وزارة النشرات الخلبية وإنهاك المستهلك!
ما زالت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تتحفنا بإصدار نشرات أسعارها الخلبية، التي لا يعترف بها السوق، ولا ترضي لا المستهلك ولا البائع!
فخلال الأسبوع الماضي صدر عن الوزارة نشرتي أسعار، الأولى لأسعار الفروج ومشتقاته، والثانية لأسعار المحارم الورقية، وكلتا النشرتين منفصلتان تماماً عن الواقع السعري في الأسواق!
وكذلك عممت الوزارة على مديرياتها في المحافظات أسعار المأكولات الشعبية (المسبحة- الفلافل فرط وسندويش- الفول المسلوق)، التي سبق أن تجاوزها السوق بأشواط!
فعلى سبيل المثال تم تحديد سعر كيلو الفروج المذبوح والمنظف من قبل الوزارة بـ23500 ليرة، بينما سعره في السوق بحدود 26 ألف ليرة، وتم تحديد سعر كيلو المسبحة بـ11 ألف ليرة، بينما سعرها في السوق 14 ألف ليرة، وكذلك تم تحديد أعلى سعر للمحارم الورقية وزن 500غ بـ10 آلاف ليرة، بينما سعرها في السوق لا يقل عن 12 ألف ليرة، وقس على ذلك من فروقات سعرية في الأسواق لا تعترف بالنشرات الرسمية لا من قريب ولا من بعيد!
«روح اشتري من صفحة الوزارة»!
النشرات السعرية الخلبية يقع ضحيتها المستهلك وبائع المفرق، الذين يبدون على طرفي نقيض بموجبها، وبمواجهة بعضهم البعض، فالبائع يُفرض عليه السعر من قبل تاجر الجملة والمستورد، والمستهلك يتحمل المزيد من عوامل الاستغلال السعري على أيدي هؤلاء مجتمعين بالنتيجة، على حساب ضرورات حياته ومعيشته، ومن جيبه!
فالمقولة السائدة على ألسنة بائعي المفرق عند مواجهتهم بالأسعار الرسمية الواردة على صفحة الوزارة: «روح اشتري من صفحة الوزارة»!
وبحسب بعض المواطنين فإن صالات السورية للتجارة نفسها لا تتقيد بالنشرات السعرية الرسمية للوزارة لبعض المواد والسلع المتوفرة لديها من ضمن تشكيلتها السلعية المعروضة للمستهلك، فكيف الحال بالنسبة للمحال في الأسواق؟!
الاعتراف بالعجز وتجيير المسؤولية على المواطنين
وبعد كل ذلك تعترف الوزارة بعجزها عن ضبط السوق، مع تجيير مسؤولية ضبط الأسعار فيه على المواطنين بالنتيجة!
فقد ورد على الصفحة الرسمية للوزارة بتاريخ 4/3/2023، وتحت عنوان «لا بديل عن الشكوى لضبط الأسعار» ما يلي: «يوجد في الجمهورية العربية السورية مئات آلاف المحلات، بينما عدد المراقبين التموينيين هو بالمئات.. وهؤلاء يقومون بجولات وينظمون آلاف الضبوط. يرجى من الإخوة المواطنين الذين يطلب منهم سعر مرتفع إبلاغ الوزارة عن طريق رابط منصة الشكاوى المباشر، ومن لا يستطيع التعامل مع الرابط الاتصال على الرقم..»!
فالوزارة تتوج إصدار نشرات الأسعار الخلبية من قبلها بالتحلل من مسؤولياتها تجاهها، وليظهر المستهلك وكأنه المسؤول عن حال الانفلات السعري في الأسواق كونه لا يتقدم بالشكاوى!
الأجر الهزيل والتعامي الحكومي!
أما التناقض الصارخ في النشرات السعرية الرسمية فهو عدم تناسبها مع دخل المفقرين عموماً، والعاملين في الدولة خصوصاً!
فأن يتم تحديد سعر سندويشة الفلافل بـ2500 ليرة رسمياً، فهذا يعني ضمناً اعتراف غير مباشر بعجز الأجر الرسمي عن تحمل تكاليف الغذاء بحدوده الدنيا!
فسندويشة فلافل واحدة للفرد يومياً (غير مشبعة، وغير كافية كغذاء يومي) تعني تكلفة شهرية 75 ألف ليرة، فكيف الحال مع رب أسرة يعيل ما يعيل من أفراد باحتياجاتهم الغذائية، وضرورات حياتهم اليومية الأخرى؟!
فقد قال أحد عاملي الدولة ما يلي: «أجري الشهري يقارب 120 ألف ليرة، وبرقبتي زوجة وطفلان، وبحال الاكتفاء بسندويشة فلافل يومياً لكل منا بالسعر الرسمي، فهذا يعني تكلفة شهرية 300 ألف ليرة، أي إن الكسر الشهري لقاء الفلافل فقط يتجاوز 180 ألف ليرة، فكيف ومن أين سأستطيع تأمين بقية الضرورات لنعيش بكرامتنا»!؟
فالحكومة التي تقوم بتحديد الأسعار للسلع والمواد الأساسية، عبر وزاراتها واللجنة الاقتصادية، وترفعها بين الحين والآخر بذرائع ومبررات كثيرة، وتتعامى عن الفروقات السعرية في الأسواق وتغض الطرف عنها لمصلحة كبار أصحاب الأرباح، تتعامى في الوقت نفسه عن واقع الأجور الهزيلة والمجحفة للعاملين في الدولة، بل مع الإصرار على الاستمرار بهذا التعامي، ضاربة بعرض الحائط بمصالح أصحاب الأجور، مع دفع الغالبية المفقرة في البلاد نحو المزيد من الجوع والعوز وهدر الكرامة!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1112