بين شبيحة النظام وشبيحة المعارضة!
بعد كل ما شهدته البلاد من أحداث عنف وعنف مضاد، ومظاهرات معارضة ومسيرات مؤيدة، وبعد عمليات التشبيح وعمليات التذبيح، وبعد أن ازداد الحقد والكراهية من الطرفين، ظهر على سطح الأزمة (شبيحة المعارضة) الذين هم على غرار (شبيحة النظام).. والحقيقة أن كلا النوعين من الشبيحة هو عدو للشعب، وهو بالتالي عدو لسورية، لأن كليهما يعبر عن مصالح أنانية تصب في نهاية المطاف في مصلحة قوى الفساد.
شبيحة النظام مستعدون لفعل المستحيل بما في ذلك قتل الآلاف إذا تطلب الأمر ليبقى النظام، وبالمثل، فإن شبيحة المعارضة مستعدون لفعل المستحيل بما في ذلك استدعاء التدخل الخارجي وقتل الآلاف ليرحل النظام.
إن سلوك كلا الطرفين على الأرض لا يعبر عن مصالح الشعب السوري مهما ادّعى كلاهما أنه كذلك، وكلا الطرفين غير وطني لأنهما في العمق يفهمان سورية على أنها مجرد ساحة الصراع التي سوف ينتصرون أو يهزمون بها، ولا يدركون (أو لا يريدون أن يدركوا) أنها «الوطن».
لذلك، ولأننا - نحن أبناء الشعب السوري - نرفض التشبيح من أساسه، فعلينا أن نحذر من الانزلاق إلى صفوف هؤلاء الشبيحة، وأن ندرك أن لنا عدواً واحداً هو الفساد الكبير الذي تربى ونشأ في ظله الشبيحة وحيتان المال، وبسببه وصلنا إلى ما نحن فيه. ومن هذا المنطلق علينا أن نسحب أنفسنا من الانقسام هذا الذي عمل أعداء سورية في الداخل والخارج على إحداثه، والذي يعتمد على مبدأ (موال أو معارض) لأن هذا الانقسام وهمي، وكانت نتائجه سلبية وستبقى، والدليل أننا لم نتوصل لحل للأزمة حتى الآن، بل زادت معدلات العنف، وزاد الفاسدون فساداً، وزاد الفقراء فقراً، وازدادت نسبة التشرد والتهجير والمعتقلين والشهداء..إلخ..
أي أنه علينا البدء بالعمل على أساس الفرز الحقيقي، والذي هو (وطني أو لا وطني)، وهنا علينا أن نتذكر أنه لا يمكن للفاسدين أن يكونوا وطنيين، ولا يمكن للمعارضين الحقيقيين إلا أن يكونوا وطنيين، وليس أمامنا من سلاح لمواجهة الأزمة سوى الوعي والتمسك بالثوابت الوطنية وتشديد روابط الوحدة الوطنية وإجراء مصالحة وطنية تضمن إمكانية إعادة لحمة أبناء الوطن، وصولاً للحل الشامل لتحقيق مطالب الناس المحقة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتجنيب البلاد الوقوع في الجحيم..
إن نبذ مثل هذه الأصناف من «شبيحة الأزمة بنوعيهما» يعطينا ضمانة لحل داخلي آمن يصون كرامة الوطن والمواطن..