جديد خط الغاز «العربي».. الوسيط الأمريكي: «إسرائيلي» وخدم في جيش الاحتلال!

جديد خط الغاز «العربي».. الوسيط الأمريكي: «إسرائيلي» وخدم في جيش الاحتلال!

منذ بدأ الحديث عمّا يسمى «خط الغاز العربي»، وأخباره تتأرجح بين سكونٍ يدوم أشهراً، وضجة يتصدر فيها عناوين الأخبار لساعات أو أيامٍ قليلة يعود بعدها إلى السبات.

فبالرغم من التطورات المزعومة في كل حلقة من حلقات مسلسل «خط الغاز العربي»، إلا أنّ واقع الحال هو أنّ الأمور العالقة ما تزال هي هي، ولم تسر أية خطوة إلى الأمام. رغم ذلك فإنّ هذه «التطورات»، وعلى الرغم من أنها تبدو غير ذات أهمية، إلا أنها تحمل في طيّاتها شيئاً يستحق النظر فيه، ومحاولة قراءته ضمن المشهد الإقليمي والدولي ومجرياته.
وهذا ما قمنا به في مواد سابقة حول الموضوع، بدءاً من أسئلة طرحناها عندما بدأ الكلام عنه بشكل مكثف في صيف 2021، ويمكن العودة إلى كافة المواد حول الموضوع من خلال موقع قاسيون وصفحة المركز، ويمكن قراءة ملخص سريع لكافة المواد حول الموضوع في آخر مادة نشرها المركز حول الملف.

«التطورات» الأخيرة

عودة إلى آخر المستجدات، في 21 من شهر حزيران الجاري، امتلأت صفحات الأخبار العربية والغربية بأنباء حول توقيع صفقة جديدة في إطار ما يسمى بـ «خط الغاز العربي». وفق الأخبار، تم توقيع الاتفاق في بيروت بين مصر وسورية ولبنان لتصدير الغاز «المصري» إلى لبنان عبر سورية لنقل 650 مليون متر مكعب سنوياً إلى محطة دير عمار لتوليد الكهرباء في شمال لبنان، وهذه الكمية ستساعد لبنان على إنتاج 450 ميغاوات من الكهرباء أو ما يقارب (3 إلى 3.5 ساعة كحد أقصى من الوصل الكهربائي يومياً)، وهذا سيكون بالإضافة إلى ما لا يتعدى الساعتين من الكهرباء التي تزودها الدولة يومياً في لبنان، أي أن معظم المستهلكين في لبنان سيبقون بلا كهرباء يومياً لعدد ساعات قد يصل إلى 18 ساعة.
من الجدير بالذكر، أن الدولة اللبنانية توقفت عن تزويد الكهرباء لمدة 24 ساعة في اليوم منذ ثمانينيات القرن الماضي، واستمرت ساعات الوصل الكهربائي اليومية بالانخفاض مذّاك وحتى الآن.
وكما أشرنا سابقاً، ونتيجة العقوبات الأمريكية على سورية، فإن سورية لن تحصل على أي مقابل مادي في هذه الصفقة، ولكن ستكون لها حصّة صغيرة من الغاز مقابل مرور الخط عبر أراضيها، والتي تقدّر بـ 130 ألف متر مكعب يومياً، والتي يمكن استخدامها لتوليد حوالي 18 ميغاوات (أي وصل إضافي للكهرباء في سورية مقداره 13 دقيقة يومياً!).
وفق الأخبار، فإن التنفيذ لن يبدأ إلى أن تتم تلبية شروط البنك الدولي الذي من المفترض أن يُمول المشروع، وقبل الحصول على موافقة الولايات المتحدة، أو ضمانات منها، أن الدول ذات الصلة بالمشروع لن يتم استهدافها نتيجة العقوبات، وبالتحديد ما يسمى بـ «قانون قيصر»، التي تفرضها واشنطن على سورية. وحتى الآن، فهذه الشروط هي ذاتها منذ ظهور الملف قبل ما يقارب السنة، وتحدثنا عنها من زوايا مختلفة في عدة مواد سابقة.
وكان وزير الطاقة اللبناني وليد فياض قد أشار إلى أن المبعوث الأميركي في هذا الملف، آموس هوكشتين، كان قد وعد في زيارته الأخيرة إلى لبنان بالتوسط لدى البنك الدولي للإسراع في إجراءات تمويل عملية توريد الغاز، بالإضافة إلى ما يلزم من جهة الإدارة الأمريكية، وكان آموس قد قال سابقاً: «لقد أعطينا موافقة مسبقة على المشروع، وبمجرد أن تتمكن مصر ولبنان من الموافقة على الشروط، وهو ما لم يحدث بعد، عندها يمكننا تقييم المشروع». ووفق أحد المصادر، قالت مسؤولة من الخارجية الأمريكية، فضلت عدم ذكر اسمها «نتطلع إلى مراجعة العقود النهائية وشروط التمويل من الأطراف، للتأكد من أن هذه الاتفاقية تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة، وتعالج أية مخاوف محتملة تتعلق بالعقوبات».
سابقاً، كانت كافة التصريحات تدل على أن توقيع الاتفاق الرسمي بين الدول كان متوقفاً على الموافقات والضمانات من قبل البنك الدولي والإدارة الأمريكية، وما هو غير واضح ما الذي تغيّر ليتم توقيع الاتفاق الرسمي طالما هذه الموافقات والضمانات ما زالت عالقة، كما هو غير واضح ما هي «الشروط» التي يجب أن توافق عليها مصر ولبنان للمباشرة في تنفيذ المشروع، وما هي الشروط التي تمت الموافقة عليها لإعطاء الضوء الأخضر لتوقيع الاتفاق.
للتذكير، فإنّ ما أخفقت معظم الأخبار عن ذكره في سياق الحديث عن هذا المشروع هو التنويه إلى ما أشرنا إليه في كل ما نشرناه حول الموضوع، وهو أن جزءاً من الأنابيب التي سيتم استخدامها في هذا المشروع، يتم استخدامها لتصدير الغاز غير المسال من «إسرائيل» إلى مصر، وفي ظل عدم وجود تقنيات يمكن أن تعزل الغاز «الإسرائيلي» وتمنع مروره في خط الغاز «العربي»، فإن الغاز الذي سيصل إلى لبنان عبر مصر والأردن وسورية، سيحتوي بالفعل على غاز فلسطيني مسروق... ناهيك عن الاتفاقات الموقعة بين كل من الكيان ومصر والأردن، والتي تنص صراحة على أنّ اختلاط الغاز أمر وارد ولا اعتراض عليه... كمثال على ذلك، تنصّ الفقرة 2.5 من الاتفاقية الأردنية «الإسرائيلية» على الآتي: (يُقرّ البائع [الطرفُ الصهيونيّ] بأنّ المشتري [الطرف الأردنيّ] سوف يستورد إمداداتِ غازٍ أخرى، وينقل هذا الغاز باستخدام شبكة أنابيب الغاز في الأردن).

