افتتاحية قاسيون 1135: «صلاة استسقاء» من أجل الحرب!
تجري خلال الأيام الأخيرة حملة إعلامية- سياسية ونفسية منظمة، يشترك فيها على السواء: المتشددون في كلٍ من النظام والمعارضة، وكأنما جرى كبس زرٍ مركزيٍ واحد.
فكرة الحملة تتلخص في النقاط التالية:
أولاً: ملف التسوية السورية التركية قد جرى إغلاقه، أو على الأقل ترحيله إلى ما شاء الله.
ثانياً: ملف التقارب العربي مع سورية، هو الآخر قد جرى إغلاقه أو ترحيله.
ثالثاً: «لا صوت يعلو فوق صوت الحرب»؛ فالتوترات الدولية والإقليمية ستقود بالضرورة نحو مواجهة مباشرة أو شبه مباشرة، ونحو حرب جديدة في سورية، ربما تكون محدودة، وربما تكون واسعة النطاق، ولكنها الحرب ولا شيء غيرها.
ولن يكون مستغرباً أنْ تقترن هذه الحملة مع بعض التوترات الفعلية والمفتعلة على الأرض، هنا أو هناك، لعل وعسى يتحول ذلك إلى «زلزالٍ جديد»، مفتعلٍ هذه المرة، من شأنه تأخير السير باتجاه الحل بضعة أشهر أخرى.
حقيقة الأمر تكمن فيما يلي:
أولاً: أنّه ورغم كل ما يُقدّم من إيحاءات، فإنّ التحضيرات الفعلية لعقد الاجتماعات الرباعية في موسكو ما تزال جارية على قدم وساق. وهذه الاجتماعات سوف تعقد حتى لو جرت محاولات تأخيرها وعرقلتها، كما عقدت سابقاتها بعد أنْ جرى الإيحاء بأنها أحد المستحيلات.
ثانياً: الأمر نفسه ينطبق على التقارب العربي مع سورية؛ فالدول العربية التي قررت التقارب مع سورية، انطلاقاً من مصالحها بالدرجة الأولى، ومن قراءتها للمعطيات الدولية المتغيرة، لم تكن تتوقع أن يتم التجاوب معها بشكل فوري. وهي لنْ «تسأم» أو «تمل» أو «تغير رأيها» ببساطة، استجابة لرغبات أعداء الحل السياسي في سورية وخارجها، والذين لا يعنيهم لا استقرار سورية، ولا استقرار المنطقة، بل تعنيهم فقط مصالحهم الضيقة.
ثالثاً: بالتوازي مع هذا وذاك، فإنّ مؤشرات الغضب داخل الشارع السوري تتراكم يوماً وراء الآخر، وذلك نتيجة القناعة الواسعة بأنّ من يسيطر على الأمور في سورية هم بالضبط فئة الـ 10% الناهبين، العابرين للطوائف والأديان والقوميات، والذين يركزون كل جهودهم على منع الحل، وعلى تعميق نهب السوريين، وتجريف من تبقى منهم في سورية.
إنّ تعميم «أجواء الحرب»، بل والصلاة من أجل وقوعها، ومن أجل ألّا يعلو صوت فوق صوتها، هو أحد آخر الطلقات في جعبة أعداء الحل السياسي، وأعداء التغيير الجذري الشامل.
فعلى الصعيد الدولي والإقليمي، وعلى عكس الصورة الوهمية التي يقدمها المتشددون، فإنّ مستوى التفاهمات بين ثلاثي أستانا وبين الدول العربية الأساسية يتقدم ويرتفع يوماً وراء الآخر، ما يعني ضمناً اتفاقها على استكمال السير نحو الحل السياسي في سورية على أساس القرار 2254، وتحديداً بالضد من المصلحة الأمريكية الصهيونية.
وعلى الصعيد الداخلي، فإنّ مؤشرات الغضب الشعبي الواسع، من شأنها مع الوقت أن تتحول تدريجياً، إلى موجة جديدة من الحركة الشعبية، تطالب أيضاً بحقها في الحياة، وتطالب بالتغيير نحو الأفضل، وتالياً بالحل السياسي.
ضمن هذه الإحداثيات، ليس مفاجئاً أن يتم اللجوء إلى «أجواء الحرب»، أو حتى اختلاقها، لعرقلة الجو الدولي والإقليمي المتجه نحو الحل، ولإسكات الغضب الداخلي المتجه نحو التبلور في طور جديد من الحركة الشعبية...
فليصل المتشددون من أجل الحرب قدر ما يشاؤون، والشعب السوري سيصلي ويعمل من أجل سلامه ومن أجل الحل والتغيير، وبالضد من مصالح الأمريكان والصهاينة التي باتت متقاطعة بشكل كبير مع مصالح أعداء الحل السياسي من السوريين.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1135