بعد العقوبات على النفط السوري.. فلنؤمم شركات النفط!!
تأتي العقوبات الجديدة المفروضة على سورية، ومن ضمنها على النفط السوري، لتؤكد أنه ما من حل في الحاضر والمستقبل لدعم أي موقف وطني ممانع في مواجهة الإمبريالية والصهيونية إلا بالاعتماد على عناصر القوة الداخلية من شعب وجيش وقوى ومؤسسات وشركات وطنية.
العقوبات الأخيرة، وبغض النظر عن الذرائع المعلنة، تستدعي رداً وطنياً لا يقل حزماً، على المعاقِبين الدوليين المتحالفين، وهنا لا يجب التلويح بأقل من تأميم كل معدات ومقرات وآليات وأموال وعقود جميع الشركات النفطية الملتزمة بتنفيذ العقوبات، التي كانت حتى ما قبل إقرار هذه العقوبات تعمل في سورية، ونعني هنا تحديداً الشركات الأوربية والأمريكية والكندية، وصولاً إلى تنفيذ ذلك بأسرع ما يمكن!.
فالنتائج السريعة لهذه العقوبات بالحد الأدنى هو انخفاض أسعار النفط السوري، وبالتالي حدوث نقص حاد بالقطع الأجنبي في الخزينة السورية، ما سيؤثر سلباً بشكل سريع على أرقام الموازنة وعلى الاقتصاد الوطني ومعيشة الناس.. كل الناس، بغض النظر عن موقفهم من النظام.
إن الحفاظ على مستوى الإنتاج النفطي وذلك عن طريق تطبيق القوانين الخاصة بشركاتنا الوطنية، أصبح ضرورة لا بد منها في هذه الظروف الحساسة، وعلى الحكومة أن تعي أن النفط المتعاقد عليه مع الشركات الأجنبية هو خارج نطاق السيطرة الوطنية، لذا عليها من الآن فصاعداً الحفاظ على ما تبقى من النفط الذي لم يتعاقد عليه بعد مع الشركات العابرة للقارات، والذي يعتبر الضمانة لصمود الاقتصاد الوطني في مواجهة تلك العقوبات.
الحريصون على الاقتصاد الوطني وعلى الثروات الوطنية، لم يتركوا مناسبة إلا وتحدثوا عن ملف الخبرات الوطنية المهجّرة، ومنافسيهم «الأجانب» الذين يأكلون الأخضر واليابس، رغم أن الكفاءات المحلية لا تقل علماً وخبرة، وهو ما يثبته تهافت الدول العربية النفطية على إغراء واصطياد العقول السوريّة التي لا تفتأ تتسرب إلى الخليج تحت مرأى مسؤولي وزارة النفط ومؤسساتها، وربما بمساهمات مقصودة أو غير مقصودة من الكثيرين منهم، إذ ما انفكوا يمارسون دوراً خطيراً في «تطفيش» الكوادر المؤهلة والمنفق عليها الكثير إلى خارج البلاد.
كلنا يعرف بأن ثمة اشتغالاً على الخبير الوطني تدريباً وتأهيلاً للقيام بالمهام الجسام، والإنفاق الذي يصرف على هؤلاء ليس بالقليل، والدولة تتحمل أعباء ونفقات مالية في هذا الإطار، ومع ذلك يبرز التوجه لاستيراد الأجانب بصورة فاقعة، ويأتي الخبير الأجنبي ليحصد مئات الآلاف شهرياً (87.5٪ من كتل الرواتب لدى إحدى شركاتنا النفطية يأخذه الأجانب في حين أن 13.5٪ فقط من الرواتب للكادر الوطني).
واللافت كما سُرّب إلينا قبل فترة، أن الخبير الواحد يتقاضى إضافة إلى مرتبه الضخم تعويضاً ندفعه له بالدولار تحت مسمى «بدل مخاطر إرهاب»، وكأننا نقر «خانعين» بأننا إرهابيون، لتكون النتيجة المنطقية لذلك، عقوبات جاهزة تحت هذا البند متى شاء الغرب الرأسمالي.
المطلوب اليوم حل سياسي وطني ينهي الأزمة العميقة التي تمر بها البلاد، وينتقل بسورية إلى الدولة الديمقراطية التعددية.. دولة العدالة الاجتماعية المقاومة القوية والموحدة، الدولة التي لا تفرط بثرواتها ببيعها كمواد خام، ولا تفرّط بأبنائها تهجيراً أو قمعاً أو تهميشاً..