش بايس تمو غير أمو).

.أن يكون منقّباً لا يظهر منه إلا الكفين كي يرى الجميع خاتم الزواج في إصبعه: فأنا أغار ولا أحب أن يكشف زوجي على الغريبات (والغرباء أيضاً بسبب تزايد هذه الحالة مؤخراً).

.أن يكون رجل بيت له فم يأكل، وليس له فم يحكي، فأنا امرأة أعود من عملي متعبة وأحتاج إلى الهدوء والراحة.

. أن يكون صبوراً غير متطلب، وعلى دراية بالأزمة الاقتصادية التي تهزّ العالم مما يتسبب بارتدادات بالغة الخطورة على واقعنا اليومي والحياتي ولا سيما الزوجي.

.أن يتفرغ لواجباته البيتية وتربية الأولاد، فأنا بشكل عام لا أحب الرجل العامل لأنه يوجع الرأس، وقد يشبّ عن طوقي ويغرقني في شعارات الاستقلالية والمساواة وما شابه ..(الباب الي بيجيك منو الريح سدوا واستريح).

.أن يكون متعلماً ومثقفاً ومدافعاً شرساً عن حقوق المرأة، فأنا لا أحتمل الرجل الجاهل أو السطحي أو (الدقة القديمة)، بل أريده من حملة الشهادات العليا كي أتباهى به أمام صديقاتي وزميلاتي.

.أن يكون مُشرقاً يعتني بجماله وعطوره بشكل دائم، وإلا زاغ نظري والتفتُّ لسواه (امرأة واستحلت)..!

. أن يكون طريفاً خفيف الظل وصاحب نكتة (مفرفش يعني)، حتى في أحلك الظروف وأسوأ المناسبات، فأنا لا أطيق الرجل العبوس وقد أبحث عن السعادة المفقودة خارج البيت الزوجي.

.أن يأكل بإذني، وينام بإذني، ويتنفس بإذني، وإن لزم الأمر أن يموت فبإذني أيضاً، فأنا لست «رِجل كرسي».!

. الخروج بطلب رسمي يقدّم قبل أسبوع كي أنظر فيه وأدرسه بهدوء، نظراً لكثرة انشغالاتي ومواعيدي واجتماعاتي وسهراتي وعشاءات «العمل» خارج البيت..

. ألا يتكلم بصوت عالٍ في حضوري، وألا يجادلني فيما أرتئيه صواباً، وألا يتذاكى كثيراً عليّ فأنا صاحبة تجارب وخبرات وبطولات وفتوحات، أعرف ما يجهله وخضت فيما لم يخضه، فإن قلت البحر أخضر يعني أخضر وكفى..!!

.أن يمارس واجباته الزوجية بإتقان ومهارة عالية، وأن يمتثل لرغباتي شاء ذلك أم أبى، وإلا .. وإلا بحثت عن الحب وعوّضت حرماني خارج قنّ الزوجية!

.أن يمتثل لقراري في «تأديبه» حين يشذّ عن القواعد والأعراف المعمول بها في قبيلتنا، لأن منظومتنا و«منظورنا» هو الأصح كما أثبتت التجربة..!!

.أن يغفر خياناتي المتكررة وتجاربي ونزواتي ولحظات ضعفي وطيشي و«جهلاتي» في الثلاثين والأربعين والسبعين.. وأن يصون بيتي وشرفي وعِرضي في غيابي..

.أن يدعي أنه تزحلق بسائل التنظيف أثناء مسح البيت، أو أنه ارتطم بالباب عندما تزرق عينه أو يتورّم خده بسبب «تأديبي» البهيمي له..!

.«الحَرَد» عند أهله ممنوع منعاً باتاً، وإن ركب رأسه وفعلها فإما أن يعود صاغراً، أو أبعث له وثيقة الطلاق حيث يكون (ما عنا رجال تنام برا البيت).

.أن يبرر ارتكابي لجريمة شرف لو اشتبهت بخيانته! فأنا شرقية دمي حامي، ولست بوارد أن أوصم «بالطرطرة»  طوال عمري أمام بنات قبيلتي..!

والأهم من كل ذلك ذريته المؤنثة، أي ألا ينجب إلا إناثاً يحملن رايتي، ويستكملن مشواري ويدخلنني الجنة.. وقد أُعذر من أنذر ..!

هذا بعض ما تتضمنه سلة شروطي للدخول في مفاوضات الزواج. أو يمكن القول إن هذه هي خارطة الطريق إلى قلبي، بعد أن رفضت أغلب مبادرات الزواج العائلي التي تنطوي في أغلبها على تدخلات سافرة من الخارج مما يشكك في مدى براءتها.. فهل أجد في هذا الشرق «أبو شهاب» عصري يرى أبعد من شاربه، ولا يذكرني دائماً أنه وحده فقط «من يضع الأمور في نصابها»..

■  (كاتبة سورية مقيمة في لبنان)