هزالة الأجور وجنون الأسعار!
سوسن عجيب سوسن عجيب

هزالة الأجور وجنون الأسعار!

يبدو الحديث عن توفر السلع والمواد والخدمات، بالمقارنة مع أسعارها، وبالتوازي مع الأجور، ضرباً من الجنون!

فجنون الأسعار بات أمراً اعتيادياً، بذريعة رمضان وغيرها من الذرائع أو بدونها، فأصحاب الأرباح، المتحكمين بالأسواق والمسيطرين عليها، لا تنقصهم المبررات والذرائع لزيادة هوامش أرباحهم، كما لا تنقصهم التغطيات الرسمية لحماية مصالحهم واستمرارها!
على الطرف المقابل، تبدو الحكومة قد تحللت تماماً من مسؤولياتها تجاه المفقرين ومعيشتهم وخدماتهم، وخاصة أصحاب الأجور، بالرغم من اعترافها بالواقع المزري لهؤلاء بشكل مباشر وغير مباشر، بل وتزيد على المفقرين الكثير من الأسباب الإضافية لجعل حياتهم أكثر بؤساً وعوزاً، مقابل استمرار دعم منقطع النظير لكبار أصحاب الأرباح من مستغلين وفاسدين وناهبين!
فطرح ما يسمى «سلة غذائية» من قبل فرع دمشق للسورية للتجارة بمبلغ 99 ألف ليرة، وبغض النظر عن طبيعة هذه السلة وقوامها، يمكن اعتباره مؤشر على ما وصل إليه أصحاب الأجور والمفقرين من تردٍّ، وقد سبق ذلك ما سمي بقروض المدارس والغذاء أيضاً، مع العلم أن الموردين لكل مواد السورية للتجارة هم أصحاب الأرباح!
وأن تحدد مديريات الأوقاف قيمة فدية الصوم بمبلغ 10 آلاف ليرة يمكن اعتباره مؤشر إضافي آخر عن مدى ابتعاد الأجور عن إمكانية تأمين الحد الأدنى لمتطلبات الغذاء اليومي لفرد واحد فقط لا غير!
وأن يتوجه وزير الوقاف إلى الميسورين من أصحاب المال للتخفيف عن الفقراء، بعيداً عن المسؤوليات الحكومية بهذا الصدد، مؤشر إضافي أكثر سوءاً، فكيف من الممكن استجداء المتسببين في كوارثنا ليصبحوا أكثر إنسانية تجاهنا؟!
وأن يتحدث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن النسب المضافة على الأسعار، والتي تتراوح بين 30/56%، بذريعة فتح الاعتمادات المستندية والعقوبات على المصارف السورية، دون الحديث عن مسؤوليات الحكومة وواجباتها، هو مؤشر أكثر فجاجة، ليس ذلك فقط، بل غيّب الوزير كل نسب الإضافات السعرية الأخرى ذات الطبيعة النهبوية والاستغلالية والاحتكارية!
وأن تصدر التقارير الدولية لتؤكد أن مشكلة تزايد انعدام الأمن الغذائي وصولاً إلى تسجيل المزيد من المعوزين والجائعين سببه ضعف الأجور، وعدم توفر المنتجات الغذائية المحلية والاستعانة بالاستيراد بدلاً عن ذلك، هو مؤشر أكثر قتامة لما ينتظرنا في قادم الأيام، وعلى أيادي الحكومة وسياساتها طبعاً!
ففي خلفية كل ذلك تعتبر سورية بلد إنتاج زراعي، وإمكانية الاكتفاء الذاتي من المحاصيل متاحة مع تصدير الفائض، والإمكانات المتاحة لتصنيع المنتجات الزراعية والاكتفاء الذاتي منها، مع القيمة المضافة عليها والتصدير أيضاً!
لكن ذلك يتعارض مع السياسات المعمول بها، ومع مصالح من تمثلهم وتعمل من أجلهم!
فما نحن فيه من كوارث معيشية وخدمية، وصولاً إلى حال الجوع الذي ينهش العباد، هو النتيجة الطبيعية لجملة السياسات الظالمة المطبقة!
فالخطوط الحمراء التي من الممنوع الاقتراب منها هي مصالح حيتان النهب والفساد أولاً وآخراً، وذلك يعني ضمناً الاستمرار بنفس السياسات التوحشية، بما في ذلك السياسات الأجرية طبعاً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1115