محافظة دمشق بين الكماليات والضروريات
عبير حداد عبير حداد

محافظة دمشق بين الكماليات والضروريات

أصدرت محافظة دمشق مؤخراً قرارين بتاريخ 7 آب الجاري، الأول: يتضمن تحديد أوقات «فتح وإغلاق» كافة الفعاليات ضمن المدينة، وأما الثاني: فقد كان يقضي بتحديد سعر تصوير المستندات!

وبعيداً عن الخوض في تفاصيل مضمون القرارات وحيثياتها، فقد أكد نائب محافظة دمشق، تعقيباً على بعض عبارات المواطنين التهكمية والمستغربة، أن قرار تنظيم الفعاليات موجود سابقاً، وتم إعادة تفعيله مع تعديل على ساعات العمل، وأنه قرار تنظيمي بحت.

مشاريع كمالية في غير محلها

القرارات أعلاه، ربما تندرج تحت مسمى جهود المحافظة الرامية إلى عملية ضبط وتنظيم الأسواق، وهي جزء من مهامها من كل بد، لكن يحق للمواطن القول: إنه في بعض الأحيان مثلاً فإن المحافظة، ومن ضمن مهامها وصلاحياتها، تطلق بعض المشاريع وعمليات الترميم في غير محلها، أو لا تعود بالفائدة الفعلية على المواطن، طبعاً نقول في غير محلها كونه توجد مناطق في المحافظة بحاجة للمتابعة الملحة أكثر من غيرها، وتعود بفائدة تنعكس على واقع المواطن البائس.
فبعض المشاريع التي تعمل المحافظة عليها تعتبر مقارنة بما يخدم متطلبات المواطن من الكماليات التي يمكن تأجيلها، وتوفير النفقات عليها لتوظيفها في مشاريع أهم على المستوى الخدمي للمواطنين.
فقد أطلقت المحافظة مشروع الاستثمار الخاص للمواقف المأجورة، والذي أدى إلى تحويل مدينة دمشق لمرآب كبير، والمؤلم حقاً أنه استثمار ضمن الممتلكات العامة، ويضر بمصالح المواطن المقيم ضمن المكان، وأصحاب المحال التجارية بشكل خاص، وما تبع ذلك الاستثمار من تشكيل ازدحام ضمن الطرق الفرعية والحارات السكنية غير المشمولة ضمن القرار، بالإضافة طبعاً للمزيد من التعدي على الأرصفة في المدينة وبكافة شوارعها وأحيائها.
بالإضافة لبعض مشاريع الترميم في بعض الشوارع، المكلفة وغير الملحة، كمشاريع إزالة المنصفات والشجيرات الموجودة ضمنها، ثم إعادة تشكيل هذه المنصفات مجدداً مع وضع شجيرات جديدة فيها، والأمثلة كثيرة من هذا النمط، حيث تعتبر تلك الخطوة إنفاقاً في غير محله، بل هدراً، خاصة عندما توجد ضرورات أكثر أهمية منها، وما أكثرها!
مع العلم، أن الفائدة الوحيدة المجنية ثمارها من مثل هذه المشاريع المكلفة تعود على المحافظة والمستثمر بالأرباح، والتي لن ينال منها المواطن شيئاً ينعكس عليه بالمعنى الإيجابي، بل وتشعره أنه يسدد ضرائب وفواتير بالهواء دونما فائدة!
فأين مثلاً المشاريع التي تحسن من وضع البنى التحتية والخدمية المتردية في المدينة؟
فلعل بدلاً من الإنفاق الكبير على تلك المشاريع الكمالية والتكلف عليها، أو ملء الفراغ بتصدير قرارات لن تقدم أو تؤخر على حركة السوق الذي أصبح متحكماً به ومسيطراً عليه من قبل كبار الحيتان، كان الأوْلى من المحافظة مثلاً: توجيه جهودها نحو تحسين واقع البنى التحتية المتردي في بعض الأحياء المنسية في المناطق النائية والعشوائية.
فالطرقات في الكثير من هذه الأحياء محفرة، وقد أصبحت شبه ترابية، لم يعاد ترميمها منذ ما قبل الأزمة، إلى واقع القمامة المتراكمة لأيام صيفاً شتاءً فيها دون ترحيل، أو بترحيل متباعد في أحسن الأحوال، ومع ساعات التقنين الطويلة خصوصاً أيام الصيف الحارة، مما يسبب الأمراض ويجلب الحشرات، إضافة لذلك واقع الإنارة الليلية المتردي في هذه المناطق، وغيرها من الخدمات التي تفتقر إليها هذه المناطق، وهي بعهدة ومسؤولية المحافظة، لكنها من منسياتها على ما يبدو!

موجة السخرية عبر وسائل التواصل!

يجد المواطنين في وسائل التواصل المنفس الوحيد للتعبير عن حجم آلامهم ومعاناتهم الفاقعة مع غياب الحلول الجذرية لمشاكلهم الكثيرة المتراكمة، فيعبرون عن الاستياء بطرق شبه كوميدية من خلالها.
فتعقيباً عن قرار تنظيم الفعاليات ضمن أوقات محددة، انتشرت موجة من التهكم على شكل نكت ساخرة، على سبيل المثال:
«عاجل.. محافظة دمشق الساعة الـ 7 صباحاً تفتيش عالدقن والأظافر بساحة العباسين».
«بدل ما تنظمو أوقات العمل الخاص روحو نظموا الكهربا ونظموا الخبز نظموا الشوارع والبلد وبعدين تعوا نظموا أرزاق الناس»
«شعب فوضوي بعينكم الله عليه... إذا في مجال تجيبو غيرنا وتعتقونا»

معلومات إضافية

العدد رقم:
1030
آخر تعديل على الإثنين, 09 آب/أغسطس 2021 23:10