2222222

تطورات أخرى ذات صلة

في 15 حزيران، أي قبل أقل من أسبوع من توقيع الاتفاق بين مصر ولبنان وسورية، وقعت «إسرائيل» ومصر والاتحاد الأوروبي في القاهرة اتفاقية ثلاثية للغاز الطبيعي. ستمكّن الصفقة «إسرائيل» من زيادة تصدير غازها الطبيعي من خلال خطوط الأنابيب الموجودة حالياً إلى الموانئ المصرية، حيث سيتم ضغطه وتسييله، ثم نقله إلى أوروبا.
وكانت «إسرائيل» قد وعدت في الفترة الأخيرة بتسريع إنتاجها من الغاز نظراً إلى زيادة الطلب وارتفاع الأسعار إثر الأزمة الأوكرانية، والتي كانت إحدى نتائجها المباشرة انخفاض/ تخفيض وصول الغاز الروسي إلى أوروبا.
وكانت «إسرائيل» قد وعدت أيضاً أنها بالتعاون مع دول الشرق الأوسط سوف تقوم ببيع الغاز لأوروبا. ولكن وفق الخبراء فإن إمدادات «إسرائيل» لن تتمكن في وضعها الحالي من تغطية سوى جزء ضئيلٍ من الفراغ الذي يمكن أن تتركه الموارد الروسية، حيث تنتج «إسرائيل» ما يقرب من 12 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، بينما في عام 2021، استورد الاتحاد الأوروبي 155 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا، وهو ما يمثل حوالي 45% من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز. ولذلك فإن هناك حاجة لأن تنتج «إسرائيل» المزيد من الغاز من خلال سرقة لا الموارد الفلسطينية فحسب، بل وأيضاً اللبنانية...
يأخذنا هذا إلى التطور الآخر الجاري في المنطقة، وهو النزاع القائم بين «إسرائيل» ولبنان حول حقول الغاز قبالة ساحل المتوسط، والتي تم اكتشافها خلال السنوات الماضية، والتي تم تقدير محتواها بما قد يصل إلى 1.7 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج و122 تريليون قدم مكعب أو تقريباً 3.5 تريليون متر مكعب من الغاز. بدأ النزاع قبل عدة سنوات حول أي من الطرفين لديه حق ملكية حقول الغاز التي تم اكتشافها، وحق استخراج الغاز منها، حيث تدّعي «إسرائيل» أن حقول الغاز المتنازع عليها تقع داخل «حدودها» البحرية، وهذا ما أدى إلى بدء المفاوضات غير المباشرة بين الدولتين بوساطة أمريكية لترسيم الحدود البحرية بينهما.
في 5 حزيران، تأجج النزاع من جديد بعد- أن كان خامداً لفترة- عندما قدمت شركة بريطانية لاستكشاف النفط والغاز، وبدأت بتطوير أحد الحقول الواقع في المنطقة المتنازع عليها نيابة عن «إسرائيل»، والذي أدى إلى اعتراض لبنان بأنه لا ينبغي تطوير الحقل إلا بعد الانتهاء من المحادثات لترسيم الحدود البحرية. نتيجة ذلك أتى الوسيط الأمريكي بعد بضعة أيام وعقد اجتماعاً في بيروت في سياق هذه المستجدات، وللاستماع إلى المسؤولين اللبنانيين حول بعض الاقتراحات التي سبق وقدمها في زيارة سابقة حول ذات الملف قبل عدة أشهر.
