ربما ..! لبرلة ثقافية
تحزّ في نفوس المثقفين تلك الصورة التي تطوبها الدراما التلفزيونية للمثقف البائس، من حيث كونه شخصاً رخيصاً قابلاً للبيع والشراء، لكنْ والصورة موجودة في الواقع، وبكثرة لافتة، لا ضير من مراقبة هذه الشخصية كما هي، لأن مراقبتها تتيح الفرصة لفحص حال الثقافة والمثقفين في هذه الأيام، خصوصاً وأن الحالة آخذة في التفاقم أكثر، ويشتد استعارها باطراد مجنون، حتى يكاد المثقف النزيه يكون حلماً مستحيلاً..
مع مثقفين كهؤلاء الذين ينتشرون كالجراد، يمكن أن تُحرر فلسطين على الورق كل يوم.. ويمكن أن تصبح العدالة الاجتماعية مطلباً ثانوياً لأنّها تحصيل حاصل.. ويمكن أن تصير ممثلة من ماركة «فضيحة حركات» (على حد وصف محمد الماغوط) أهم من دزينة من أمثال سعاد حسني.. ويمكن أن تغدو أزمة التعليم فاتحةً لعصر أنوار جديد..!! كل ذلك سهل، بل سهل إلى درجة السهولة نفسها، فالأمر لا يستحق أكثر من الجلوس لمدة نصف ساعة إلى
الطاولة ما دام الهدف هو «1000 ل. س» لا أكثر!!
الجدير بالانتباه والحذر هو أن هذا المثقف سيتحوّل بعد قليل إلى صاحب مكتب تجاريّ في شأن من شؤون الثقافة، أو سيمتلك شركة صغيرة، وبعد أقلّ من ذلك القليل سوف يحجز اسمه في المقعد الأماميّ، وسيكون علينا جميعاً، نحن الذين نحاول تصغيره والتقليل منه الآن، أن نرفع له القبعة غداً، وربما أن نأتي إليه، معيدين سيرته ذاتها، فهو سيطبق ما عاشه وسيفعل المستحيل لتكون الثقافة على الشاكلة التي هو عليها.. وأظن أن ذلك ليس مستحيلاً ما دام التاريخ يقول بأن الكثير من الأقزام قد صاروا مردةً وعمالقة!!