نحو غاياتنا القصوى.. دون دماء!
تغيبت معظم الأصوات الثقافية عن الحدث الكبير الذي تشهده البلاد، فحتى اللحظة لم يعبر الكثير من المثقفين السوريين عن آرائهم، إلا باستثناءات قليلة.
تغيبت معظم الأصوات الثقافية عن الحدث الكبير الذي تشهده البلاد، فحتى اللحظة لم يعبر الكثير من المثقفين السوريين عن آرائهم، إلا باستثناءات قليلة.
تظهر وسائل التعبير عن الوعي الجمعي عند شعوب الشرق، علاقات التأثر والتأثير المتبادل بينها، وتعكس من خلال اللغة والأدب التشابه في طرق التفكير والتعبير عن نماذج الحياة المختلفة وتبين قصصها المروية والمنقولة عبر الزمان الطابع الإنساني الأصيل لهذه الشعوب.
«توتر عالي» مرشح للعديد من الجوائز في «تهارقا» / يشارك الفيلم السوري توتر عالي سيناريو سامر محمد إسماعيل وإخراج المهند كلثوم وتمثيل أديب قدورة وعلي صطوف و مي مرهج في مهرجان تهارقا في السودان حيث رشح لنيل العديد من الجوائز في مجالات الإخراج والسيناريو والإضاءة والتصوير وأفضل فيلم وكذلك في التمثيل.
على خريطة الفوضى، حيث فوضى المواقف، وفوضى السلاح، وفوضى الانتماءات، وحيث الحالة المأزقية، تصبح البيئة مناسبة لتسويق أي موقف، وتمرير أي رأي، وقول الشيء ونقيضه في الوقت ذاته، وارتكاب أي اثم، دون أن يُسمع صوت من يقول لا، ولماذا، وكيف؟
لطالما فكّرتُ طويلاً بعبارة «الغزو الثقافي»، فالغزو مفردة بدوية، ما قبل ثقافية، فكيف نسمّي المعرفة الوافدة غزواً، وكيف نختصر العولمة بجانبها التسليعي وحسب، ونصرف النظر عن رحابة المقترحات التي أضفتها العولمة على الثقافة العالمية، فالاستلاب الكامل
•إلى أي أحد تهتم بما يجري من تحوّلات اقتصادية واجتماعية في سورية؟ وما أثر هذه التحولات على حياة الناس عامةً؟؟
•هل ترى أن هناك علاقة جدلية بين الواقع والثقافة حقاً؟ ومن ثم هل ترى أن المثقف السوري يهتم بالقضايا الجوهرية في بلده، أم يكتفي بالملامسات الجوهرية؟ ولم؟؟
•هل تشارك، كمواطن، في الحياة العامة مطلبياً وحقوقياً؟؟
من خلال لوحات راقصة، اسْتُمدت من حالة النواح، ومن منظوره للموت كحالة غياب مطلقة نهائية جسدّ الراقص العراقي مهند رشيد الموت تعبيرياً في عرضه المسمّى «حداد»، على خشبة الصالة متعدد الاستخدامات في دار الأوبرا. انطلق العرض من الحالة المباشرة لصورة الموت، وذلك عبر جثة هامدة لربّ عائلة ممددة على الخشبة، مع خلفية صوتية قرآنية لعبد الباسط عبد الصمد، وامرأة تنتحب بجسدها وتناجي هذا الجسد الميت.. ثم تصبح حالة الانتحاب عامة عندما ينتشر خبر الموت فتكثر النساء الملتفات بالأسود حول الجثة.
تقول الكتابات التي نصادفها هنا وهناك، على الجدران أو السيارات أو الإعلانات.. أشياء كثيرة لا يمكن إلا الوقوف حيالها.. ولعل كاتباً بمستوى ماركيز كان سيجعل من جملة «بيجي أعطني قبلة» المكتوبة على جدار في حيه مقالاً طريفاً تتناقله اللغات.
في المدرسة كانوا يقولون إن الحيطان دفاتر المجانين، ومع الوقت رحنا نعبّر عن جنوننا بكثير من الشغب واللامبالاة.. فكم مرة كتبنا على جدار: «عصابة الكف الأسود»، أو كم مرة ضحكنا لعبارات من قبيل: «لا تلحقني مخطوبة»، أو «كلما ازدادت معرفتي بالبشر ازداد احترامي للكلاب»، ولعلنا ألفنا عبارات من قبيل «لا (تبول) هنا يا حمار!»..
أول بيت في حيّنا العشوائي حامت حوله شبهة الدعارة، ظهر في أوائل تسعينيات القرن الماضي، وقد واجه الأهالي «الأمر الجلل» حينها بحزم وشراسة، فرفعوا العرائض المطالبة بإغلاقه، وقدموا الشكاوى للجهات التنفيذية، وقاطع ساكنيه الجيران كافة، ومن ضمنهم البقّال والحلاق والفوّال والمطهّر والمنجّد والكهربجي ومعلم الصحية... وسُمح للأطفال واليافعين بممارسة الشغب والسخرية من القوّّاد وزوجاته الثلاث وأولادهن وروّاد البيت المشبوه من دون ردع أو نهي. صحيح أن كل ذلك لم يجدِ نفعاً لاصطدامه بإرادات أكثر تنفّذاً وسطوة، تجلّت باستدعاءات متتالية للعديد من الرجال والمراهقين وإجبارهم على كتابة تعهدات بعدم الإزعاج، لكنه عبّر عن موقف متماسك للمجتمع من هذه الظاهرة التي لم تكن حتى ذلك الوقت «مرعيّة» بشكل سافر.
تحزّ في نفوس المثقفين تلك الصورة التي تطوبها الدراما التلفزيونية للمثقف البائس، من حيث كونه شخصاً رخيصاً قابلاً للبيع والشراء، لكنْ والصورة موجودة في الواقع، وبكثرة لافتة، لا ضير من مراقبة هذه الشخصية كما هي، لأن مراقبتها تتيح الفرصة لفحص حال الثقافة والمثقفين في هذه الأيام، خصوصاً وأن الحالة آخذة في التفاقم أكثر، ويشتد استعارها باطراد مجنون، حتى يكاد المثقف النزيه يكون حلماً مستحيلاً..
مع مثقفين كهؤلاء الذين ينتشرون كالجراد، يمكن أن تُحرر فلسطين على الورق كل يوم.. ويمكن أن تصبح العدالة الاجتماعية مطلباً ثانوياً لأنّها تحصيل حاصل.. ويمكن أن تصير ممثلة من ماركة «فضيحة حركات» (على حد وصف محمد الماغوط) أهم من دزينة من أمثال سعاد حسني.. ويمكن أن تغدو أزمة التعليم فاتحةً لعصر أنوار جديد..!! كل ذلك سهل، بل سهل إلى درجة السهولة نفسها، فالأمر لا يستحق أكثر من الجلوس لمدة نصف ساعة إلى