افتتاحية قاسيون 1077: جاء دور مجموعة أستانا!

افتتاحية قاسيون 1077: جاء دور مجموعة أستانا!

لعب مسار أستانا منذ انطلاقه نهاية عام 2016 دوراً محورياً وأساسياً في إنهاء الشكل العسكري من الصراع في سورية، ولزم الأمر حتى نهايات 2019 حتى يتم إيقاف هذا الشكل من الصراع بصورة كاملة تقريباً.

منذ ذلك الحين وحتى اللحظة، بات دور أستانا محصوراً بأمرين أساسيين: الحفاظ على حالة عدم الصراع العسكري، وبالتوازي، الحفاظ على العملية السياسية بعنوانها الأساسي، أي إبقاء القرار 2254 على قيد الحياة، عبر اللجنة الدستورية وعبر اجتماعات أستانا المتعاقبة.

القرار 2254، ومنذ تم إقراره بالإجماع نهاية عام 2015، ما يزال معلقاً دون تنفيذ. ومنع تنفيذه حتى الآن يعود لعوامل عديدة داخلية وإقليمية ودولية، ولكن أحد أهم تلك العوامل هو: السياسة الغربية التي تعاملت معه تعاملها مع اتفاقات مينسك، وتعاملها مع كل القرارات الدولية السابقة؛ أي بشكلٍ منافق يدّعي تأييد تلك القرارات، ويعمل بالضد منها.

منظومة أستانا ومنذ نشأتها، ورغم ما تبدو عليه من غرابة من وجهة نظر تركيبتها، إلّا أنّ هذه الغرابة بالذات هي عنصر قوتها الأساسي؛ فهي غريبة وفقاً للعالم القديم وتموضعاته وتحالفاته، ولكنها طبيعية جداً ضمن إحداثيات العالم الجديد، وتوازناته؛ فهذه المنظومة تشكل بجوهرها أحد التعبيرات الأولية- على المستوى الإقليمي- عن طريقة تكوين العالم الجديد ما بعد الغربي.

وإذا كنا قد قلنا مراراً: إنّ الغرب لا يريد الحل، ولا يريد تطبيق القرار 2254، فإنّ السنوات التي مضت لم تفعل سوى أنها زادت هذا القول وضوحاً وثباتاً، وخاصة مع المستجد الدولي الضخم مما بعد أوكرانيا.

إنّ انتقال مركز الثقل بالمعنى الدولي، يعني أيضاً انتقال مركز ثقل الحل السياسي السوري؛ والمسألة أكبر من انتقال مكاني من جنيف إلى غيرها، بل أهم من ذلك أنها انتقال نحو منظومة تصب مصالحها في تحقيق الحل وتنفيذه.

تحمل العبارات التي قالها وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لدمشق، حول مسعىً إيرانيٍ لحل «سوء الفهم» بين سورية وتركيا، مضامين عديدة ومهمة. فهذا الكلام يعني قبل أي شيء آخر أنّ مستوى التفاهم بين إيران وتركيا ضمن منظومة أستانا قد بات في مرحلة مرتفعة، مقارنة بكل المراحل السابقة، وهما الطرفان اللذان طالما عوّل الغرب على تفجير أستانا من خلال تفجير التناقض بينهما بالذات.

من جهة أخرى، فإنّ ارتفاع مستوى التفاهم ضمن أستانا ككل، وخاصة مع أخذ الكلام الإيراني بعين الاعتبار، إنما يعني أنّ العمل المباشر قد بدأ لتطويق حالة حصار سورية اقتصادياً وسياسياً، والتي يستخدمها الغرب بالتضافر مع شعار «تغيير سلوك النظام» وغيرها من السياسات، وبمعونة دول بعينها، لتمديد الأزمة، وصولاً إلى اقتلاع سورية من الاصطفاف الدولي الطبيعي لها.

بكلمة مختصرة، يمكن القول: إنّ سعي إيران لتطويق الأزمة السورية- التركية يعني أن مجموعة أستانا قد بدأت فعليا بخلق ظروف تطبيق 2254 كاملا على يدها، وهو الأمر الذي أكدت قاسيون ضرورته عبر سنوات متتالية، ليس أولها افتتاحية عددها رقم 937 في تشرين الأول 2019، والتي جاءت بعنوان: (أستانا تقود الحل... واشنطن خارجه).

إن الدفع بهذا الاتجاه لا يجوز تأخيره أو تعطيله، لأنّ الوقت هو العدو الأكبر لسورية وشعبها... وبالتوازي، فإنّ على القوى الوطنية أن تزيد من تقاربها وعملها المشترك تمهيداً لحل شامل على أساس القرار 2254، يتضمن بالضرورة خروج كل القوات الأجنبية من الأرض السورية، وعلى رأسها الصهيونية...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1077
آخر تعديل على الأحد, 03 تموز/يوليو 2022 20:38