السوادن من ديستوبيا البشير إلى يوتوبيا الأفق الجديد
عماد بيضون عماد بيضون

السوادن من ديستوبيا البشير إلى يوتوبيا الأفق الجديد

استخدم اليونانيون القدماء الديستوبيا واليوتبيا كمفهموين أدبيَّينْ متناقضين، فالأول: يعبر عن الشر والفساد والقتل المفرط والتفريط في المبادئ. والآخر: يشكِّل مفهوماً نقيضاً له، فهو يعبر عن الخير وحب الحياة، واليوم بعد أكثر من عقود من ديستوبيا الأنظمة الحاكمة والقمع والفساد والقتل والتفريط في الحقوق وازدراء لحياتنا ولكرامتنا الإنسانية والوطنية، فإن شعب السودان مثلهُ مثل كل شعوب العالم قرّر كتابة اليوتبيا الخاصة به.

رغم كل الإرهاصات ومحاولات تشويه وركب حراكه، ومن المعطيات الأولية لمتابعة الحراك السوداني، نرى: أنه يسير بخطاً ثابتة نحو انفراج يكتب عهداً جديداً مستفيداً من تجاربه ومن تجارب شعوب المنطقة، وإن كانت التغيرات الكبرى بانتقال السلطة والثروة للشعب السوداني لا تتعلق فقط بظرفه الذاتي، أي: حراكه وحسب، بل تتطلب ظرفاً دولياً مختلفاً، فإن إنجاز التغيير الديمقراطي، والسماح بنشاط سياسي أعلى للجماهير، والتقليل من دور الفساد والمفسدين، يعتبر يوتوبيا منطقيةً للمرحلة الحالية، عسى أن تستكمل الشعوب مهمات حراكها لإنجاز التغيرات الكبرى.
نقل السلطة لحكومة مدنية مطلبنا
التطورات البارزة خلال اليومين الماضين كانت الإعلان عن بدء حوار سياسي بين المجلس العسكري وقوى المعارضة الممثلة في الأحزاب السياسية وقوى الحرية والتغيير، لتشكيل مجلس سيادي مدني يكون العسكر جزءاً منه لتشكيل حكومة مدنية تقود المرحلة الانتقالية، من جانب المجلس العسكري وفي لقاء مطول مع القنوات السودانية قال الفريق عبد الفتاح البرهان: إن المجلس العسكري منفتح على الحوار مع القوى السياسية التى وعدها بتسليمها السلطة في حال اتفقت على شكل المرحلة الانتقالية، وأن المجلس العسكري هو امتداد لثورة الشعب السوداني، وأنه لا يطمح للسلطة، بدروها القوى السياسية السودانية عقب بدء حوارها مع المجلس العسكري قدمت مجموعة من الرؤى للمرحلة الانتقالية، المجلس العسكري قال: إنه يدرسها جميعاً، وسيقدم اقترحاته حولها نهاية الأسبوع الحالي، أمّا القوى الثورية والمتمردة السوادنية من جانبها في دارفور، وفي أمكان النزاع، أعلنت إيقاف إطلاق النار وفتح حوار مع المجلس العسكري، وهو ما يعكس حالة وعي عالٍ لصعوبة المرحلة، واستفادة قصوى من تجارب المحيط، حيث تبدي الأطراف السياسية والعسكرية احتراماً متبادلاً لبعضها البعض ولو من ناحية الشكل، أمّا القوى المتربصة بالسودان فيبدو تأثيرها ضيقاً جداً في المرحلة الحالية، نتيجة استمرار الجماهير السودانية بالاعتصام مطالبة بنظام جديد، حيث إن رحيل الرئيس لم يعد يعني الشيء الكبير لها، فهي قد وعت بشكل حاسم أن تغيير النظام أبعد وأكبر بكثير من تغيير الرئيس.
الإقليم والعالم وموقفهما من الحراك السوداني
في اللقاء الذي أجراه التلفزيون السوداني مع الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس، تحدث عن الموقف الدولي من الوضع السوداني، وأشار إلى أن الغرب عموماً وأمريكا خصوصاً قد اشترطت انتقال السلطة لحكومة مدنية من أجل رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، والاشتراط السياسي (الكاتب) سلوك أمريكي لتعقيد المواقف، واستفزاز النظم والقوى المؤثرة، أمّا الموقف الروسي الذي قدم له الفريق عبد الفتاح الشكر الخاص بعد زيارة المبعوث الروسي للسودان، فهو ينطلق من اعترف روسيا بكل ما يتفق علية السودانيون دون أي اشتراط سياسي واستعداد روسيا لتقديم كل المساعدات للشعب السوداني، الموقف الخليجي عموماً جاء من انتهازية العلاقة مع السودان بحكم أن السودان يشارك في التحالف العربي في اليمن، وبعد اجتماع خاص لرئاسة الوزراء السعودية قررت السعودية دعم المجلس العسكري السوداني والاعتراف به، كذلك فعلت الإمارات والبحرين.
إن التفاؤل هو سيد الأمور في السودان، بعد عقود من الحروب والفساد والقمع، وإن الأفق الذي انفتح أمام الشعوب الذي كلّما ضيقته قوى الاستبداد والاستكبار على الشعوب، توسع وانفتح أكثر في أماكن أخرى، لا بدَّ أن تكتب يتوبيا انتصار الشعوب ولو بعد حين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
910
آخر تعديل على الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2019 06:56