افتتاحية قاسيون 1222: آجال الحل ليست مفتوحة زمنياً!

افتتاحية قاسيون 1222: آجال الحل ليست مفتوحة زمنياً!

تعاني سورية جملة من الأزمات المعقدة والمتراكبة، والتي يزداد تعقيدها مع كل يوم تأخير إضافي في البدء بحلها حلاً شاملاً. ولعل بين أهم هذه الأزمات ما يلي:

1- تقسيم الأمر الواقع الذي ما يزال مستمراً بالمعنى العملي حتى اللحظة، والذي يضع البلاد تحت 5 إلى 6 مناطق تعيش كل منها واقعاً مستقلاً نسبياً عن بقية المناطق.

2- يسهم هذا الأمر في منع تشكل سوق اقتصادية وطنية واحدة، تعتبر نقطة الانطلاق، والشرط اللازم غير الكافي، لإعادة إقلاع الاقتصاد الوطني.

3- الدمار الهائل في البنى التحتية، واستمرار لجوء ملايين السوريين خارج البلاد، والذين ما يزال قسم مهم منهم يتمهل في الرجوع حتى يطمئن للأوضاع في البلاد، والتي ما تزال غير مطمئنة وغير مستقرة، ناهيك عن أن ملامح هجرة معاكسة قد بدأت بالظهور.

4- السلاح المتفلت الذي ما يزال موجوداً في كل أماكن سورية، ولم يتم حتى اللحظة التقدم بشكل فعلي باتجاه حصره على أساس التوافق بين السوريين، وضمن مؤسسات وطنية تحوز إجماعاً وطنياً عاماً.

5- العقوبات الاقتصادية الغربية التي تخنق البلاد وتعيق إلى حد بعيد إمكانيات الاستثمار.

6- الاعتداءات «الإسرائيلية» المتكررة، وعمليات التوغل البري والتخريب العلنية، والدفع باتجاه تقسيم البلاد عبر البوابة الطائفية والقومية.

7- السلوك المنفلت والطائفي لقسم من حملة السلاح، سواء منهم من يتم تشغيلهم من بقايا تجار الحرب المرتبطين بالنظام سابقاً، أو من الأجانب الذين لا ينظرون لسورية كلها إلا بوصفها محطة مؤقتة لا بوصفها وطناً، أو أصحاب العقليات الثأرية الانتقامية التي لا يمكن بناء أوطان بالاستناد إليها، بل يمكن فقط تخريبها.

8- نسب البطالة والفقر الهائلة، والتي تضع ملايين السوريين ليس فقط تحت خط الفقر، بل وتحت خط الجوع. والتي تساهم في تعزيزها السياسات الحكومية غير المدروسة في عمليات الفصل الواسع النطاق، وعمليات رفع الدعم والتوجه نحو ما يسمى «الاقتصاد الحر»، وفي الحقيقة التوجه نحو الاستمرار في مركزة الأموال والشأن الاقتصادي في أيدي قلة قليلة متحكمة.

 

هذه الأزمات هي بعض جوانب أزمة وطنية شاملة تهدد السلم الأهلي ووحدة البلاد واستمرارها. وخريطة الحل واضحة ومعروفة بالنسبة للجميع، الموافقين عليها وغير الموافقين عليها، وجوهرها هو الانفتاح على السوريين والاستناد إليهم، عبر مشاركة حقيقية، عبر مؤتمر وطني عام يتم فيه وضع كل المسائل العالقة على الطاولة للوصول إلى توافقات بين السوريين حول كيفية إدارة بلادهم، وعبر حكومة وحدة وطنية شاملة ووازنة وواسعة التمثيل تكون مخرجاً من مخرجات المؤتمر الوطني.

ما يمكن إضافته في هذا السياق، هو أن آجال الوصول إلى هذا الحل ليست مفتوحةً زمنياً؛ فإلى جانب خطورة الأزمات وتفاقمها داخلياً، فإن سرعة تطور الأحداث على المستوى الإقليمي والدولي، تسمح بالقول إن النافذة الزمنية المتاحة أمامنا محدودة وصغيرة، ويمكن قياسها بأشهر قليلة لا أكثر. وفي حال لم يتم التعامل معها بمسؤولية وطنية وإنسانية عالية تجاه البلاد وأهلها، فإن الفرصة سيتم تفويتها وسيفتح الباب من جديد نحو المخاطر الكبرى التي لا تتعلق بالسلطة وبمن يكون فيها فحسب، بل وأهم من ذلك، بوجود البلاد نفسها وبوحدتها.

 

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1222
آخر تعديل على الأحد, 13 نيسان/أبريل 2025 20:50