كيف أصبحت شيوعياً
ضيفنا لهذا العدد هو الرفيق الطبيب حنا بن برصوم حنا من الرفاق بتنظيم (النور).
رفيقنا المحترم كيف أصبحت شيوعياً؟.
ضيفنا لهذا العدد هو الرفيق الطبيب حنا بن برصوم حنا من الرفاق بتنظيم (النور).
رفيقنا المحترم كيف أصبحت شيوعياً؟.
لم يصدق «آزاد» ابن الثالثة عشرة أبويه عندما قالا له إن جارنا صحفي، وسوف يقوم بنشر خبر ساخر عن الخطأ الذي وقعت فيه وزارة التربية في أسئلة مادة الرياضيات التي كانت نماذجها موحدة هذا العام لطلاب الصف السابع في التعليم الأساسي. إذ قفز هذا الطالب فرحاً ونسي ما حصل معه في المدرسة، وأخذ ورقة الأسئلة، ووقف في مدخل الحارة لعدة ساعات ببراءته وضحكته المعهودة، يروي «للرايح والجاي»، شماتته بالوزارة، وأنه سيشفي غليله من مسؤوليها المهملين، ويفضحها على الخطأ المرتكب في إعداد الأسئلة.
قدم طلاب التعليم المفتوح عريضة لجريدة «قاسيون» لنشرها على إحدى صفحاتها، بعد أن صمت الكلية آذانها عن جميع مطالب الطلاب، ولم تعط بالاً حتى لعريضتهم الممهورة بعشرات التواقيع..
خروجاً عن المألوف في تحميل الطالب الجامعي كامل المسؤولية في الفشل والرسوب... وانطلاقاً من معطيين اثنين..
لا نكتشف جديدا عند الحديث عن الفساد، بل ربما أصبح الكلام عن هذه الظاهرة – الآفة – مملا، وقد باتت تنتشر عموديا وأفقيا، وتفتك بكل شيء جميل، ولها ثقافة وجملة مصطلحات ومقولات تعبر عنها، ولكن يحدث أن يمر معك حدث ما، لتستفزّ من جديد وتضاف جرعة جديدة إلى جرعات الرعب الذي نحس به أمام تفشي هذا السرطان انطلاقا من شعورنا بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية.
بدأت تصلني منذ ثلاث سنوات، شكاوي شفهية على مدير مدرسة المحدثة الأولى في صحنايا، تتعلق بأسلوبه القاسي (الزجري)، وقيامه بعملية ضرب الطلاب. ويومها حدثوني عن حالة ضرب قام بها هذا المدير لطالب والده يعمل مذيعاً في التلفزيون. ودائماً كان جوابي صحافياً أننا لا نتعامل مع الشفاهية والثرثرات، ومن دون شكاوى خطية موثقة لا يمكن أن تتحرك.
ما حدث في محافظة حماة مؤخراً، ليس غير اعتيادي، وطالما تكرر على امتداد البلاد. ففي اليوم الأول لامتحانات الثانوية العامة، الفرع الأدبي، حيث امتحان مادة الفلسفة، التحقت الطالبة «بشرى»، من ريف محافظة حماه، بمركز الامتحانات في المدينة، بحسب ما هو مسجل في بطاقتها الامتحانية، الصادرة عن شعبة الامتحانات في مديرية تربية حماة، وفي المركز الامتحاني، كانت المفاجأة الكبرى، فالطالبة بشرى،لم يكن اسمها وارداً في جداول امتحانات المركز، وبالتالي فإن مدير المركز لم يسمح لها بالدخول لإجراء الامتحان، فعنده البطاقة لافائدة لها، والجدول هو الأساس، ونصحها مدير المركز بأن تراجع شعبة الامتحانات.
لو أتينا بأي كتاب وقلنا لأحد طلاب الصف الرابع في مدرسة من مدارس القرى المتطرفة: اقرأ في هذا الكتاب، هل يستطيع القراءة؟؟ أو قلنا له: اكتب لنا عبارة بسيطة من ثلاث كلمات، فهل يستطيع الكتابة؟؟ في الواقع لن يستطيع أن يقرأ أو يكتب أي شيء، لأن الظروف التي تعانيها مدارسنا في القرى المتطرفة معاناة لا توصف، فها هي قرية مصيبين التي تقع شمال مدينة الباب بخمس عشر كم التي دخلت المعاناة إليها منذ وجود المدرسة فيها، ومثلها مثل جاراتها من القرى المحيطة التي تعاني المعاناة ذاتها. فلو سألنا على من سيقع اللوم، هل سيقع على الطالب الذي لم يتجاوز عمره الثماني سنوات ولم يدر ما هو التعليم بعد، أو سيقع على المعلم الذي أصبح همه الوحيد قبض مرتبه في نهاية الشهر، أم سيقع على مديرية التربية التي غفلت أو تغافلت عما يجري في مدارسها؟؟ فلو ألقينا اللوم على الطالب لوجدناه بعيداًَ أشد البعد عن هذا اللوم، لأنه أرسل أصلاً إلى المدرسة كي يتعلم.. في الحقيقة، إن اللوم، وكما أثبت الواقع يقع على النظام التعليمي أولاً وعلى مديريات التربية ثانياً، وعلى المعلم أخيراً.. ولنبدأ من الآخر، فسابقاً كان المعلم شخصاً مرموقاً في المجتمع، حتى قيل فيه:
نشرت قاسيون في عددها السابق مقالاً بعنوان «طلاب المدارس في خطر والمسؤول مجهول»، الجزء الأكبر منه كتبه طالب لا يزيد عمره عن اثني عشر عاماً، يشرح فيه المخاطر التي يتعرض لها طلاب مدرسة الأخطل الصغير في الكفرون - ريف طرطوس، نتيجة صولات وجولات سيارات المسؤولين، وقد أحدث المقال صدى واسعاً في محافظة طرطوس، وقام بعض الأهالي بمراجعة مديرة المدرسة التي تفهمت الموضوع، وسارعت لاستدراك الخلل وإجراء ما يلزم لحماية الطلاب.
إننا في «قاسيون» إذ نحيي جرأة الطلاب وتصديهم لتجاوزات من اعتادوا التجاوزات دون رادع، نقدر عالياً تجاوب مديرة المدرسة وحرصها على سلامة الطلاب.. وكلنا ثقة أن ذلك لن يتكرر مرة ثانية..
الرياضيات في سورية، ليست كالرياضيات في لبنان، فنحن كطلاب سوريين، تعلمنا في الصف الخامس الابتدائي أن هناك أرقاماً لا تقبل القسمة على اثنين، وكبرنا قليلاً لنعرف أن هناك عملات صعبة وأرقاماً صعبة، وأن لكل دولة احتياطياً من العملات الصعبة- لا أعرف إلى متى سيظل هذا الاحتياطي احتياطياً عندنا- وأن هناك أشخاصاً يتقاضون بالعملات الصعبة، أرقاماً صعبة نتيجة لامتلاكهم خبرات ومؤهلات، وأن هناك من يقبضون بالعملات الصعبة دون أن تكون لهم أي من المؤهلات، بل لأنهم الأقدر على التفريط والمساومة..