وقال الوسيط الأمريكي في مقابلة حول ما سمعه من الطرف اللبناني، أنه كان «مفاده أن الخيار الحقيقي لمستقبل لبنان، وهو الهم الأساس للرؤساء والقادة الآخرين الذين التقيت بهم، هو إيجاد حل للأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان، والتي ترتبط بشكل وثيق بملف النفط، وحل النزاع البحري يشكل خطوة أساسية وهامة من أجل إيجاد حل للأزمة الاقتصادية، وللانطلاق بمسار الانتعاش والنمو»، وأضاف، أنه يعتقد «أن ما جرى كان محاولة جدية تقضي بالنظر إلى الخيارات المتاحة للمضي قدماً، من غير أن تغفل عن بالنا فكرة أن علينا أن نقدم تنازلات وأن نفكر بشكل بناء».
وإذا كان الكلام السابق عاماً وتمهيداً، فإنّ الجوهر يبدو أوضح في جواب الوسيط عن الأسئلة الصحفية التي وجهت إليه؛ إذ يقول في إحدى الإجابات: «أمتن الملفات الذي يفترض بالجانب اللبناني إعداده هو ما قد ينجح، والحل الناجح يقضي بالإقلاع عن التفكير هل أملك أفضل قضيّة قانونية، هل أنا في أفضل موقع لي» وأضاف حول التفاوض أنه يجب أن يركز على التفكير أنه «قد لا أحصل على كل ما أردته، لكنني حصلت على ما هو أكثر بكثير مما لدي الآن، وفي حالة لبنان، هو لا شيء».
وهذا الكلام يعني وضوحاً أنّ على اللبنانيين القبول بأي فتات يرمى لهم من حقوقهم، لأنهم في أزمة اقتصادية كبيرة، ولأنهم لا يملكون شيئاً الآن، ولذا فعليهم القبول والتوقف عن المطالبة بحقوقهم بالإطار «الحقوقي» و«القانوني»، والذهاب نحو «موقفٍ عمليٍ»، أي أن يرضوا بالقليل الذي يمكن أن تقبل «إسرائيل» بمنحهم إياه من حقوقهم وترك البقية، والتوقف عن تصديع رأس الصهاينة والأمريكيين... ناهيك عن أنّ «الوسيط» نفسه، هو صلة الوصل الأساسية مع البنك الدولي، أو أنه قدم نفسه بهذه الصفة، في عملية ابتزاز إضافية، منه ومن البنك، حيث يتم اشتراط أية قروض بـ«التنازلات» التي ينبغي تقديمها...
ومن الجدير بالذكر هنا، أن الوسيط الأميركي في هذا الملف هو ذاته المبعوث الأمريكي لملف «خط الغاز العربي»، آموس هوكشتين، والذي عقد الاجتماع المذكور آنفاً في ذات الأسبوع الذي تم خلاله توقيع الاتفاق الأوروبي مع «إسرائيل» ومصر، وكان متوقعاً وفق بعض المصادر أن يتخلى لبنان عن «الادعاء» أن حقول الغاز المعنية تقع داخل مياهه الإقليمية بعد ذلك الاجتماع.
وإذا كان الابتزاز علنياً ووقحاً في الحالة اللبنانية، فإنه ليس من الصعب الاستنتاج أنه في الحالات الأخرى لا يقل وقاحة، والتنازلات المفترضة لا تقل كارثية... ومع ذلك كلّه، ومع وجود البدائل على المستوى العالمي، تستمر أنظمة المنطقة في لهاثها وراء البنك الدولي والمنظومة الأمريكية، في واحدة من أكبر المسرحيات هزلية عبر التاريخ، والتي لا بد أن تدرس يوماً ما بوصفها أحد الأشكال الأكثر تعفناً للسطوة الاستعمارية، وما تنتجه من أتباع طفيليين في الدول المنهوبة...

