السكتة تصيب الأسواق
الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي تعيشها الطبقة العاملة وتردي أوضاعها إلى مستويات خطيرة وصلت إلى حد العوز والفقر والجوع نتيجة لعدم كفاية الأجور لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسرة في ظل الارتفاع المستمر لأسعار المواد والسلع الاستهلاكية حيث تحتاج الأسرة لمليوني ليرة سورية لتأمين احتياجاتها الأساسية، وأن أكبر الرواتب التي تعطى للعمال في القطاع الخاص ربما لم تصل إلى 500 ألف ليرة سورية و100 ألف في القطاع العام وفي ظل هذه الهوة الكبيرة بين الأجور والأسعار تعاني عائلات العمال من فقر مدقع وسط استمرار السياسات الحكومية في تحرير الأسعار ورفع الدعم عن المواطن وتخفيض متعمد للأجور.
الفقر يتوسع ويضم فئات جديدة
على الضفة المقابلة هناك أرباب العمل وخاصة الصناعيين منهم والذين يعانون من ارتفاع أسعار المواد الأولية نتيجة احتكارها وارتفاع تكاليف الإنتاج وحوامل الطاقة وانعدام أسواق التصريف الداخلية وعدم قدرتهم على المنافسة الخارجية، ناهيك عن سياسة فرض الضرائب والإتاوات المرتفعة على منشآتهم مما يدفع الكثير من الصناعيين وأصحاب المهن الحرفية المتوسطة والصغيرة إلى إغلاق منشآتهم وتسريح عمالهم نتيجة عدم قدرتهم على دفع أجور عمالهم في ظل هذا الوضع الاقتصادي المتردي وانعدام الطلب على صناعاتهم ومنتوجاتهم.
أصحاب المحلات التجارية في المقابل يعانون من قلة الطلب على منتوجاتهم نتيجة انخفاض قيمة الأجور والرواتب وتوجه الأسرة نحو شراء الاحتياجات الأساسية والأكثر أهمية وبنسب قليلة أيضاً وارتفاع أسعار السلع والمنتوجات المختلفة وعدم قدرة أغلب الأسر على الاستهلاك وتحمل أصحاب المحال التجارية لرفع أسعار الكهرباء وارتفاع قيمة أجار محلّاتهم وفرض ضرائب عشوائية بحقهم أيضا كل هذا يسبب خسائر فادحة لهم ويجعل من نتيجة النشاط الاقتصادي خاسراً في النهاية.
المهن العلمية والفكرية من أطباء ومهندسين ومحامين وأصحاب شهادات عليا ليسوا أفضل حالاً فهم بدورهم يعانون، وقلة منهم يجنون أرباحاً فيما الباقي يعانون من توقف أعمالهم وانعدام الفرص أمامهم وانخفاض مستوى معيشتهم وبات أغلبهم يبحث عن فرصة عمل في الخارج أو يبحث عن مصدر رزق آخر.
هنا تتراكم الأرباح الطائلة
يبقى أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والمصانع والمنشآت الكبرى هم الرابح الأكبر والأوحد في السوق وهؤلاء لا يشكلون سوى 5% أو أقل من السوريين فمن جهة يحصلون على إعفاءات ضريبية كبيرة بسبب قوانين الاستثمار وإعطائهم تسهيلات ائتمانية من مختلف البنوك، والمعاملة المميزة لهم من ناحية توفير حوامل الطاقة من محروقات وكهرباء لهم وهم أنفسهم محتكرون لاستيراد المواد الأولية والاستهلاكية بحجة ملاءتهم المالية ومحتكرون لصناعات محددة ومن ناحية أخرى انخفاض مستوى أجور ورواتب عمالهم وانخفاض قيمة العملة وهم وحدهم القادرون على تصدير منتوجاتهم نحو الخارج ومراكمة أرباح طائلة على حساب باقي فئات المجتمع من عمال وحرفيين وأصحاب مهن متوسطة وصغيرة، ومع ذلك فإن أغلب مشاريعهم تتجه نحو الاقتصاد الريعي من فنادق وبنوك وشركات تحويل أموال ومنتجعات سياحية وصناعات غذائية ذات المردود والربح السريع.
تراكم الاحتقان
وفي ظل هذا الوضع وتراكم الثروة في جهة واحدة فقط، تعتبر أقلية مقابل تراكم البطالة والفقر والبؤس والجوع في الجهة المقابلة التي تعتبر أكثرية ساحقة، كل هذا أدى إلى تعثر العملية الإنتاجية وتوقفها وأصابت السوق بالسكتة، وتراكم الاحتقان أكثر فأكثر في المجتمع بسبب ارتفاع معدلات البطالة والفقر والجوع، وباتت الأسر السورية تعتمد على المساعدات من المنظمات الدولية ومن الجمعيات الخيرية المحلية أو من تحويلات المغتربين كل هذه النتائج السابقة ومازالت السلطة تسير في نفس السياسات الاقتصادية وكأن شيئاً لم يحدث لا بل عمدت إلى مفاقمة الفقر عبر رفع الدعم نهائياً عن المواطنين كل ذلك مستفيدة من قوة العطالة بسبب تعطل العملية السياسية والحل السياسي ومستمرة في سياستها السابقة في قمع المجتمع عبر السيطرة الحزبية والأمنية على المنظمات المهنية والنقابات ومنعها من القيام بدورها النضالي والمطلوب منها اليوم قبل أي يوم مضى، وكل هذا سيؤدي إلى انفجارات لا تحمد عقباها، وحدهم العمال يخوضون نضالهم اليومي والمباشر مع أرباب العمل وبعيداً عن نقاباتهم المغيبة عبر ممارستهم لحق الإضراب والذي بات ينتشر بشكل كبير في البلاد نتيجة لظروف معيشتهم متحدّين سلطة أرباب العمل ونفوذهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1059