الحركة الجزائرية تتقدّم
يستمر الحراك الشعبي الجزائري بنشاطه على الرغم من إعلان قيادة الجيش الجزائري وقوفها إلى جانب المطالب الشعبية، وإعلان الشغور الرئاسي وفق المادة /102/ من الدستور، التي أدت إلى إعلان بوتفليقة عن استقالته، وتشكيل هيئة انتقالية.
يستمر الحراك الشعبي الجزائري بنشاطه على الرغم من إعلان قيادة الجيش الجزائري وقوفها إلى جانب المطالب الشعبية، وإعلان الشغور الرئاسي وفق المادة /102/ من الدستور، التي أدت إلى إعلان بوتفليقة عن استقالته، وتشكيل هيئة انتقالية.
استخدم اليونانيون القدماء الديستوبيا واليوتبيا كمفهموين أدبيَّينْ متناقضين، فالأول: يعبر عن الشر والفساد والقتل المفرط والتفريط في المبادئ. والآخر: يشكِّل مفهوماً نقيضاً له، فهو يعبر عن الخير وحب الحياة، واليوم بعد أكثر من عقود من ديستوبيا الأنظمة الحاكمة والقمع والفساد والقتل والتفريط في الحقوق وازدراء لحياتنا ولكرامتنا الإنسانية والوطنية، فإن شعب السودان مثلهُ مثل كل شعوب العالم قرّر كتابة اليوتبيا الخاصة به.
ظهرت خلال الأسبوع الفائت عدة إشارات على بداية تحول في خارطة العلاقات الإقليمية المأزومة، ليس بدءاً من 2011، بل وقبل ذلك بعقود...
بالرغم من انقلاب الجيش السوداني على الرئيس عمر البشير، الخميس الماضي، لايزال السودانيون في الساحات يرفعون شعار «لم تسقط بعد». فلم يكتفِ المتظاهرون بإعلان اختفاء الرئيس السوداني، لترك الشارع، إذ لا يزالون يتمسكون بمطالبهم السياسية والاقتصادية وسط العديد من المخاوف؛ كلعبة تبديل الوجوه لرموز الحكم، ومحاولات اختطاف الحركة الشعبية السودانية ومخاطر إثارة النزاعات المسلحة في البلاد
في العادة يكون مركز القوة مستقراً، وعندما يتعرض لهزة ما، أو حركة ما، فإنه يتشتت وتقل مركزيته، وهنا تدخل عناصر المكوّن في صراع.
كما تتعلم الأنظمة من أخطاء غيرها، كذلك تتعلم الشعوب من دروس غيرها.
تجاوزت الحركة الشعبية في الجزائر امتحانها الأول بنجاح، متمسكة بالسلمية ورفض التدخلات الخارجية ورفض أي انقسام على أسس قومية أو دينية أو طائفية. وعلى أهمية هذه المبادئ، لكنها لا تجيب عن جملة الأسئلة الأكثر تعقيداً التي لم يجر حلها عملياً حتى الآن، وحتى في الإطار النظري يصعب القول: إنّ هنالك إجابات ناجزة عنها...
يواصل الجزائريون منذ أكثر من شهر ونصف تحركاتهم الاحتجاجية السلمية، تحركات تشربت حتى النخاع تجارب الموجة الأولى من الحركة الشعبية في الساحة العربية، وفي ما هو أبعد من الساحة العربية؛ تشربتها بكل دروسها، حيث نجحت، وحيث أخطأت، وخصوصاً حيث أخطأت...
عَمّت الاحتجاجات الشعبية العاصمة الجزائرية في مطلع الشهر الثالث من العام الحالي 2019. الاحتجاجات التي أتت بعد شرارة إعادة ترشيح الرئيس بوتفليقة «لعهدة خامسة»، تمتلك الكثير من المقدمات الموضوعية... ولكن الوضع الجزائري يطرح تساؤلات واسعة.
تتنقل العناوين الإخبارية الرئيسة اليوم من بلد لبلد لتتصدر فرنسا الأخبار، ثم السودان، فالجزائر، وقبلها العراق، والأردن، وغيرها.. لترصد ظاهرة الحراكات الشعبية التي لا تهدأ، والتي عادت للنشاط منذ مطلع القرن، وهي اليوم مثار قلق الكثيرين... بين النخب الحاكمة والمتأزمة عالمياً التي تخاف من حركة المجتمع، وبين من يخاف على حراك الغاضبين من مآرب النخب ذاتها.
أكثر ما يثير القلق هو: دفع الحركة الشعبية نحو السلاح الذي يشكل أخطر ما يهدد التطور والسير للأمام... المسار الذي لا يمكن أن يُفتح إلا باحتجاجات الشعوب وضغط الملايين المضطهدة.