1076-6

من هو «الوسيط» الأمريكي لهذا الملف؟

لعل أشد فصول الوقاحة علنية، هو أن يكون «الوسيط» الأمريكي بين لبنان و«إسرائيل»، وهو نفسه المسؤول عن متابعة «خط الغاز العربي» من الجهة الأمريكية، أن يكون هذا «الوسيط» إسرائيلياً خدم في جيش الاحتلال!
في آب 2021، أي تزامناً مع بدء الظهور الإعلامي المكثف لقصة «خط الغاز العربي»، أعلن أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكي، تعيين آموس هوكشتين كمستشار لأمن الطاقة، وفي إعلان تعيينه قال بلينكين: إن تركيزه الفوري سينصب «على تنفيذ الإجراءات للحد من المخاطر التي يشكلها خط السيل الشمالي 2». لكن ما لم يذكره بلينكين في حينه، وظهر لاحقاً هو أن مهام آموس تشمل أيضاً التوسط في الخلاف الحدودي البحري بين لبنان و«إسرائيل» المرتبطة بحقول الغاز قبالة ساحل البحر المتوسط، بالإضافة إلى متابعة ملف «خط الغاز العربي» في الإدارة الأمريكية ومع البنك الدولي.
ليست واضحةً تماماً، خلفية هوكشتين العلمية، ولكنه بدأ كموظف في الكونغرس، وصعد بشكل سريع إلى مستشار سياسات في لجان العلاقات الدولية، ثم بدأ تركيزه لاحقاً على مجال الطاقة، وعمل في القطاع الخاص كمستشار وعضو مجموعات ضغط لصالح شركات نفط وغاز محلية ودولية، وعمل في وزارة الخارجية الأمريكية خلال فترة رئاسة باراك أوباما في قسم الطاقة، حيث قاد في إحدى المراحل الجهود الدبلوماسية المتعلقة بالطاقة، ولاحقاً تم تعيينه المبعوث الخاص ومنسق الشؤون الدولية للطاقة، بالإضافة إلى تعيينه كنائب وزير الخارجية لشؤون موارد الطاقة. ترك منصبه خلال رئاسة ترامب وعاد كما ذكرنا أعلاه إلى وزارة الخارجية كمستشار لأمن الطاقة أو الأمن الطاقي.
علاقة هوكشتين مع ملف الغاز في الشرق الأوسط لم تبدأ بعد تعيينه في منصبه الأخير، حيث أدلى بشهادته في جلسات استماع في الكونغرس ومنها لجان العلاقات الخارجية. على سبيل المثال: هوكشتين كان أحد المتحدثين في أيلول 2016 في جلسة للجنة العلاقات الخارجية لمجلس النواب الأمريكي بعنوان «الطاقة في شرق المتوسط: التحديات والفرص للأولويات الإقليمية للولايات المتحدة».
في مقدمة الجلسة، قال أحد أعضاء اللجنة «إن تطوير الغاز الطبيعي لديه القدرة على إحداث تغيير جذري في المشهد الجيوسياسي للمنطقة نحو الأفضل»، وأنه «منذ اكتشاف الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، تحسنت علاقات إسرائيل مع اليونان وقبرص». وأضاف «خط أنابيب محتمل يحمل الغاز الطبيعي القبرصي والإسرائيلي إلى تركيا، وعبرها لن يحسن العلاقات في المنطقة فحسب، بل يمكن أيضاً توجيهه إلى أوروبا. من شأن ذلك أن يساعد أصدقاءنا الأوروبيين في تقليل اعتمادهم على الطاقة الروسية، وتقليل النفوذ الروسي في تلك المنطقة»، و «مع الغاز الطبيعي الإسرائيلي الرخيص، يمكننا أن نرى إسرائيل تعزز علاقتها مع الأردن ومصر وتعيد تشكيل التحالفات التقليدية في المنطقة».
وأضاف أحد أعضاء اللجنة «من خلال العمل على ضمان أمن الطاقة لحلفائنا، يمكن للولايات المتحدة الانخراط في الدبلوماسية التي تعمل على تحسين الاستقرار الإقليمي». وأضاف آخر، أنه «من خلال تمكين إسرائيل من تطوير مواردها الطبيعية، بما في ذلك احتياطيات الغاز الطبيعي الكبيرة في حقول تمار وداليت وليفياثان، يمكن للولايات المتحدة تعزيز النمو الاقتصادي والمساعدة في إقامة علاقات تجارية بين إسرائيل وجيرانها، مما يعني الاستقرار في الشرق الأوسط».
تحدث هوكشتين في الجلسة وقال في البداية «سيتطلب الاستكشاف والإنتاج والتصدير الناجح لموارد الغاز الطبيعي في شرق المتوسط تماماً التعاون السياسي والتكامل الاقتصادي الذي دعمته الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في المنطقة. لا يزال هذا يمثل أولوية قصوى في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولهذا السبب قضيت قدراً كبيراً من وقتي في تكريس هذه الفرص». وأضاف لاحقاً «لن تحل الطاقة الخلافات السياسية في المنطقة، لكنها في الواقع قد قدمت بالفعل حوافز لتسريع التوافق السياسي وتشجيع التسوية». كما تطرق في كلامه إلى إمكانية إيصال الغاز «الإسرائيلي» إلى تركيا- التي تعتمد على روسيا بالدرجة الأولى وإيران بالدرجة الثانية- لتغطية احتياجاتها من الغاز، وركز في كلامه على محاولة روسيا احتكار توريد الغاز لأوروبا وأجزاء أخرى من العالم، وخاصة المنطقة.

