افتتاحية قاسيون 993: 2254 لإيقاف الانهيار
تعبّر قيمة الليرة السورية بشكلٍ مكثف، ليس عن الجانب الاقتصادي فحسب، بل وعن مختلف جوانب الكارثة التي يعيشها أكثر من 90% من السوريين، بما فيها جوانبها الإنسانية والسياسية.
وسواء حسبنا قيمة الليرة بمقياس الدولار (الذي اقترب فيه سعر الصرف من 3000 ليرة سورية للدولار الواحد)، أو الذهب أو تكاليف سلة المعيشة، فإنّ النتيجة هي ذاتها تقريباً: انهيار متسارع ودون أية حلول، بل ودون أية رغبة لدى المنظومة السائدة في البحث عن حلول.
خلال ست سنوات، بين نهايات 2012 ونهايات 2018، تراجعت قيمة الليرة السورية مقابل الذهب إلى ربع قيمتها، وخلال السنتين الأخيرتين فقط، بلغ الانهيار حداً كارثياً بحيث باتت قيمة الليرة نهاية 2020، 11% من قيمتها نهاية عام 2018؛ أي: إنّ سرعة الانهيار تضاعفت خلال السنتين الأخيرتين بأكثر من 10 أضعاف ما كانت عليه خلال السنوات الست الأولى من الأزمة... وما تنبئ به هذه السرعة، وهذا التسارع في الانهيار، إذا ما استمرت الشروط الأخرى على حالها، هو أنّنا على عتبة سقوط حر تصعب معرفة نهايته.
إنّ تفسير هذا الانهيار يكمن في مجموعة عوامل واضحة وأساسية، على رأسها: استمرار الأزمة، وتقطع أوصال البلاد والعقوبات، وأهم من ذلك كلّه، الفساد الكبير المعشش داخل المنظومة السياسية السائدة، والذي هو نفسه السبب الأساس في إعاقة الحل، وفي تكريس تردي الأوضاع.
إنّ ما فعلته منظومة الفساد «الليبرالي»، أنها حطمت دور جهاز الدولة بشكل تدريجي عبر العقدين الماضيين، وبشكل متسارع خلال السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك عمليات رفع الدعم وفتح الأبواب للمحتكرين الكبار ليلتهموا الشعب السوري، ابتداءً من أساسيات عيشه ووصولاً إلى كل مناحي حياته، ووصولاً إلى اختراع أشكال جديدة للنهب وللتجارات غير المشروعة.
التردي المستمر، ينعكس بشكل مؤلم وعنيف في أوضاع السوريين المعيشية والاجتماعية، ويشرّع الأبواب أمام ولادة جملة من الكوارث الجديدة، ولعل استمرار التضييق على السوريين في لقمة عيشهم يستهدف ذلك في نهاية المطاف، ولكنه أيضاً يستهدف مؤقتاً الضغط إلى الحدود القصوى لإعاقة أية إمكانية للاحتجاج المنظم في وجه السياسات المتوحشة المتبعة.
ما ينبغي أن يكون واضحاً، هو أنّ الانهيار الذي يعيشه الشعب السوري، والذي يفتح الباب أمام انهيار الدولة نفسها، يعبر أيضاً عن انهيار المنظومة السائدة بمعنى فقدانها لأية وظيفة اجتماعية.
إنّ وقف الكوارث التي يعيشها السوريون يتطلب بشكل متزامن الشروع في تغيير جذري شامل للمنظومة التي تتسلط ضمنها قوى النهب، بالتوازي مع رفع العقوبات الغربية الإجرامية، والتي لا تصيب إلّا عامة السوريين... وهذا كلّه يمر عبر طريق واحد، هو: التطبيق الفوري الكامل للقرار 2254.
لتحميل العدد 993 بصيغة PDF
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 993