1076-1

قراءة المستجدات ضمن الوضع الراهن

يزداد وضوح هوية مشروع «خط الغاز العربي» كمشروع غربي يوماً بعد يوم، لمواجهة الشرق وبالأخص روسيا ومسار أستانا... وفوق ذلك، بوصفه أحد المشاريع الأمريكية لـ«دعم الاستقرار في الشرق الأوسط»، والذي يعني شيئاً واحداً في القاموس الأمريكي والصهيوني، هو ذاته الشيء الذي سبق أن تحدث عنه شيمون بيريز منذ قرابة الثلاثين عاماً في كتابه الشرق الأوسط الكبير، أي التطبيع مع الكيان بالاستناد إلى ملفات الطاقة والمياه.
ما زالت الأمور غير واضحة لواشنطن حول ترتيب المنطقة استعداداً لانسحابها، وتحاول ترك أكثر ما يمكن من الأوراق بيدها إلى أن تقرر ما الذي ستحتاجه من كلٍ من الأطراف المعنية – هذا يفسر تأجيل إعطاء الضوء الأخضر للبدء بتنفيذ المشروع، مع إعطاء إيحاءات وموافقات للتقدم جزئياً، ولكن بما لا يكفي للمضي في المشروع، بانتظار الوصول إلى «التنازلات» المطلوبة.
الاستمرار بالعمل على توسيع رقعة التطبيع في المنطقة، من خلال الاستمرار بالتضييق على دول وشعوب المنطقة، من خلال إيصالها لمرحلة عدم امتلاك أي شيء، وبمساعدة من الطفيليات التي امتهنت العلاقة مع الغرب، ولا يمكنها رؤية شيء آخر في مجمل الوضع الدولي... لتأتي لحظة «إخراج الأرانب الهزيلة من القبعة» على طريقة آموس: «أفضل من لا شيء»!
الجزء المتعلق بسورية يشمل محاولة إدخال سورية في مشروع التطبيع، ومع جهودٍ ثابتة لإعاقة أي تقدم في العملية السياسية، وبالتحديد العمل لنقل القرار 2254 من على الرف إلى الإتلاف الكامل، ليتم محله تقديم تسوية ما، سواء تحت مسمى «الخطوة مقابل خطوة» أو أي مسمىً آخر، تسوية وظيفتها تعميق تقسيم الأمر الواقع، وتعميق الدمار الشامل والفوضى في كل المنطقة، والذي يسمح بتصورات الولايات المتحدة، بتحقيق هدفين أساسيين: إمكانية انسحابها مع استمرار أداء الوظيفة التي يؤديها وجودها، أي الفوضى. بالتوازي مع تأمين قلعتها العسكرية في المنطقة، أي «إسرائيل».

 

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1076
آخر تعديل على الإثنين, 27 حزيران/يونيو 2022 19:30